منذ حوالي عامين بدأ د. خالد حنفي وزير التموين والتجارة والداخلية تنفيذ منظومة التموين الجديدة التي استهدفت توصيل الدعم لمستحقيه.. واستطاعت هذه المنظومة صرف السلع التموينية مجاناً للمواطنين مرتين كل شهر وذلك لأول مرة المرة الأولي من خلال تخصيص سلع ب 15 جنيهاً لكل فرد مقيد بالبطاقات والمرة الثانية من خلال ما أطلق عليه "بدل نقاط الخبز" حيث يحصل المواطنون علي 10 قروش عن كل رغيف يقوم بتوفيره من إجمالي 150 رغيفاً يحصل عليها شهرياً. ولا شك أن هذه المنظومة أسعدت ملايين المصريين ونجحت بالفعل في توصيل الدعم لمستحقيه.. ولكن لم يمض سوي عام واحد فقط حتي ظهرت مشاكل كثيرة في ظل غياب الرقابة وأصبحت المنظومة كلها مهددة بالانهيار بعد اكتشاف المواطن أن البطاقات الذكية الممغنطة "صينية الصنع" وغير صالحة للعمل فترات طويلة كما أنها سريعة التلف.. والنتيجة أن شركات البطاقات الذكية قامت بنهب أموال الدعم من المواطنين تحت أعين المسئولين بوزارة التموين دون أن يتحرك أحد لوقف هذه المهزلة. وقد زادت قيمة دعم الخبز والتموين لتصل إلي 41 مليار جنيه منها 10 مليارات جنيه علي الأقل تذهب لجيوب المافيا. أصبحت الحكومة تعطي الدعم للمواطنين باليد اليمني بينما تسرقه الشركات الذكية والبقالون وأصحاب المخابز باليد اليسري!! وقام البقالون برعاية وزارة التموين زيادة أسعار السلع التموينية ووصل سعر زجاجة الزيت التي تباع في الأسواق ب 8 جنيهات إلي ما يتراوح بين 10 و 12 جنيهاً والأرز الذي يباع ب 5.4 جنيه للكيلو بالأسواق أصبح يباع في التموين ب 5.5 و5.6 جنيه للكيلو.. وفي العديد من المحافظات اختفت السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز وأصبح التموين عبارة عن مياه غازية وجبنة وتونة!! واللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط!! الشركات الذكية الثلاث التي تحتكر بطاقات التموين فشلت في إدارة المنظومة وأصبحت متخصصة في نهب أموال الدعم من خلال إجبار المواطنين الذين تتلف بطاقاتهم علي إرسال حوالة بريدية بمبلغ 20 جنيها لإعادة تنشيط البطاقة ثم يفاجأ المواطن بأن البطاقة لا تعمل!! كما فشلت الشركات الذكية في تحويل البطاقات الورقية إلي بطاقات ذكية.. والغريب أن وزارة التموين لا تعرف عدد هذه البطاقات بالضبط.. فالوزير أكد في البداية أن عددها لا يزيد علي عدة آلاف ثم قال إنها 200 ألف بطاقة وفي آخر تصريحاته أكد أن عددها يقترب من نصف مليون بطاقة ولا أحد يعرف الحقيقة علي وجه التحديد!! وأصحاب هذه البطاقات محرومون من الحصول علي الخبز المدعم الذي يباع بسعر 5 قروش للرغيف ويضطرون لشرائه بسعر 30 قرشاً للرغيف!! مع المواطنين "المساء الأسبوعية".. قامت بجولة في عدد من مكاتب التموين بالقاهرة والجيزة لتنقل للمسئولين معاناة المواطنين في الحصول علي الدعم الذي خصصته الحكومة والذي وصل إلي أكثر من 41 مليار جنيه تنهب مافيا المخابز والبقالون والشركات الذكية أكثر من نصفه أي أكثر من 20 مليار جنيه. تقول زينب زكي شاكر التابعة لمكتب تموين صفط اللبن بالجيزة: توفيت والدتي وأردت تنفيذ القانون وحذف اسمها من بطاقة التموين وتقدمت بالفعل لمكتب التموين الذي قام بحذف الاسم وتسلمت البطاقة وفوجئت بأن البطاقة أصبحت لا تعمل فطلبوا مني عمل حوالة بريدية بمبلغ 20 جنيهاً ولم تعمل البطاقة وطلبوا عمل حوالة بريدية بمبلغ 20 جنيهاً أخري ولم تعمل البطاقة أيضاً.. وذهبت للمكتب أكثر من مرة رغم أنني أقيم بالسيدة زينب مما يكبدني مضروفات كبيرة في المواصلات وأنا علي هذا الحال منذ حوالي عام واتصلت بغرفة عمليات وزارة التموين فكانت الإجابة الصادمة من موظف الغرفة: "انتي اللي عملتي في نفسك كده"!! الدعم النقدي أفضل وتقول سناء حسين علي السيد - التابعة لمكتب