ليس صحيحا ما ذكرته صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية المحافظة أن شعبية الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" في المنطقة العربية ومصر خاصة تدهورت أكثر مما كانت عليه في عهد سلفه الجمهوري جورج بوش وأن أوباما اصبح مكروها من العرب أكثر من كراهيتهم لبوش. إننا نؤكد للصحيفة التي تعبر عن وجهة نظر التيار اليميني داخل الحزب الجمهوري أنه لم يسبق للعرب - ومصر خاصة - أن كرهوا رئيساً أمريكياً كما كرهوا جورج بوش الابن الذي غزا العراق وأوقع من شعبها مليون شهيد وتسبب بجهله وغطرسته في قتل مئات الآلاف من الافغانيين علي يد قواته وقوات حلف شمال الأطلنطي وقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين بتشجيعه لإسرائيل علي تدمير قطاع غزة فوق رءوس سكانه. ويكفي دليلاً علي الكراهية المتناهية التي يكنهاپالعرب لبوش الحذاء الذي تلقاه في وجهه من الصحفي العراقي منتظر الزيدي عندما زار بغداد قبل انتهاء مدة رئاسته بشهور. وإذا كانت شعبية أوباما لدي العرب وفي مصر بالذات قد هبطت من 30 في المائة إلي 5 في المائة - كما قالت الصحيفة - فإن شعبية بوش كانت دون الصفر في مصر وعند العرب وأعتقد أن كم الكراهية الذي نال بوش من العرب لم ينله احد من الرؤساء الأمريكيين قبله سوي ليندون جونسون الذي كانت مواقفه سافرة وفاجرة في تأييده لإسرائيل وتشجيعه لعداونها علي مصر والفلسطينيين. ما من شك أن العرب والمصريين يكرهون أمريكا - كما تعترف الصحيفة بذلك - وما من شك أيضا أن شعبية أوباما الكاسحة التي حظي بها لدي العرب بعد انتخابه عام 2008 قد تدهورت تماماً حالياً لأن العرب علقوا آمالا كبيرة عليه بعد انتخابه ليعدل ميزان بلاده في التعامل معهم ومع إسرائيل حتي أنه بدا - كما ذكرت "واشنطن تايمز" - وكأن العرب انتخبوه مع الناخبين الأمريكيين. لكن أوباما خيب ظنهم ولم يختلف في سياسته عمن سبقوه من الرؤساء وقد سبق أن حذرنا من هذا التفاؤل لأنه مبني علي غير اساس.. وقلنا إن أي رئيس أمريكي مهما كانت نواياه طيبة تجاه العرب لا يستطيع أن يخرج عن النص أو عن خارطة الطريق التي يضعها صناع القرار في واشنطن والذين يتركزون في مجلسي النواب والشيوخ وقوة رأس المال المؤيدة لإسرائيل وجماعات الضغط الصهيونية وغير الصهيونية الموالية لها. الصحيفة تنسب إلي أوباما أنه السبب في زيادة كراهية العرب لأمريكا.. وتقول: صحيح العرب لا يحبون أمريكا ولكنهم كانوا يخشون قوتها الرادعة.. لكن أوباما بلهجته الضعيفة أفقد واشنطن حزمها وقسوتها وأن الأحداث في المنطقة العربية وآخرها الأزمة بين مصر وإسرائيل تثبت أن العالم العربي لم يعد يحترم أو يخشي القوة الأمريكية. إننا نعلم تماما أن أمريكا ستظل هي أمريكا في سياستها تجاه العرب وإسرائيل سواء تحت قيادة أوباما أو غيره.. لكننا نؤكد أنه مع حرصنا علي إقامة علاقات طبيعية مع واشنطن سوف نخرج من عباءة الرئيس السابق حسني مبارك ولن نكون بعد الآن خانعين لسياستها ولا تابعين لها.. بل سنعاملها معاملة الند بالند. إن الحكم الديمقراطي الذي نحن مقبلون عليه إن شاء الله سوف يسير بمصر إلي الأمام وستعود لها قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية وسوف تسترد مكانتها لتكون هي المحور الأساسي في توجيه سياسة المنطقة وسنجبر العالم كله وفي مقدمته أمريكا علي احترامنا واحترام ارادتنا.. وعلي أمريكا بالذات أن تفهم ذلك.