سادت حالة من الجدل والترقب عقب رفض مجلس النواب قانون الخدمة المدنية المقدم من الحكومة بأغلبية 332 عضواً بالبرلمان لنعود إلي المربع صفر ويتم بحث مشروع قانون جديد للخدمة المدنية لتنظيم العمل بالكيان الإداري للدولة بعيداً عن القانون الذي وقفت حكومة شريف إسماعيل ورائه بقوة إلا أن محطته الأخيرة كانت في مجلس النواب الذي قرر إعلان شهادة رحيله. ناقشنا الخبراء والمتخصصون حول تداعيات رفض القانون. * هشام جلال عضو مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ونائب رئيس النقابة العامة للخدمات الإدارية والاجتماعية: إن ما حدث ليس إلا إنقاذاً لحياة ما يزيد علي 7 ملايين مواطن يعملون بجهاز الدولة الإداري من براثن قانون ينال من حقوق العمال والموظفين لصالح جهات العمل ولا يعطي للعاملين بالدولة ما يستحقونه بخلاف صدوره دون حوار مجتمعي يشارك فيه النقابات والاتحادات العمالية الممثلة لملايين العمال والموظفين بالجهاز الإداري للدولة لذا جاء رفض مجلس النواب قاطعاً كل المحاولات لتمريره والذي كان يعني الإضرار العمدي بأحوال وأرزاق عمال وموظفي مصر لتضمنه العديد من المواد والنصوص الجائرة بشكل مباشر علي الموظف والعامل بل وينتزع حقوق ومكتسبات كانت بحكم القانون حقاً أصيلاً له إلا أن قانون الحكومة نزعها منه ليعطها لجهات العمل وهو أمر خطير وكان مثار احتقان وغضب في الشارع العمالي ويشير جلال لقد عدنا لنقطة البداية نريد من الحكومة إقرار قانون تشارك فيه النقابات والاتحادات العمالية والإدارية مع الدولة للوصول لصياغة موحدة لقانون يعيد صياغة الجهاز الإداري للدولة ويرتقي بمؤسساته وكوادره وفي نفس الوقت يمنح العمال والموظفين الحقوق والامتيازات التي تمكنهم من أداء عملهم بكل عدالة ومساواة. * البدري فرغلي رئيس الاتحاد العام للمعاشات: لقد أعاد البرلمان الكرة من جديد لملعب الدولة لإعادة النظر في القانون الأزمة كما أطلق عليه والذي كان يشكل خطراً محققاً من مجلس النواب كان قد عرض علي مجلس النواب عام 2008 باعتباره أحد شروط صندوق النقد الدولي لتقديم مساعدات لمصر بشرط الاستغناء عن ما لا يقل عن 3 ملايين موظف وإحالتهم للمعاش المبكر من أجل سد عجز الموازنة المتصاعد وأشار البدري إلي أن الدولة تبنت القانون لكونها وجدت فيه رغبتها في إحالة الملايين من الموظفين والعمال للمعاش المبكر لسد العجز بالموازنة والذي يتسبب في إهدار المليارات ولكن ليس بقطع أرزاق وتشريد موظف قضي سنوات عمره متفانياً في خدمة إحدي شركات ومصالح الدولة ليتم الاستغناء عنه أو إجباره علي تقديم طلب المعاش المبكر والمتابع للقانون ومواده يستطيع أن يري كنور الشمس مدي "تغول" وتوحش قانون الخدمة المدنية ضد موظفي وعمال الكيان الإداري للدولة وأبرز هذه المواد المادة 47 التي تنص علي اعتماد تقييمات الموظف من أجل القيام بفصله أو نقله وهو باب خلفي للإطاحة بعدد ليس بالقليل كان من مخططات القانون رحيل العديد وتغيير ملامح الجهاز الإداري لخدمة صندوق النقد الدولي وليس إجراء تعديلات للإصلاح والبناء لكيان الدولة الإداري عن قانون يحفز العمال والموظفين علي العمل والإنتاج ويضمن لهم مميزات وحقوق واضحة وليست شكلية. * حافظ أبوسعدة المحامي الحقوقي ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: لزاماً علي الدولة أن تعيد التفكير وقراءة الشارع العمالي وتنظر بتركيز لرفض البرلمان للقانون بأغلبية ليؤكد حالة الثورة والعصيان لقانون الخدمة المدنية والذي أتحدث عن وجود عوار دستوري واضح ولا يقبل الشك بالقانون رقم 18 لسنة 2015 فهو مخالف للمادة 2015 بالدستور التي الزمت الجهات الرقابية بمتابعة القوانين المتعلقة بها في مكان عملها وهو قانون متعلق بالجهات الرقابية وهناك العديد من المواد الضاربة بعرض الحائط للحقوق والامتيازات العمالية بل يعطي القانون للدولة الحق