هناك أياد خفية لا تريد لمصر الاستقرار وعبور مرحلة ما بعد الثورة التي عادة ما تتسم بالارتباك والفوضي واجتيازها إلي البدء في تحقيق الطموحات والآمال والأهداف التي قامت من أجلها الثورة وأهمها إقامة مجتمع حر كريم تعلو فيه قيمة الفرد وآدميته. ودولة ديمقراطية يحكمها رئيس منتخب ويديرها برلمان قوي أتي أفراده من خلال انتخابات حرة ونزيهة. لقد أذهلت ثورة يناير المباركة العالم أجمع وقدمت نموذجاً من الثورات لم يكن له مثيل من قبل حيث تميزت بسلميتها وشعبيتها قادها شباب واع ومثقف سرعان ما التف حوله الشعب بأكمله وأيدته القوات المسلحة في لحمة واحدة صنعت في النهاية ملحمة وطنية متناغمة حسدتنا عليها دول العالم. هذا المشهد اثار قلق الاعداء داخلياً واقليميا وخارجياً أخذوا يكيدون لنا ويبذلون كل ما في وسعهم من أجل تفتيتنا وبث روح الفرقة والتناحر بين ائتلافات شباب الثورة والقوي السياسية والقوات المسلحة والعمل علي اشاعة الفوضي في البلاد حيث تولي اعداء الثورة من الداخل والمتمثلين في فلول النظام السابق وحزبه الفاسد المنحل وبعض ضباط جهاز أمن الدولة في العهد البائد القيام بتلك المهمة القذرة وركزوا علي أمرين وهما احداث انفلات أمني واثارة الفتنة الطائفية ولكنهم ولله الحمد فشلوا فشلاً ذريعاً. أما القوي الاقليمية المعادية وعلي رأسها الدولة الصهيونية فلم يهدأ لها بال منذ قيام الثورة المصرية وتحاول بكل وسائلها أن تهدم هذه الثورة وتشقها وتستثير دول العالم ضدها خاصة الولاياتالمتحدةالامريكية حليفها الدائم والأبدي. أما بالنسبة للقوي الخارجية التي لا تريد لهذه الثورة النجاح فتشمل أمريكا والدول الغربية فهي تخشي من أن يمتد تأثير ثورتنا المجيدة إلي الدول المحيطة وبقية الدول العربية وبالتالي سيكون ذلك ضربة قاتلة لمصالحهم حسب اعتقادهم.. لذلك فان هذه القوي ايضا تسعي إلي اجهاض الثورة أو علي الأقل تحجيمها وتقزيمها واخضاعها في النهاية للسير في ركابهم. ان أخطر ما يقوم به اعداء الثورة المصرية الآن بعد فشل محاولاتهم السابقة في احداث شرخ بين شباب الثورة والقوي السياسية والتيارات الاسلامية هو محاولة الوقيعة بين المجلس العسكري الذي يقود سفينة البلاد وبين شباب الثورة والشعب ومحاولة التشكيك في هذا المجلس ونزاهته وقدرته علي ادارة شئون مصر وزعزعة الثقة فيه وهو ما شهدته البلاد مؤخراً وهو أمر يجب أن نقف عنده جميعاً وننتبه إليه جيداً لأن القوات المسلحة الدرع التي حمت الثورة وخط الدفاع الأول عن الوطن خط أحمر لا يجوز تخطيه بل يجب المحافظة عليه. اذا كانت الفترة السابقة قد شهدت بعض التباطؤ في تحقيق مطالب الثورة فان المجلس العسكري قد بدأ يستجيب لتلك المطالب بعد خروج المسيرات المليونية حيث تم تشكيل حكومة جديدة حسب رغبة الثوار والقوي السياسية وسيتم الاسراع في محاكمات قتلة الثوار ورموز النظام السابق بعد تفريغ الدوائر القضائية لتلك المحاكمات. كما تمت الاستجابة لمطلب علانية تلك المحاكمات إلي جانب العديد من الاجراءات التي تعمل علي تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الحد الأدني للأجور. مطلوب من الجميع الآن أن نفسح المجال للحكومة وللمجلس العسكري أن يعملا في هدوء ونراقب اداءهما خلال المرحلة المقبلة واذا حدث أي تقاعس في تحقيق المطالب فلنعد مرة أخري إلي التظاهر في الميادين بالطرق السلمية دون تخريب أو تأثير علي الاقتصاد القومي الذي لن ينهض إلا بالاستقرار.