تموين إمبابة-: تعرضت بطاقتي الذكية للتلف منذ حوالي شهر فتوجهت لمكتب التموين الذي طلب مني إعادة تقديم جميع الأوراق الخاصة بالأفراد المقيدين بالبطاقة رغم انني سبق لي تقديم هذه الأوراق للمكتب.. ولكنهم أصروا علي تقديمها مرة أخري فقدمتها ثم أجبروني علي دفع حوالة بريدية بمبلغ 20 جنيهاً ورغم ذلك لم يحدث أي شيء وفوجئت أن هناك حالات مشابهة لم يصرفوا التموين منذ أكثر من سنة بسبب تلف بطاقاتهم الذكية. تؤكد ضرورة تحويل الدعم إلي "نقدي" بدلاً من "عيني" حتي يصل بالفعل إلي مستحقيه دون وسطاء. ويتفق معها محمد أحمد رضوان التابع لمكتب تموين الخمراوية بشبرا الذي يحكي معاناته مع بطاقة التموين قائلاً: فصلت اسمي من بطاقة والدي لاستخراج بطاقة خاصة لي وكان ذلك منذ حوالي عام.. ثم فوجئت بمكتب التموين يقول لي إن الرقم القومي" لبطاقتي هو نفس الرقم القومي لشخص آخر يدعي محمد صابر عبداللطيف وذهبت إلي مصلحة الأحوال المدنية بالعباسية الذي أكدوا لي أن كلام مدير مكتب التموين "كلام فارغ" وأن رقم بطاقتي القومي لا يحمله أي شخص إلا أن مدير مكتب التموين أصر علي موقفه والنتيجة انني مازلت أحمل بطاقة ورقية ومحروم من صرف الخبز المدعم واضطر لشراء الرغيف بسعر 30 قرشاً بدلاً من 5 قروش!! .. وفي مكتب تموين بولاق الدكرور بشارع العشرين بفيصل يضطر المواطنون الغلابة إلي افتراش الأرض يومياً لتنشيط بطاقاتهم الذكية التي تعرضت للتلف وهم يأتون من مناطق مختلفة بالهرم وفيصل ثم يفاجأون بأن بطاقاتهم لا تعمل أيضاً. تقول أم أحمد: كنت أصرف بالبطاقة القديمة 5 أفراد وعندما استخرجت البطاقة الذكية أصبحت أصرف 3 أفراد وشكوت كثيراً ولكن لا أحد يستمع أي شيء لأن الزحام شديد والوصول لموظف مكتب التموين صعب جداً!! أين الوزير؟! ويقول إبراهيم أحمد حسن من سكان إمبابة: فوجئت عند الذهاب لبقال التموين لصرف السلع التموينية بأن البطاقة "سوداء" أي ليس لها رصيد وطلبوا مني الذهاب إلي وزارة التموين لتنشيطها وهناك فوجئت بمئات المواطنين يتكدسون يومياً أمام مكتب صغير به موظف واحد لتنشيط البطاقات واضطررت للحصول علي إجازات عديدة من عملي لتنشيط البطاقة دون جدوي مؤكداً أنه لا يستطيع الحصول علي الخبز المدعم. ويتساءل: لماذا لا ينزل وزير التموين في جولة ميدانية علي مكاتب التموين ليعرف حجم معاناة الناس؟! كما يتساءل: لماذا لا يتم صرف الدعم نقدا للمواطنين سواء من خلال مكاتب البريد أو أي جهة أخري ويقوم المواطن بشراء احتياجاته من أي محل بقالة أو سوبر ماركت أو مجمع استهلاكي بدلاً من هذه البهدلة.. وحتي يتوقف نهب الدعم سواء من البقال التميوني أو من شركات البطاقات الذكية؟!!! بطاقتي اتسرقت!! وفي مكتب تموين المرج يقول محمد حسنين أحمد: دفعت رسوم البطاقة الذكية ثم ذهبت إلي مكتب التموين فقالوا لي: بطاقتك اتسرقت!! فذهبت إلي وزارة التموين فطبوا مني التوجه إلي مقر شركة البطاقات الذكية لمعرفة السارق!! وهناك لم أصل إلي أي نتيجة ومازلت منذ أكثر من 6 أشهر أبحث عن بطاقتي المسروقة. يتساءل: كيف سرقوا بطاقتي.. والشركة المنتجة لا تستطيع إيقاف تشغيلها وطبع بطاقة جديدة لي ونحن في عصر التكنولوجيا كما يحدث مع بطاقات الرقم القومي؟ أكد أن شركات البطاقات الذكية هي المسئولة عن هذه الأزمة مشيراً إلي أنه لابد من معرفة اصحاب هذه الشركات وما هو النفوذ الذي يتمتعون به حتي لا يستطيع أحد الاقتراب منهم ومحاسبتهم؟! نفس الأمر تكرر مع فؤاد عبدالرازق أحد أصحاب بطاقات التموين الورقية الذي تقدم لمكتب تموين المرج للحصول علي بطاقته الذكية وفوجئ بأن الشركة تخبره بسرقة البطاقة بدون معرفة المسئول عن السرقة مؤكداً أنه قام بتسديد حوالات بريدية كثيرة وفي كل مرة يدفع 20 جنيهاً ثمناً للحوالة الواحدة دون جدوي!!