للإطاحة بمن تشاء في أي وقت تراه من منصبه فهناك صلاحيات مطلقة لأصحاب الأعمال والمديرين منحهم الخدمة المدنية المرفوض دون أي ضوابط أو ثوابت. يشير أبوسعدة إلي أن الجهاز الإداري للدولة ظل لسنوات كثيرة مرتعاً للفساد وفناء خلفي للمحسوبية والواسطة يستغله أصحاب المناصب في تعيين ذويهم ومنحهم كل المزايا دون أي دور رقابي حقيقي للدولة وكنا ننتظر قانوناً يعيد للكيان الإداري بريقه الضائع منذ سنوات بعيدة بعد أن تم تعديل القانون المنظم للجهاز الإداري للدولة وهو برقم 47 لسنة 1978 ما يقرب من 17 مرة وكانت التعديلات تأتي علي خلاف رغبات العمال فنحن جميعاً نريد قانوناً للخدمة المدنية يلبي متطلبات المرحلة الحالية في مكافحة الفساد الإداري وضخ روح العمل والإنتاج في صفوف العاملين بالدولة بدلاً من التراخي والكسل الذي ضرب قطاعات المؤسسة الإدارية للدولة ويحد من تغول السلطات في يد المسئولين بدون رقابة كما كان مقرراً في القانون الذي أطاح به البرلمان. * كمال أبوعيطة وزير القوي العاملة الأسبق: العمال ينتصرون من جديد علي أي قوة تريد اقتناص حقوقهم ومنحها للمسئولين وأصحاب القرار بمؤسسات الدولة ويجب علي الحكومة مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية للعمال والموظفين ولا تفعل كما حدث في قانونها المريب الذي رفضه مجلس النواب لوجود عوار دستوري لا يخفي علي أحد فهو كما نقول ظاهره الرحمة وباطنه العذاب فالقانون بنفس مواده تقريباً في عصر مبارك بناء علي طلب من وزير التنمية الإدارية إنذاك وتم وضعه في الأدراج ليعود من جديد مرة أخري بوجهه القبيح في رغبة من الدولة لفرض سيطرتها علي النظام الإداري بشكل يقتص من مزايا وحقوق العمال ويعرضهم للفصل والمعاش المبكر كأحد أهداف هذا القانون فهو قنبلة تهدد مستقبل ملايين الموظفين من التشرد والخروج من الخدمة بحجة أن الأعداد الزائدة عن الحد دون النظر لأي اعتبارات اجتماعية أو أسرية وأيضاً استخدام رؤية ضيقة لا تسعي للتعديل والتغيير والبحث عن الاستغلال الأمثل لقدرات وإمكانيات القوة البشرية لديها بل تلجأ للحل السهل وهو البتر والإطاحة بالعمال والموظفين.. فالقانون يحترم الفكر الرأسمالي دون النظر لأي أبعاد اجتماعية. * د.إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن رفض القانون يؤدي لحالة تخبط في جهاز الدولة الإداري نتيجة قرار البرلمان وهو ما سوف يفتح مشكلات لا حصر لها حيث نتيجة إقرار القانون هناك العديد من موظفي الدولة قد اكتسبوا مزايا قانونية في وظائفهم من النواحي المالية وهو ما سيؤدي لارتباك ووجود حالة من التخبط نتيجة ذلك وهناك تداعيات نتجت عن القانون أصبحت أمراً واقعاً بقرار البرلمان اليوم يكون القانون لاغي وإن كنت أري أنه كان من الأنسب إجراء تعديلات جذرية بالقانون وعلي الملاحظات التي أبدتها لجنة القوي العاملة داخل المجلس لكن عودتنا إلي نقطة الصفر أمر يدفع الحكومة للعمل من جديد علي صياغة قانون يتوازن ما بين حقوق الجهاز الإداري وعماله وموظفيه. * د.أحمد يوسف الشحات عميد كلية حقوق طنطا: القرار برفض القانون يثبت إضاعة الحكومة للوقت وعدم إجرائها تعديلات بالقانون ثم باللائحة التنفيذية لإرضاء قطاع كبير من العمال والموظفين والنقابات والاتحادات الثائرة ضد الخدمة المدنية إلا أن الحكومة وضعت العجلة أمام الحصان ولم تسعي لنزع فتيل الأزمة بتعديل نصوص ومواد القانون المثيرة للجدل بل أصرت عليها ليجد النواب نفسهم أمام سخط وغضب من قانون الغالبية تعارضه وإن كان ليس سيء بالكامل لكنه كان يحتاج لتعديلات وتغييرات بمادة 47 التي كانت المادة الأبرز مثار الجدل من جانب الشارع العمالي وغيره العديد من المواد التي لم تراعي الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعمال والموظفين وسارت تنظر لفرض سيطرة الدولة دون أي مراعاة للإطار الاجتماعي والإنساني.