القضايا المعروضة علي المحاكم والمتهم فيها بعض الأشخاص بتقديم رشاوي للمسئولين للحصول علي امتيازات غير مستحقة لهم ليس لأحد التدخل فيها لأنها أصبحت أمام القضاء وهو الذي يصدر قراره فيها إما بالإدانة أو البراءة طبقاً للأدلة والشهود. وفي ضوء الاستماع إلي النيابة العامة وهيئة الدفاع عن المتهمين. لكن ما يلفت الانتباه في هذه القضايا أن اعتراف المتهم بتقديم الرشوة وإلقاء الضوء علي تفاصيلها بالكامل ربما يخفف من العقوبة التي ستصدر ضده أو يمكن أن يخرج من القضية براءة!! في صحيفة "اليوم السابع" أن رجل الأعمال المندوه الحسيني "صاحب جمعية خيرية" أدلي باعترافات تفصيلية بواقعة الرشوة الصادر ضده فيها قرار بالحبس 15 يوماً علي ذمة التحقيقات!! وكشفت هذه التحقيقات التي باشرها المستشار أحمد حمزة رئيس نيابة حوادث وسط القاهرة الكلية أن المتهم "المندوه الحسيني" اعترف بتقديمه رشوة للمتهم الثاني "محمود.أ" صاحب جمعية خيرية تقدر ب 50 ألف جنيه لتسهيل عملية حصوله علي قطعة أرض خلال مزاد علني. أضافت التحقيقات أن المتهم شرح بالتفصيل عملية تقديمه للرشوة بعد إنكاره للاتهامات الموجهة إليه في أولي جلسات التحقيق. وأكد أنه أجبر علي تقديم تلك الرشوة مقابل إنهاء إجراءات المناقصة علي قطعة أرض!! قال مصدر قضائي لصحيفة "اليوم السابع" إن اعترافات المندوه الحسيني بواقعة الرشوة بعد إنكاره لها في بادئ الأمر جاء بعد عدة محاولات "مضنية" من قبل الهيئة القانونية المكلفة بالدفاع عنه للاستفادة من المواد القانونية الخاصة بالاعتراف في مثل هذه القضايا!!! فإذا عدنا إلي قضية الرشوة المتهم فيها الدكتور صلاح هلال وزير الزراعة السابق نجد أن الوسيط في الرشوة والذي وصفه أمر الإحالة من النيابة إلي محكمة الجنايات بأنه منتحل صفة كاتب صحفي قد توسط في رشوة موظفين عموميين لأداء عمل من أعمال وظيفتيهما.. وقد سبق لهذا المتهم ارتكاب ذات الاتهام في قضية مماثلة وهي قضية رشوة محافظ الجيزة الأسبق المستشار ماهر الجندي والتي صدر فيها حكم بالإدانة ومعاقبته بالسجن لمدة 5 سنوات. قالوا إن هذا الوسيط أدلي باعترافات تفصيلية حكي فيها كل صغيرة وكبيرة عن عملية الرشوة. لأنه بهذا الاعتراف المفصل يمكن أن يأخذ "براءة" باعتباره شاهد ملك.. وكذلك فعل أيمن الجميل في اعترافاته علي أمل تخفيف العقوبة أو الحصول علي براءة. ومن هنا تشابه الاعتراف التفصيلي للسيد مندوه الحسيني بتقديمه للرشوة بناء علي طلب هيئة الدفاع عنه مع الاعترافات التفصيلية لأيمن الجميل ووسيط الرشوة في قضية وزير الزراعة السابق ليأخذ الراشي والوسيط أخف عقوبة إن لم يخرج كل منهما براءة من القضية. هذا الخلل في نصوص القانون سوف يجعل مصر مرتعاً للرشوة ولا يمكن أن تتطهر من الفساد في يوم من الأيام.. وسيظل الناس يتحدثون عن هذا الفساد الذي يحميه القانون ولن يكون لهذا الحديث أي نهاية. ما معني أن يعترف الراشي بالرشوة تفصيلاً ثم يأخذ عقوبة مخففة أو يمكن أن يأخذ براءة؟! وما معني أن يشرح الوسيط تفاصيل عملية الرشوة ليكون الحكم في النهاية "البراءة" لأنه يعتبر كشاهد ملك؟! أليس هذا من الأمور العبثية التي تعيشها مصر حالياً؟! قوموا بتعديل القانون ليأخذ الجاني العقاب الذي يستحقه حتي يمكن أن نقول إن الفساد تراجع في مصر إلي الحد الأدني.. وإن لم تفعلوا فسنظل نحن كمن يؤذن في مالطة!!