في عيادة طبيب السكر والغدد الصماء قابلته طفلاً في السابعة من عمره يعاني من الغول الشرس الذي يطلقون عليه صديق الانسان "السكر" الغادر الصامت الذي ينخر في جسد من يبتلي به كالسوس جاء من قنا أقصي صعيد مصر يتلمس العلاج والشتاء في قاهرة المعز بعد ان فشل أطباء قنا في محاصرته والسيطرة عليه. محمد مختار هو اسمه بمجرد ان تنظر إليه تجد آثار السكر الذي أنهك قواة واصابه بالذبول والانكسار فما بالك بأجهزته الداخلية التي أنهكها المرض. دفعني فضولي الانساني ان أتحدث إليه بعد ان لاحظت ظاهرة الحيرة والقلق تسيطر علي والده الذي لا يجيد القراءة والكتابة بعد ان وقف عاجزاً عن ملء الملف الخاص بابنه باستحياء طلب مني ان أسجل بيانات فلذة كبده ودار بيننا حديث طويل واكتشفت منه ان قراءات سكر طفله المريض لا تقل عن 600 التي يقيسها من وقت لآخر بمستشفي قنا.. وأخبرني أنهم أميون لا يجيدون القراءة والكتابة وبالتالي لا يعرفون جرعات الانسولين التي يحتاجها الطفل المريض وبالتالي لا يدركون خطورة معدلات السكر انخفاضاً أو ارتفاعاً وما يترتب عليها مما قد تصيب الطفل لا قدر الله بغيبوبة لا يفيق منها إلي الابد.. نعم انها مأساة بكل معاني الكلمة فالمرض قضاء الله ولا راد لقضائه لكن المثلث المرعب المرض والجهل وقبلهما الفقر ليس قضاء وقدرا وإنما واقع مؤلم يمكن تغييره. وهناك آلاف الحالات أمثال محمد مختار ضحايا الجهل والاهمال الأسري والسؤال أين دور المدرسة التي تتجاهل مثل هذه الحالات؟ وأين دور التأمين الصحي؟ أين دور المستشفيات التي تتردد عليها مثل هذه الحالات؟ للأسف وبأعلي الصوت لا دور لها والدليل حالة الطفل المسكين. يا كل هذه الجهات اتقوا الله في أولادنا فلذات اكبادنا ياكل أعضاء البرلمان الجديد.. قضية الطفل محمد مختار وأمثاله في انتظار دوركم الهمام.. سمعنا وعودكم وصدقناكم نريد عملاً حقيقياً علي أرض الواقع.. محمد وأقرانه أمانة في اعناقكم انزلوا القري والنجوع فهي الأولي باهتمامكم لاتتركوهم فريسة للمرض والجهل والفقر.. نتعشم في استجابة. نعم أخلاق بعض المصريين في انتظار العلاج خيراً فعل الرئيس السيسي بتوجيههم لإنشاء لجنة لتنمية الأخلاق والضمير وتعزيز قيم العمل والانتماء تعود تبعيتها لإشراف رئاسة الجمهورية.. وهي خطوة علي الطريق لمواجهة الانهيار الأخلاقي الذي استشري في سلوكيات البعض وهو الوجه الآخر لمحاربة الفساد والضرب بيد من حديد علي المفسدين ومن أشاعوا الفساد الأخلاقي وقلبوا الموازين مستندين إلي الصوت العالي والفهلوة والبلطجة وعودة إلي قيمنا الجميلة التي تميزنا بدءاً من انتقاء الألفاظ وانتهاء بالمروءة والشهامة والاحساس بالغير. كلمات لها معني * الصحة تاج فوق رءوس الأصحاء ولا يدركه إلا المرضي. * الرحمة لا تباع ولا تشتري بل هي مستقرة في أعماق القلوب الصادقة. * في تاريخ الناجحين كان القرار الصحيح نقطة تحول في حياتهم.