أكد خبراء عسكريون وأساتذة اقتصاد وعلوم سياسية أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لليونان وقبرص لها مردود مهم علي المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية. فهي من ناحية تعمل علي تنسيق المواقف بين الدول الثلاث في القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها الحرب ضد الإرهاب وإرساء الاستقرار في المنطقة وايجاد حلول للأزمة السورية والليبية والأوضاع في الأراضي الفلسطينية كما تسهم الزيارة في فتح أسواق أمام منتجات تلك الدول لدي بعضها البعض وتعزيز التعاون فيما بينها في مجال النقل البحري وحماية حقول الغاز في البحر المتوسط واستكشاف حقول أخري واستخراج الثروات الطبيعية بالمناطق الاقتصادية لتلك الدول.. أما المردود العسكري فيتمثل في التدريبات المشتركة وتبادل الخبرات العسكرية بين الدول الثلاث. يوضح د. صلاح الدسوقي رئيس المركز العربي للإدارة والتنمية الاقتصادية ان السوق المصري في حاجة شديدة إلي عقد اتفاقيات ثنائية مع اليونان وأيضا التنسيق لحماية حقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط من اسرائيل التي تحاول الاستيلاء عليها وهناك مباحثات ثلاثية بين مصر وقبرص واليونان لحماية تلك الحقول باعتبارها ثروة قومية وهناك شبه اتفاق بين الدول الثلاثة في هذا المجال. أضاف انه تم تنسيق المواقف بين مصر واليونان حول المياه الإقليمية الدولية وقامت مصر أخيرا بعدة اكتشافات بخبرات ايطالية واكتشفت عددا من حقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط ويتبع الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين تنسيق المواقف لمكافحة الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف وأيضا كشف الدول التي ترعي الارهاب وخاصة تركيا التي تقدم الدعم لجماعات ارهابية في ليبيا تهدد الحدود الغربية لمصر طوال الوقت. توضح د. عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا أن أي مشاركة اقتصادية علي قدم المساواة مع اليونان لها فائدة كبيرة خاصة أن مصر عقدت اتفاقية مشاركة مصرية أوروبية ويعتبر السوق اليوناني مناسبا للمنتجات المصرية ويستوعبها مقارنة بأسواق أوروبية أخري أكثر قوة تجد فيها المنتجات المصرية منافسة كبيرة وشرسة وقد يتبع الاتفاقيات التجارية والاقتصادية حركة رواج سياحي بين اليونان ومصر وقبرص وتبادل أفواج سياحية وايضا استكشاف واستخراج الثروات الطبيعية وامكانيات الاستفادة من البنية التحتية والصناعية المصرية المؤهلة لاستقبال وتسييل الغاز القبرصي وأيضا تعزيز التعاون في مجالات النقل البحري والشحن والتفريغ. يوضح اللواء طيار هشام الحلبي عضو المجلس المصري للشئون الخارجية والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية أن التدريب البحري الجوي المشترك بين مصر واليونان "ميدوزا" هو أرقي أنواع التعاون والتدريب العسكري يتبعه تبادل خبرات وتبادل عسكري لوجيستي والاتفاق علي أوجه تعاون أخري بين البلدين. أضاف ان التدريبات العسكرية بين مصر واليونان رسالة ردع لأي قوة تحاول تهديد حوض البحر المتوسط والتدريبات المشتركة هدفها تنشيط القوات المسلحة والتأكد من استعدادها المستمر علي مواجهة أعمال القرصنة والهجرة غير الشرعية وتفتيش السفن في حالة الاشتباه بوجود مخدرات أو أسلحة وكثير من الدول تحرص علي عمل تدريبات عسكرية مع مصر لأن الجيش المصري له خبرات قتالية جيدة والتدريبات المشتركة بين مصر واليونان لها دلالة سياسة تؤكد حرص البلدين علي دعم أوجه التعاون العسكري بينهما والحفاظ علي حوض البحر المتوسط خاليا من أعمال التهريب والقرصنة أو الأعمال الارهابية أو الهجرة غير الشرعية. يقول د. مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية ان للزيارة أبعاداً اقليمية ودولية وليس اقتصادية واستثمارية فحسب تشير اللقاءات ومحادثات الرئيس مع الجانب القبرصي واليوناني إلي ان هناك إعادة رسم لخريطة إقليم البحر المتوسط في ظل تنامي الارهاب ووجود دول ترعاه ودراسة سبل مجابهته وتجفيف منابعه. أشار غباشي إلي ان الزيارة لليونان تعد من أهم جولات الرئيس الأوروبية في الفترة الاخيرة حيث ان مصر تستهدف تكوين محور ضد تركيا التي تشهد علاقتها وتبحث الزيارة تداعيات علاقة قبرص باسرائيل ومدي الترابط وقوة الشراكة التي تجمعهما لا سيما بعد إعادة ترسيم الحدود البحرية بينهما بما يضر بمصر وهو ما يشغل القيادة السياسية وكان هذا الموضوع من أبرز المناقشات التي تم تناولها في الزيارة الاخيرة مع الحكومة القبرصية. أضاف غباشي ان اليونان كانت قد أوشكت علي الإفلاس لذا يبدو من المنطقي أن الهدف