شهدت سنة 2015 أفلاما قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ولكنها تعد أعمالاً غير عادية بمعني أنها تخالف المألوف وتبتعد عن التوليفة التجارية السائدة وهذه الأفلام تنتسب لأجيال مختلفة من المخرجين يمتلكون نظرة فنية للفيلم ويتسلحون بأدوات المخرج الشاطر الذي يتعامل مع هذا الوسيط الجماهيري كأداة للترفيه وإشاعة البهجة وأيضاً كمنتج ثقافي يعبر عن حساسية فنية ورؤية فكرية ومفهوم عن ماهية البهجة جدير بالاحترام. بدأ العام بفيلم "بتوقيت القاهرة" للمخرج أمير رمسيس "37 سنة" الذي رأينا له فيلماً تسجيلياً مهماً أثار الكثير من الجدل وحقق قدراً كبيراً من النجاح المحلي والدولي بعنوان "يهود مصر" قدمه في جزءين. و"بتوقيت القاهرة" يعتبر عمله الروائي الأول ويعرض في السوق حالياً عمله الروائي الثاني "خانة اليك" الذي عرض منذ يومين فقط ولم أشاهده بعد. وقبل أن تنتهي السنة عرض الفيلم الروائي الطويل العاشر حسب ما أتذكر للمخرج داود عبدالسيد "69 سنة" بعنوان "قدرات غير عادية" الذي لا أعرف بالتحديد حجم نجاحه تجارياً حتي الآن وأيا كان درجة اعجاب الجمهور المعتاد للفيلم إلا أن الشيء المفروغ منه أن أعمال هذا المخرج تعكس خصوصية اختياراته لموضوعات وأسلوب معالجته لها.. وكذلك أهميته كصانع فيلم ينتظر إنتاجه عشاق السينما ومنظمو المهرجانات الدولية المحلية والاقليمية. وما بين الفيلم الأول والثاني يوجد فيلم ثالث علي درجة من الأهمية والتميز أيضاً للمخرج هاني خليفة بعنوان "سكرتر" ويعد العمل الروائي الثاني للمخرج بعد "سهر الليالي" 2003 الذي مر علي أول عرض له 12 سنة "!!". أهمية الفيلم أنه يعيد هذا المخرج إلي الشاشة وثانيا لأنه يعكس ملامح أبطال وحكايات من فترة اجتماعية تالية لتلك التي شهدت حكايات أبطاله في "سهر الليالي" علي نحو يؤكد أن الأفلام بنت زمانها. ومثل داود عبدالسيد يحرص هاني خليفة علي تقديم وجوه جديدة يُغامر بالدفع بها لأول مرة ويعيد اكتشاف أخري في أدوار لم يألفها الجمهور وإن كانت وليدة المناخ الاجتماعي والثقافي السائد وقت انتاج الفيلم. فيلم "بتوقيت القاهرة" قدم نور الشريف في آخر أدواره علي الشاشة وأحد أهم أدواره لأنه أقربها إلي ظروف حياته الواقعية في الفترة التي مثل فيها الشخصية ثم رحل بعدها تاركاً من خلالها لفتة جميلة كانت بمثابة وداع لجمهور أحبه واحترمه ومازال. ولا أريد أن أقول "نور" بموقفه من الفن واحترامه للثقافة وفهمه لحساسية الجمهور يعد آخر النجوم المحترمين. لأن السينما نبع لا ينضب ولكن المحزن أن هذه السنة شهدت رحيل عدد ليس قليلا من الرموز والنجوم الساطعة في حقل الابداع السينمائي مثل فاتن حمامة وعمر الشريف ورأفت الميهي وعبدالرحمن الأبنودي إلي جانب سامي العدل وإبراهيم يسري وعلي حسنين وسعيد طرابيك وحسن مصطفي ويسري مصطفي. وليس بعيدا عن فكرة الغياب والرحيل قدم كريم حنفي المخرج الشاب أول أعماله بعنوان "باب الوداع" ويعتبر تجربة لافتة من حيث استخدام لغة تعبيرية تشكيلية تضاهي رؤيته للموت وما تثيره من تأملات وخواطر عن معني الوجود والعدم. اذن ضم هذا الموسم الذي ينتهي بعد أيام أعمالا لمخرجين من أجيال مختلفة. ونماذج لأعمال تجعلنا ننفض فكرة موات السينما أو عدم تجددها.. ودعونا نتوقع أن يكون الموسم 2016 عامراً بالمزيد من التجارب الجديدة شكلا ومضموناً. وعلي صعيد التيار الاستهلاكي الرائج هناك عدة تجارب حققت نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر وقدمت لعشاق السينما جرعات كافية من الضحك الحميد بعيداً عنپثلاثية الجنس والعنف والمخدرات. ومن دون التفريط في الرسالة الاجتماعية والهدف الترفيهي أذكر من هذه التجارب فيلم "كابتن مصر" للمخرج معتز التوني وتأليف عمر طاهر وبطولة محمد إمام مع مجموعة ظريفة من النجوم الشباب. وفي مجال الكوميديا الرومانسية قدم حسن الرداد مع إيمي سمير غانم من خلال فيلم "زنقة الستات" فيضاً من الفكاهة أنعشت دافعي التذاكر ورفعت درجة شعبية النجمين الشابين والفيلم من تأليف اثنين من نجوم الكتابة الكوميدية في السنوات الأخيرة وهما هشام ماجد وكريم فهمي وهو يمثل العمل الروائي الأول للمخرج خالد الحلفاوي وهو ليس المخرج الوحيد بالمناسبة الذي يدخل هذه السنة إلي سوق السينما ويحقق نجاحاً تجارياً مرضياً بأول أعماله.