السويس.. الاسم يستدعي مدينة القلزم التاريخية وقوافل الحجاج وسيدي الغريب وحكايات النضال والثورة وانتصار 1973 وأولاد الارض والسمسمية والكابتن غزالي والاسماء اللامعة في الابداع المصري. في محاولاتها لتسليط الاضواء علي الواقع الأدبي خارج العاصمة. في الاقاليم المبدعة من الاسكندرية إلي حلايب وشلاتين. التقت "قضايا أدبية" مجموعة من مبدعي السويس. يطرحون مشكلات الحياة الثقافية في محافظة المواجهة. ما قدمته للابداع المصري. وما تبدعه الآن ورؤي المستقبل. يشير السيد عبدالسلام عضو مجلس إدارة نادي الادب بقصر ثقافة السويس إلي أن هناك فئتين من الادباء. الاولي يتميز أفرادها بالابداع الراقي والفكر المتحضر. وهم يتفوقون علي انفسهم من خلال ابداعاتهم في القصة القصيرة والرواية والقصيدة والمقال. ومنهم علي المنجي ومحمد الراوي وعادل أبوعيشة ود. رضا صالح وسيد حنفي وياسر محمود.. أما في الشعر فثمة الاب الروحي الكابتن غزالي ومحمد التمساح وأحمد أبوسمرة وعزت المتبولي وأحمد العسكري. وهناك مجموعة من الشاعرات الموهوبات مثل صباح الهادي وزينب أبوالفتوح وفكرية غانم.. أما في مجال النقد والكتابة التاريخية فإن أبرز الاسماء د. هشام عليوة وقباري البدري وأنور فتح الباب ومصطفي عبدالسلام.. ورأيي ان الواقع الادبي الحالي في السويس ليس هو الذي نأمله. فهو يظهر في المناسبات فقط. ومن حيث الانشطة لا توجد زيارات متبادلة بين الاندية الثقافية والاندية الاخري بالمحافظات. وإن وجدت فبواسطة عدد محدود يتخذ من نفسه رباعياً وخماسياً يعبر عن نفسه وشلته الخاصة دون تنسيق مع الآخرين. وهؤلاء- للاسف- هم الفئة الثانية. نظرة خاصة ويري القاص والروائي ياسر محمود أن المشهد الادبي العام في السويس غائم وغير مستقر. ورغم سحبه الكثيرة فإن العديد من كبار المبدعين والنقاد يزورن السويس في ظل النخبة الادبية الحالية.. صورة الواقع الادبي في المحافظة تؤكد ان السحب الممطرة قليلة. والمهتمين بالادب قلة. والمهيمنين علي تاريخ الادب قلة كذلك.. وفي المقابل فإن أي أديب حقيقي يواجه هجوماً شديداً في ظل حالة الشللية من المهيمنين علي أدباء السويس. ولا نغفل هنا نزعة الكبرياء الزائفة التي علت من بعض الشباب. ولو كان أحدهم قد قرأ حقاً لأدرك ان الاديب الحقيقي يعظم تجربة من سبقه ويحترمها. إن علي كبار الادباء ومن تلاهم ان يأخذوا بأيدي الشباب. ويحترمون تجربتهم المغايرة في الزمان والمكان.. كما ان تقدير الشباب للكبار أمر أخلاقي قبل ان يكون أمراً أدبياً.. وعندي أننا- نحن الادباء- قد نستفيد من أدب فلان أكثر من استفادتنا من سلوكياته. يضيف ياسر محمود: تبقي تلك النظرة للواقع الادبي في السويس نظرة خاصة. تحتمل ان ينظر إليها اشخاص مغايرون بنظرات أخري. ولتظل السويس عظيمة دوماً بابداعها الادبي. أما د.. رضا صالح فيذهب إلي ان السويس لم تنل حظها من الاهتمام. لكنها تضم مجموعة من رجال الفكر والادب. عاش غالبيتهم في الظل. لانهم لم يسعوا إلي مجد أو شهرة. اكتفوا بتداول أفكارهم ورؤاهم وانتاجهم الادبي علي المستوي المحلي. القليل منهم سبقتهم شهرتهم إلي العاصمة. وحتي هذه الشهرة تكاد تكون ضبابية خافتة ولذلك أسباب عدة قد يكون السبب الاهم قومي اجتماعي. وهو