الرئيسي من الزيارة ليس تدعيم علاقات مصر الاقتصادية معها بقدر وجود أبعاد استراتيجية واقليمية تتمثل في خلق رؤية مشتركة بين القاهرةوأثينا حول استغلال حقول شرق المتوسط والتي حدثت بين اليونان وتركيا أزمة حادة بسببها لذا من الواضح ان مصر تتحرك علي كافة المحاور الدولية والإقليمية لتشكيل محور اقليمي قوي مع اليونان وقبرص لمواجهة المد التركي الذي بات يشكل خطرا كبيرا علي المصالح الأمنية والعسكرية وهو أمر يحسب للرئيس الذي يعيد رسم سياسة مصر الخارجية بعقلانية وفق رؤية سياسية بالغة الوعي بالواقع الصعب للمنطقة. يوضح د. سعيد اللاوندي خبير العلاقات السياسية والدولية أن الرئيس ينظر للشأن الخارجي عبر سيناريو محكم يراعي التقلبات والتغيرات الإقليمية التي تحدث لا سيما بمنطقة الشرق الأوسط وتحديدا بالبحر المتوسط والذي تمارس تركيا فيه ممارسات همجية حيث قام الطيران التركي بما يقرب من 1500 طلعة جوية في الأجواء اليونانية خلال شهر وأري أن الشراكة العسكرية والأمنية لمواجهة الغطرسة التركية في حدود الدول المجاورة لها أمر تري مصر انه أمر لم يعد مقبولا علي خلفية ممارسات تركيا المعادية لمصر واحتضانها لعناصر الجماعة الارهابية لذا اعتبر تكوين تحالف ودعم العلاقات العسكرية والأمنية وابرام علاقات استراتيجية واقليمية تحدياً من التجاوزات التركية بمنطقة الشرق الاوسط. أضاف ان الزيارة تبعث برسائل مهمة تكمن في دخول مصر العمق الاقليمي الذي تم اهماله لسنوات عدة في إطار سعي مصر لإعادة تشكيل خريطة اقليم البحر المتوسط وكبح جماح اردوغان الاستعماري في المنطقة وهو الامر الذي خلق حالة احتقان وعداء مع اليونانيين والقبرصيين مع تركيا. أكد أن الزيارة تخلق توحدا وشراكة بين مصر ودول المنطقة في مواجهة التغول التركي وهو ما يعكس مدي وعي السياسة المصرية الخارجية في توسيع آفاق المواجهة مع تركيا التي لا يخفي علي احد انها تحارب الدول المصرية بكل قواتها لذا نقل مسرح العمليات للبعد الاقليمي بالتعاون مع اليونان وقبرص وهما لاعبان محوريان في اقليم المتوسط وسيكون لهما فوائد وايجابيات كثيرة علي الشأن المصري سواء أمنيا وعسكريا وصناعيا والصناعات اللوجيستية والقطاع السياحي والبحري اقتصاديا فالزيارة مهمة ولها أبعاد مؤثرة علي قوة العلاقات بدول البحر المتوسط. د. ايهاب الدسوقي الخبير الاقتصادي يقول تعد السياحة أحد أهم الملفات التي سيتم الاتفاق عليها مع الجانب اليوناني نظرا لتميز أثينا في تحقيق أعلي معدلات التنشيط السياحي سواء الشاطئية أو الأثرية أو الترفيهية بمدنها التي تشبها كثيرا المدن السياحية المصرية لذا فمن فؤائد زيارة الرئيس لها انه سيتم ابرام اتفاقيات وأوراق عمل شأنها لدعم القطاع السياحي المشترك وترويجه بمصر بعد هبوط معدلاته عقب سقوط الطائرة الروسية بسيناء وهو ما أتوقع ان ينجح الرئيس في تحقيقه لإعادة الترويج للنشاط السياحي لمصر ولعل اليونان من أكثر دول العالم التي لديها خبرة سياحية كبيرة. أضاف د. الدسوقي هناك اتفاقيات لدعم اقامة مشروعات واستثمارات ضخمة في اقليم قناة السويس وميناء شرق بورسعيد وسوف تكون مشروعات واعدة في مجال الصناعات اللوجتسية والطاقة والغاز والاستكشافات البترولية والبتروكيماويات والنقل البحري وهي المجالات التي ستحظي بالاهتمام المشترك من جانب الدول الثلاث. د. جمال شقر الخبير في الشأن التركي وأستاذ العلوم السياسية لجامعة القاهرة يقول ان الزيارة تهدف لتعزيز التعاون مع اليونان وقبرص لتشكيل قوة اقليمية في مواجهة اطماع تركيا في المنطقة وخصوصا اقليم البحر المتوسط الذي تمارس فيه كل اشكال البلطجة وهو الامر الذي دفع اليونان وقبرص اللذين تجمعهما بتركيا علاقات قديمة من الصراع والكراهية بسبب مشكلة الجزيرة القبرصية وهو ما دفع القيادة المصرية إلي تشكيل جبهة موحدة ضد ارهاب تركيا لدول المنطقة ودراسة مجابهته ومواجهته بكل قوة لا سيما وأنه لم يعد خطرا علي الشأن الاقليمي وحسب بل علي العالم وهو ما يراه الجميع بعد كشف عدد من المعلومات الاستخباراتية الروسية والغربية عن وجود دعم ومساندة من النظام التركي لتنظيم داعش الارهابي سواء كان دعما عسكريا أو لوجستيا وماديا. أوضح د. طارق فهمي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان زيارة الرئيس إلي اليونان وعقد قمة ثلاثية مع الرئيس اليوناني والقبرصي رسالة سياسية واقتصادية مفادها ان مصر لن تقف مكتوفة الايدي إزاء أي محاولات للمساس بأمنها القومي والاقليمي من خلال خطوات سياسية دولية هادفة لتحريك المياه الراكدة في عمق اقليم المتوسطي لصالح مصر وضد النفوذ التركي المتنامي بشكل لم يعد السكوت عليه أمرا مقبولا.