إذا طلبنا كشفًا بأعمار مخرجى الأفلام الروائية فى السينما المصرية اليوم، أو على الأقل الذين يقودون دفتها، لاكتشفنا أن بينهم فئة ضئيلة جدا من الذين تعدوا الستين، وفئة أكثر نشاطًا بين الأربعين والخمسين، والأغلبية هم من الشباب ما بين أواخر العقد الثانى وبدايات العقد الثالث من أعمارهم. إلى جانب ذلك هناك موجة الأفلام القصيرة للمخرجين حديثى التخرج، ومعظم أفلامهم روائية الاتجاه على أمل إخراج كل منهم فيلمه الروائى الأول. المفترض أن هذه الإحصائية تبشر بسينما أكثر طموحًا على يد شبابها من المخرجين. وإذا طلبنا كشفا مشابها لأعمار نجوم الشباك -غاية شبه مستحيلة- حيث إن معظمهم مصاب بحساسية تواريخ ميلادهم الحقيقية، إلا أن الواقع يؤكد ومن دون أدنى شك أن المتربعين على هذا العرش من الرجال بالراحة تعدوا سن الأربعين والنساء على مشارف منتصف الثلاثين. نجومية هؤلاء يحددها موزعو الأفلام فى غياب سجل دقيق بلا ألاعيب لشباك التذاكر، وليس بالضرورة بناء على قياس حقيقى لإقبال الجماهير، فهى فى النهاية سياسة توزيع تتيح للموزع -الذى هو هذه الأيام غالبًا ما يكون منتجًا أو مشتركًا فى إنتاج الفيلم- التحكم فى شكل ومضمون الفيلم الذى سيروجه، والنتيجة أن معظم الأفلام السائدة ميزانياتها تحدد ليس فقط حسب متطلبات سيناريو الفيلم، بل حسب بورصة نجومه. المأزق الحقيقى النابع من هذا الواقع السينمائى هو أن السينما السائدة المصروف عليها لا تتطرق ولا تمس شباب اليوم، جمهور السينما الحقيقى، بينما السينما المستقلة الطموحة والتى قد تمس حياتهم لا تجد سبل توزيع كافية للوصول إليهم. هذا إلى جانب حاجة الجمهور من الشباب إلى أفلام تمس مشكلاتهم، فمن المستحيل أن يقتنعوا بممثلين تعدوا الثلاثين فى أدوار تمثلهم، لذلك كان من الطبيعى أن يتحايل بعض المخرجين باللجوء إلى نجوم الغناء من الشباب معتمدين على نجاحهم فى عالم الأغنية الشبابية. هناك تجارب فى هذا الشأن مثل تجربة المخرج محمد شبل حين استعان بالمطرب على الحجار فى فيلمه أنياب ، أو حسام الدين مصطفى حين لجأ إلى إيمان البحر درويش فى فيلم طير فى السما ، وطارق التلمسانى وخيرى بشارة وتجربة كل منهما مع عمرو دياب، طارق فى فيلم ضحك ولعب وجد وحب وخيرى فى فيلم آيس كريم فى جليم ، وكرر خيرى التجربة مع محمد فؤاد فى أمريكا شيكا بيكا . الطريف أن هذه التجارب شجعت بعض نجوم الصف الأول على الغناء فى أفلامهم، مثل محمود عبد العزيز وأحمد زكى. ربما نجاح المسلسلات فى الآونة الأخيرة وإظهار نخبة هائلة من المواهب الشابة سيجد طريقه إلى السينما ويحول دفة سينما عجوز متصابية إلى سينما شابة يافعة.