تشهد الأعمال الفنية والتماثيل بميادين الإسكندرية تخريبا متعمداً في ظل غياب الصيانة الدورية لأي عمل فني بميادين الإسكندرية. ففي الوقت الذي تمكنت فيه آثار الإسكندرية من إنقاذ خمسة تماثيل بضمها لوزارة الآثار وتسجيلها كأثر وهي تمثال الإسكندر الأكبر بميدان باب شرقي بشارع أبو قير وتمثال سعد زغلول بميدان محطة الرمل وتمثال نوبار باشا بساحة مسرح سيد درويش وتمثال محمد علي باشا بميدان المنشية وتمثال إسماعيل باشا خلف المسرح الروماني اليوناني. إلا أن باقي التماثيل والأعمال الفنية لم يكن لها نفس الحظ. يقول "حسن وصفي" وكيل النقابة الفرعية للفنانين التشكيليين بالإسكندرية: للأسف تحولت الحدائق العامة لوكر للمسجلين ومتعاطي المخدرات بلا حسيب أو رقيب وبالتالي أي عمل فني موجود بأي ميدان من الميادين يتعرض لأسوأ الأعمال التخريبية حتي وصل الأمر إلي قيام البعض بقضاء حاجتهم ويتبولون علي الأعمال الفنية بخلاف أعمال التخريب من الحفر وكتابة الأسماء الشخصية عليها. موضحاً ان ما حدث لتمثال "كاتمة الأسرار" أبلغ دليل علي ذلك وهو نسخة مقلدة لعمل الفنان العالمي محمود مختار بينما أصل العمل موجود أمام دار الأوبرا بالقاهرة فقد فوجئنا جميعاً بأن التمثال تعرض لسلسلة طويلة من الاهمال والتدمير كان آخرها عمل تخريبي بقيام أحد الأفراد بضرب التمثال بالألعاب النارية أدت إلي إحداث فجوة بقالب التمثال وحتي الآن المحافظة لم تهتم بما تعرض له من تخريب. مؤكداً ان أي عمل فني مصنوع من المعدن أصبح مغرياً للسرقة ويقوم البلطجية بتفكيكها وسرقتها وبيعها كخردة في ظل غياب الرقابة الأمنية عليها. أضاف وصفي انه وصل بنا الأمر إلي سرقة المقاعد الرخامية المصنوعة من الرخام بميدان الخديو إسماعيل التي وضعت لتجلس عليها الأسر كمتنزه بالميدان وذلك بعد تفكيكها لتستخدم اما كطاولة للجزارين لقطع اللحمة عليها أو وضعها علي مداخل العقارات والشقق. أضاف وكيل نقابة الفنانين التشكيليين: ان أي عمل فني بحاجة إلي ترميم ورعاية وليس للإهمال ولابد من متابعة دورية للأحياء للحفاظ عليها لكننا نفاجأ بأن التماثيل التي تعبر عن عمل فني تقوم إدارة التراخيص بالحي بدهانها باللون الأخضر وهو ما تعرض له تمثال الخديو إسماعيل المصنوع من البرونز والذي أنقذته الآثار مؤخراً بضمه لها. وأشار وصفي إلي أنه سبق وأن طالبنا أكثر من مرة من كل محافظ يأتي للإسكندرية بأن تكون هناك لجنة من كلية الفنون الجميلة أو النقابة للإشراف علي تطوير الميادين أو التماثيل والأعمال الفنية وللأسف لم يتفاعل معنا أي محافظ سوي اللواء "محمد عبدالسلام المحجوب" ولكن من خلال مجموعة خاصة كان يقوم بتشكيلها بينما كلية الفنون الجميلة بها قسم كامل للترميم الفني ولكن للأسف لم يتم الاستعانة بهم. يضيف "محمد أبو الخير" مهندس معماري : انه من الغريب قيام حي وسط بهدم ميدان شارع الجواهر الذي كان يوجد به مجموعة من الفاخورات ذات المنظر الجمالي وتركه مجموعة من تلال الرمال لأكثر من شهرين دون أن تقوم بعمل جديد. مضيفاً ان جميع أعمدة الانارة الجمالية التي كانت توجد بحديقة مسرح بيرم التونسي تمت سرقتها بالكامل وبيعت كخردة لكونها كانت مصنوعة من معدن الزهر في ظل غياب الرقابة علي الأعمال الفنية والجمالية بالمحافظة والحدائق العامة. أضاف الدكتور "هشام سعود" مستشار المحافظ لشئون التطوير أنه لا بد من تكليف واضح من المحافظة للمتخصصين في مجال ترميم الأعمال الفنية وإسناد أعمال ترميم التماثيل الفنية لكلية الفنون الجميلة لكونها بيت الخبرة بالمحافظة بهذا الشأن ولكن الآثار لم تكن جهة لترميم التماثيل الفنية بالميادين. مشيراً إلي أن كاتمة الأسرار الذي تعرض للتهالك هو نسخة مقلدة ومن السهل ترميمه وعلي الجامعة والمحافظة تحمل الأعباء المالية لإعادة التماثيل الفنية إلي رونقها الفني. أشار سعود إلي أن التماثيل الفنية التي توجد بالميادين تجسد قيمة تاريخية ولا ترجع قيمتها فقط لأسماء الفنانين العالميين الذين صنعوها ولكن للأشخاص الذين تجسدهم ولذلك فهي قطع متفردة وإن التعامل معها لابد وأن يتم عن طريق متخصصين وبمنتهي الحرفية والدقة كما حدث في ترميم تمثال محمد علي باشا بميدان المنشية الذي شاركت في ترميمه منذ عدة سنوات خلال فترة تولي اللواء عبدالسلام المحجوب مسئولية محافظة الإسكندرية. أكد "محمد متولي" مدير عام الآثار بالإسكندرية ان الوزارة قامت بضم خمسة تماثيل كأثر وهي تمثال محمد علي باشا بميدان المنشية الذي صنعه الفنان الإيطالي جاكومار وتمثال سعد زغلول الذي صممه الفنان محمود مختار ونفذه الفنان أندريا فيشا الإيطالي وتمثال نوبار باشا الذي صنعه الفنان الفرنسي بور وتمثال الخديو إسماعيل الذي صنعه الفنان الإيطالي مليوفوتيش بالإضافة إلي تسجيل تمثال الإسكندر الأكبر الذي يوجد بميدان باب شرقي وذلك رغم حداثته بالمقارنة بباقي التماثيل التي مر عليها أكثر من 100 عام تقريباً. لافتاً إلي أن تسجيل التماثيل التي توجد بالميادين يأتي من حرص الوزارة عليها والحفاظ عليها من أعمال الترميم الخاطئة بالإضافة إلي منع لصق الدعاية الانتخابية عليها أو تشويهها. أضاف متولي: ان المحافظة طالبت الآثار بترميم تمثال كاتمة الأسرار ولكننا لم نستطع القيام بذلك لكونه غير مدرج كأثر وقيامنا باستخدام المواد الخام اللازمة لترميمه من الوزارة يعتبر إهداراً للمال العام ولكننا قدمنا طلباً للمحافظة بتوفير المواد الخام اللازمة ونحن سنقوم بإرسال مشرفو ترميم أثري للإشراف علي أعمال الترميم وعودته إلي ما كان عليه.