أجد في الاتفاق الروسي الأمريكي برعاية هدنة بين الجيش السوري وفصائل المعارضة. إهانة ليست للشعب السوري بقدر ما هي للأقطار العربية كلها. فرضت علي القطر السوري من خارج حدوده حرباً قاسية. شارك في تدبيرها. وتمويلها. وتصعيدها. قوي كبري وإقليمية لا تستهدف صالح القطر السوري. بل يشغلها إضعافه وتفتيته. اتساقاً مع المخططات التي أعقبت انفصال أقطار الوطن العربي عن دولة الخلافة العثمانية. ومنها زرع جسم استيطاني غريب في قلب المنطقة. واختلاف عوامل الخلاف والفرقة والأزمات والصراعات والحروب القطرية. فضلاً عن الحروب الأهلية داخل كل قطر. من الصعب أن نحدد موعداً لبدء التوغل الاستعماري في المنطقة العربية. فهو قائم في زمن الخلافة. وتواصل بعد أن أفلح أتاتورك في تقويضها. وكان عميل المخابرات البريطانية لورانس ملمحاً في مؤامرات الاستعمار. توالت بعده ملامح ومعالم أخري. أخطرها كما أشرت الجسم السرطاني في البدن العربي. ثم التنظيمات المتأسلمة التي دمرت البنية الحضارية والمدنية لأقطار الوطن العربي. أستعيد ما أشرت إليه من قبل. وهو أنه كان بوسع النظام السوري أن ينتبه إلي خطورة التدبير. فيحتضن المظاهرات السلمية التي أرهصت للأسف بما يعانيه الشعب السوري الآن من أحداث دموية.. لكنه واجه الشعارات المغناة. والدعوة إلي التغيير السلمي. بالقوة المسلحة. مما أتاح للقوي الخارجية أن تتسلل بالسلاح والمال والدعم. لتنشأ فصائل مشبوهة تعمل تحت شعارات زائفة علي تدمير كل مظاهر الحياة في الأرض السورية. أخشي أن المرحلة التي يعيشها الوطن العربي الان هي مرحلة ما قبل إسدال الستار. لم يعد المد الاستعماري والارهابي مقتصراً علي قطر بذاته. بل إن غالبية الاقطار العربية تحولت إلي ساحات للدمار والافناء والمحو. وحين فطنت واشنطن إلي قرب زوال التنظيمات الإرهابية في مدن سوريا. جاوزت التسليح والتدريب والدعم إلي دخول الأرض السورية علانية بجنودها. أدرك صناع قرارات التآمر أن ما صنعوه من خلال الدمي التي حركوها. لم يحقق النتائج التي توقعوا التقاط ثمارها. فنزعوا قناع السعي إلي الصلح والسلام بين أبناء الوطن. وطالعوا الشعب السوري. والوطن العربي. والعالم بالوجه الحقيقي للاستعمار الذي يقبل بكل ما يعمق الفتن والصراعات وعمليات التدمير. ويرفض ما عدا ذلك. إذا كنا نرفض الوصاية الأمريكية الروسية علي القطر السوري. فإن المقابل القومي ممثلاً في القيادات العربية المسئولة هو الجهة المسئولة عن تماسك البنية القومية. وتخليصها من براثن المؤامرات. هذه هي المهمة الأولي لأحمد أبوالغيط. لعله يفلح فيما أعجزت البيروقراطية سلفه عن أدائه!