للعام الثاني علي التولي تمكنت مافيا تجار القمح من الضحك علي الحكومة ونهب جزء كبير من أموال الدعم المخصصة للمزارعين. قامت المافيا بتوريد كميات كبيرة من القمح ¢علي الورق¢ فقط وتسجيله في محاضر وهمية بينما لا توجد بالشون والصوامع سوي كميات قليلة. وتسعي المافيا حاليا إلي شراء كميات كبيرة من المستوردين بزيادة 100 جنيه عن كل طن رغم انخفاض الأسعار العالمية وذلك لسرعة توريده للشون والصوامع لمواجهة العجز الكبير الموجود في الشون والصوامع وذلك قبل قيام الأجهزة الرقابية بكشف التلاعب الذي حدث. استطاعت المافيا تحقيق مكاسب هائلة من الأموال المخصصة لدعم الفلاحين لا تقل عن مكاسب العام الماضي التي وصلت إلي 2.5 مليار جنيه حيث استغلوا فارق السعر الموجود بين القمح المحلي والقمح المستورد الذي يصل إلي 1000 جنيه لصالح القمح المحلي. كان موسم التوريد قد بدأ في 15 ابريل الماضي وسط إجراءات مشددة من وزارة الزراعة لمنع المافيا من توريد أقماح مستوردة والحصول علي قمح محلي فقط من المزارعين حيث كان التوريد يتم بموجب بطاقة الحيازة الزراعية وكشوف الحصر وبالتالي كانت الأرقام الموردة حقيقية وطبيعية إلا أن المافيا سارعت بالتحرك وقادت حملة اعلامية هائلة للايهام بأن وزارة الزراعة ترفض استلام القمح المحلي من المزارعين مما أدي إلي تدخل الحكومة واصدار تعليماتها بالحصول علي كل الكميات الموردة وإلغاء شرط الحيازة الزراعية مما حقق أهداف المافيا واستطاعت بالتواطؤ مع لجان الاستلام والفرز الموجودة بالشون والصوامع توريد كميات كبيرة ¢علي الورق¢ فقط والحصول علي المستحقات المالية علي الفور. وزادت الأرقام المعلنة للتوريد بمعدلات غير مسبوقة وبصورة لا يقبلها عقل ولا منطق خاصة انه لا توجد وسائل نقل كافية لنقل كل هذه الكميات التي أصبحت تقترب من ال 5 ملايين طن رغم أن موسم التوريد مازال مستمرا حتي نهاية الشهر الحالي ولو استمر بمعدلات المعدلات الحالية من الممكن أن يصل التوريد إلي 6 ملايين طن وهو ما لم يحدث طوال تاريخ توريد القمح الذي كان يتراوح ما بين 3 ملايين إلي 3.5 مليون طن فقط. وقد انهالت البلاغات علي جهاز الرقابة الإدارية ومجلس النواب لإجراء تحريات حول ما حدث في موسم التوريد وتقديم المخالفين للمحاكمة ورد الأموال المنهوبة وقدم أصحاب البلاغات معلومات عن أصحاب الشون الذين شاركوا في هذه مؤكدين انه في حالة الجرد الفعلي بمعرفة الجهات الرقابية سيثبت أن هناك عجزا وانه حدث تسليم ¢وهمي¢ بكميات كبيرة. يقول أشرف عطا الله - تاجر قمح بالدقهلية. إن الأرقام التي تعلنها الحكومة كل يوم عن زيادة توريد القمح إلي ما يقرب من 5 ملايين طن غير صحيحة مؤكدا أن الكميات الحقيقية التي تم توريدها تتراوح ما بين 2 مليون و300 الف طن و2 مليون ونصف مليون طن.. بينما باقي الكميات إما أن تكون قمحاً مستورداً أو تم تسجيلها علي الورق فقط. أضاف ان أقصي توريد يمكن أن يتحقق يوميا لا يمكن أن يزيد علي 80 ألف طن نظرا لأنه يتطلب توفير اكثر من 1500 جرار زراعي لنقل هذه الكميات وهو ما يصعب توفيره يوميا. أوضح عطا أن المشكلة هذا العام والتي أدت إلي زيادة الفساد عن العام الماضي يرجع إلي قرار وزير الزراعة بربط التوريد بالحصر الزراعي خلال الموسم مشيرا إلي أن الجمعيات الزراعية استغلت التجار والفلاحين وباعت الحصر الزراعي لمن يدفع مما دفع اصحاب الصوامع الخاصة في توريد القمح المستورد للشون علي أنها قمح محلي والاستفادة من فرق السعر الذي يصل إلي 1000 جنيه عن كل طن. من ناحية أخري مازالت لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب برئاسة د. علي المصيلحي تدرس فتح ملف توريد القمح المحلي أمام اعضاء النواب للتعرف علي حقيقة ما حدث والأخطاء التي وقعت فيها الحكومة وكشف اسماء المخالفين والمافيا التي نهبت أموال الدعم المخصصة لمزارعي القمح.. إلا أن اللجنة لم تتخذ أي قرار حتي الآن حول فتح الملف خاصة أن بعض النواب يطالبون بتجاهل ما حدث وعدم كشف المستور.