ما ألم بالبلاد من أحداث ضخمة. ربما كانت سبباً في عدم الالتفات جيداً إلي الفنون والاداب بصفة عامة.. والحق ان الادب في السويس له رجالاته. وان لم تسلط عليهم الاضواء. ففي مجال الرواية كتب محمد الراوي تل القلزم. الزهرة الصخرية. الجد الاكبر منصور. عبر الليل نحو النهار. بالاضافة إلي مجموعات قصصية وكتب في النقد الادبي. وثمة الروائي علي المنجي صاحب: السيف والتابوت. الموت يضيء المدينة. كنوز الملك سوس. سيد الحوت ليل دجلة. وله مجموعات قصصية منها: قصص من البحر. عويس في ضوء القمر. أمواج القهر. وغيرها انه روائي وقاص ثري الابداع لم ينل حظه من الشهرة. ربما بسبب اسفاره المتكررة خارج البلاد. لفترات طويلة. واسمح لنفسي ان أذكر روايات لي مثل فضاءات مدينة. يا من كنت طبيبي. ومجموعاتي القصصية: آه منها. لا أحد مطلقاً. حكي لي صديق. مطلوب آنسة. وهناك ياسرمحمود صاحب الخيال العلمي. والمسرحي عبدالهادي الصيفيي. والقاص الشاب أحمد أيوب. أما في مجال الشعر فثمة ماهر المنشاوي وعطية عليان وعزت المتبولي وأحمد رشاد وأحمد أبوسمرة وجلال مصطفي والراحلان مصطفي درويش وكامل عيد رمضان. كما انجبت السويس الشاعر أحمد عايد الذي ضمته قائمة أحسن مائة شاعر علي مستوي الوطن العربي. ربما لايتسع المجال لتناول أعمالهم. لكنها نماذج رائعة لتجليات الابداع في السويس. وان لم تأخذ حظها من الانتشار علي المستوي القومي. صوت الثورة اما الاديب خالد الجمال فيشير إلي ان هؤلاء المبدعين تدين لهم الحركة الثقافية في السويس. انهم صوت المواطن. بل صوت الثورة التي ترتدي ثوب المعاني والمفردات. وهو ما يبين في نادي الادب بالسويس. ونادي الادب المركزي. وغيرهما. يضيف الجمال ان بعض الاوضاع الادارية تحتاج إلي حلول فورية لكي تستقيم الحياة الثقافية في السويس ومنها ان ينتخب رئيس نادي الادب المركزي بدلاً من الاختيار علي ان يرشح من اعضاء الجمعية العمومية لنادي أدب القصر ونادي أدب فيصل. كذلك اختيار لجان التحكيم بالانتخاب.. فضلاً عن الشخصيات العامة المدعوة. بذلك نقطع سبل المجاملات ويظل الكيان الموحد الذي تحكمه قواعد واختيارات ديمقراطية. ومما لاشك فيه- كما يقول الشاعر ماهر المنشاوي- ان أزمة الثقافة ليست علي مستوي أندية الادب فقط. لكنها نابعة اصلا من أزمة الثقافة الجماهيرية بصفة عامة. يرجع ذلك إلي عدم وضوح الرؤية من الاهداف ووضع القواعد السليمة لتحقيقها بل مجرد شعارات عامة بعيدة كل البعد عن تحقيقها وعن ممارستها فأندية الادب بعيدة كل البعد عن موظفي الثقافة الذين يعانون غياب الوعي بمفهوم الادب. ولا يشاركون الادباء مشكلاتهم وأزماتهم خلو الاندية من الموظفين المبدعين- أو في الاقل المحبين- مشكلة يجب التنبه لها فالموظف لايشغله إلا أوراق يرسلها أو يستقبلها لايهتم بصحتها. لانعدام الرقابة الغائبة تماماً. كما ان الادب صار وسيلة لتحقيق المصالح الخاصة. واختلط الزيت بالماء بين المبدعين والمدعين الاعلي صوتا. وهو ما يؤدي إلي طرد المواهب الحقيقية. يردف المنشاوي قوله: إذ أردنا حقيقيين. وحركة أدبية سليمة. والحفاظ علي المال العام فإنه يجب إعادة تشكيل نواة مبدعين يديرون الحركة بقواعد وأسس واضحة بعيداً عن المجاملات والعلاقات الشخصية.