كثرت الأحاديث والاجتهادات للبحث عن مخرج سياسي آمن للأزمة التي أثيرت حول السيادة علي جزيرتي تيران وصنافير.. وذلك انطلاقاً من الحرص الشديد علي العلاقات الاستراتيجية المتينة بين الشعبين الشقيقين في مصر والسعودية.. وعدم السماح بترك أية فرص للعبث وبث الفتن بينهما حاضراً ومستقبلاً. وكنت قد طرحت اقتراحاً في هذه الزاوية يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان "الأزمة والمخرج" يقضي باستصدار قرار من الجامعة العربية لتحويل الجيوب الحدودية والمناطق المتنازع عليها بين الدول العربية جميعاً إلي مناطق استثمار مشترك بين الدولتين المتجاورتين تتقاسمان خيراتها معاً.. بما في ذلك جزيرتا تيران وصنافير وحلايب وشلاتين.. ويصبح ذلك حلاً جماعياً في إطار الأسرة العربية الواحدة بالتعاون والمشاركة وليس بالغلبة.. باعتبار الأرض في النهاية عربية والشعوب في النهاية تنتمي لقومية عربية واحدة. هذا طرح قد يصيب وقد يخطئ.. لكنه يحمل نية حسنة ومحاولة جادة لتقديم رؤية سياسية للحل.. واليوم أقدم رؤية أخري لحل سياسي للدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية المشهور وصلتني عبر بريدي الالكتروني "الإيميل" ورأيت أنه قد يكون من المفيد عرضه علي الرأي العام في إطار الحوار عن الأزمة والمخرج. يقول الدكتور نافعة: "تثير الأزمة الحالية حول جزيرتي تيران وصنافير شكوكاً وتساؤلات كثيرة.. خصوصاً أنها تأتي في وقت تزايد فيه الأمل في وقف حالة التردي التي يمر بها العالم العربي. من خلال تحالف مصري سعودي قادر علي تشكيل نواة لإعادة بناء النظام الإقليمي علي أسس جديدة.. ومن المؤكد أن هناك أطرافاً محلية وإقليمية ودولية كثيرة لا تريد لهذا التحالف أن يتم وتسعي لقطع الطريق عليه.. لذا يتعين علي مصر والسعودية أن يعملا سوياً لحماية هذا التحالف البازغ بكل الوسائل المتاحة. وعدم ربطه مطلقاً بقضية ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين.. مع الحرص في الوقت ذاته علي المضي قدماً في تنفيذ بروتوكولات التعاون التي أبرمت في مختلف المجالات". وللخروج من هذا المأزق يقول د.نافعة علي حكومتي البلدين أن تتعاملا بحكمة شديدة وذلك باتباع الخطوات التالية: تتولي الحكومة المصرية عرض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية علي مجلس النواب وفقاً لما يقضي به الدستور المصري. يتعين علي مجلس النواب قبل مناقشته للاتفاقية أن يقوم بتشكيل لجان استماع من خبراء فنيين علي أعلي مستوي من كافة التخصصات ومن كافة الاتجاهات. كي يكون علي بينة بالحقائق التاريخية والجغرافية والسياسية والاستراتيجية والأمنية ذات الصلة عند التصويت عليها بالموافقة أو الرفض. إذا وافق مجلس النواب علي الاتفاقية يفضل أن تقوم الحكومة بطرحها بعد ذلك لاستفتاء شعبي. حتي ولو كانت تعتقد أنها ليست ملزمة دستورياً بمثل هذه الخطوة وذلك لتحصينها من أي طعن بعدم الدستورية مستقبلاً. وإذا رفضها مجلس النواب ولم تقبل السعودية بذلك يتعين علي الطرفين الدخول في مفاوضات لحسم النزاع من خلال التحكيم أو القضاء الدولي.. مع التعهد مسبقاً بقبول وتنفيذ قرار التحكيم أو القضاء. إرساء علاقات استراتيجية بين مصر والسعودية يجب أن يحظي بالأولوية القصوي علي جدول أعمال الحكومتين والشعبين.. وألا يعوقه أي شيء ولو كان خلافاً علي ملكية جزيرتين.. فكل خلاف يمكن. بل يتعين حله بالوسائل السلمية.. خصوصاً إذا كان بين دولتين شقيقتين بحجم مصر والسعودية.