في ظل حالة الانهيار والهبوط في السينما المصرية التي احتلت ذات يوم المركز الثاني علي مستوي العالم من حيث التوزيع والانتشار.. والمركز الأول علي مستوي العالم العربي.. تتراجع السينما لمرتبة أخيرة رغم امتلاكنا لأدوات تقديم أعمال خالدة كالسابق فهل السبب في ذلك أن بدايتنا السينمائية كانت علي يد أجانب وبعودة السينما لأصحابها من الشعب المصري وأصبح هو المسيطر علي إنتاجها وإخراجها تراجعت.. أم أن السبب في ذلك غياب الروايات الهامة لكتاب حقيقين كالروائع التي أنتجت لطه حسين والسباعي ويوسف أدريس والسحار وأسماء لمعت في سماء مصر والعالم برؤيتها الفنية والإبداعية الراقية فقدمت صورة للمجتمع تنهض به وحلقت بهذا المجتمع لمجتمعات أخري أم السبب الانهيار الشامل للثقافة وانتشار السيناريوهات التي تكتب علي المقاهي وفي البارات لأسماء لا علاقة لها بالإبداع ولا بالفن والنتيجة التلاعب بوجدان وفكر وثقافة شعب تُجرف ثقافته وفنونه عن عمد.. فهل يكون الحل في عودة الرواية مرة أخري للشاشة الصغيرة والكبيرة.. وعودة العقول لصياغة فن وثقافة تليق بمصر. طرح ¢صالون المساء الثقافي¢ هذا الموضوع في ضيافة شعبة السيناريو برئاسة السيناريست والكاتب المسرحي إبراهيم محمد علي باتحاد كتاب مصر وبحضور نخبة من كبار الكتاب والمخرجين والنقاد.. هاني إسماعيل "مخرج": لا يمكن نزع الفن بعيدا عن الواقع المعاش.. أو عزله بعيدا عن السياسة والإقتصاد والتعليم والصحة.. فرغم أن الفن مرآة المجتمع إلا أنه لابد أن يكون محرضا الواقع للأفضل.. والبداية كانت علي يد أجانب بكامل المنظومة من سيناريو وحوار وكاميرات وإخراج ومونتاج حتي المصريين وقتها كانوا دارسين بالخارج.. المنظومة كانت دقيقة الآن أنهارت هذه المنظومة في حالة لتجريف العقل المصري..ولا نستطيع أن ننكر أن هناك دولا أدركت قيمة الفن وقررت إستعمارنا من خلال الفن.. لم يعد قوة السلاح هي الحل بل لاستعمار العقل والفكر من خلال الفن وضخت أموال قادتنا لإنحلال وتفسخ ونحن غافلون تماما وفي غفلة من الدولة بانسحابها من مجال الإنتاج الدرامي لم تعد تنتج غير مسلسل واحد وتركت المجال لكيانات خارجية تحرق السوق برفع الأجور للفنانين بحيث لا يجد المنتج الذي يعمل بمنهجية محترمة مجالا ولا قدرة علي الإنتاج فينصرف ويترك الساحة للمال المسيطر ليفعل ما يشاء.. فأي نجم لن يتعاون إلا مع هؤلاء.. وهذا حدث بعد فوضي النجوم والنجم لا يهمه قضايا المجتمع بل كل همه الشخصية التي يؤديها وليس العمل وقضيته وما يقدمه.. وبالتدريج تحول العمل الفني للنجم وليس للمؤلف والمخرج وظلت هكذا حتي سيطرت عليهم الكائنات التي تضخ أموالها للسيطرة علي المجتمع ولا حل إلا إقتناع الدولة بأنها معرضة لمؤامرة خارجية وتعود لتسيطر حتي ننجو ممن يؤثرون علي الفكر ولا يهمهم الكسب بل يهمهم النتيجة وهي تغير الفكر.. لابد من عودة الدولة بفكر يحمل أعمالنا وثقافتنا وتراثنا. إبراهيم محمد علي "كاتب مسرحي": الانسحاب الذي حدث من الدولة أضر بالفكر والحل هنا بحث كيف نواجه الفكرة بالفكرة.. وسبق وتحدثت مع وزراء للثقافة وأمناء المجلس الأعلي للثقافة وطرحت عليه حلولا لمواجهة هذه الهجمات التي وجهت للفنون والثقافة والمجتمع ولم أجد الحماس.. مع أن الفكرة لم تكن مكلفة فقد عرضت عليهم عرض الأفلام التي تعرض في المهرجانات ولا يتم عرضها علي الجمهور خاصة الأفلام القصيرة والتسجيلية الهامة التي تبث الوعي وتعيد لنا ثقافتنا.. وأعتقد أن ذلك تم بشئ من القصدية والعمد ولا نعرف السبب ؟ نادر خليفة "سيناريست": أنني أؤيد ما قاله الزملاء خاصة أن هناك تجربة مشتركة بيني وبين هاني إسماعيل عملنا معا في تلفزيونات عربية فقد إشتغلت لعشر سنوات في تلفزيون الكويت وعمل هاني إسماعيل في تلفزيون السعودية وقمنا في تطوير الدراما الخلجية.. ومع ذلك تعرضنا لما ينفيه البعض من نظرية المؤامرة ولو قراء هؤلاء التاريخ لعرفوا أننا منذ عصر الفراعنة ونحن مطمع للكثيرين لأننا اكتسبنا الريادة بالعقل والحب فقد كانوا العرب يقولون نحن نكحل أعيننا بالدراما المصرية وقد أنتشر الأدب المصري عن طريق الدراما والشعر عن طريق الأغنية المصرية وقصائد تغنت بها العظيمة أم كلثوم.. ومن هنا بدأت الرغبة في تدميرنا حتي لا نؤثر في العرب.. فكان الحرص علي تدمير السينما وكانت المصدر الثاني للدخل بعد القطن المصري وبدأت المؤامرة باحتكار الإعلانات لأفلام الفيديو ثم احتكار الأغاني والمطربين وهكذا اختفت الأصوات الجيدة وبعد ذلك دخلت المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية واللبنانية حتي تدمر اللهجة المصرية.. وهكذا انتهت الريادة بعد أن كان لدينا أيام سعد الدين وهبة أكثر من سبعين فرقة مسرح وكنا نعرض أفلام الستة عشر ميللي في الثقافة الجماهيرية.. استمر هذا حتي عصر مبارك والذي بدأ فيه السقوط نتيجة لكراهيته للفن والأدب وللثقافة بشكل عام ومن هنا بدأ التجريف. د. أشرف محمد أستاذ السيناريو بمعهد الفنون المسرحية: نحن نعيش عصر الانحطاط والدليل الشارع المصري وتعاملنا مع بعضنا يدلل علي ذلك.. والحقيقة أن هناك كيانات قاسية جدا لكيانات تجمعت.. وهناك شباب لديهم إبداع حقيقي وأفلام متميزة قدمت في المهرجانات ولا يوجد مكان للعرض ويرفضون الأفلام القصيرة الدرامية الجيدة وهذا بالطبع مرفوض لأن ذلك يقلل من صفقة رأس المال.. هناك أيضا كتاب سيناريو فرضهم بعض المنتجين وهذا من ضمن الهجمات الشرسة لتدمير الثقافة المصرية وهدمها وبالتالي الشخصية المصرية والسؤال هل لدينا فن ولدينا مواهب فذة ؟ الإجابة نعم ولكن يتم اصطياد الشباب الهش الذي بلا رؤية وبلا هدف وبهذا يتم هدم القيم وإخراج اسوأ ما فينا.. ومن هنا اتساءل لماذا لا يوجد قانون يجرم الفن الهابط.. لقد أصبحنا نحلم بمصر ما بعد عصر الانحطاط. جمال قاسم "مخرج": من ينظر لما قدمناه مثل الأيام لطه حسين ودعاء الكروان وغيرهما من الأعمال.. يعرف أننا في حالة غرق.. وأتذكر فيلم قهوة ريش فيلم تسجيلي الذي حكي فيه عن تاريخ مصر وقصص رواد المقهي ورغم ذلك لم يعرض.. تحدثت فيها عن مجلة "جاليري 68" وقد كانت صرخة لإبداع جديد ..مجلة مقرها قهوة ريش وكانت تصلها الإبداعات من كل مكان خارج مصر وداخلها.. نحن بحاجة لصرخة مثل تلك نستدعي فيها روح نجيب محفوظ زيوسف أدريس والسباعي وطابور طويل من مبدعينا ولو أردتم التأكد من الغرق لتكن رواية الفيل الأزرق أكبر دليل ومن هنا نقول ليست كل رواية تصلح للسينما علينا بالإختيار الجيد الذي يبني.. الثقافة مشروع دولة ولابد ألا تحيد عنه الدولة لابد من عودة القوافل للقري لابد من تغيير الخطاب الفني وتطوير وزارة الثقافة التي يعتبر موظفوها أهم عوامل انهيار الثقافة. مني ماهر "كاتبة": لابد من معرفة طبيعة المجتمع ودراستها ونصل للعمق لأن من يكتب الأن لا يقرأ.. نحن أمام أزمة ثقافية حقيقية وبالتالي نحن أمام إنتاج فني بلا مضمون.. نحن أمام ثقافة الحشد والدليل ندوة زاب ثروت في معرض الكتاب.. هذا الرجل الذي أصبح يعبر عن المنتج الثقافي وهو كتاب بلا مضمون.. وكذلك عمرو خالد الذي وظف شهرته كداعية وقام بنشر رواية رافي بركات وحقق مبيعات عالية.. الحل هو التكتل الذي يبدأ صغيرا وسوف يكبر لابد من مواجهة معدل الهبوط والتفاهة ولابد للرقابة من دور لابد من عمل ورش للسيناريو الكتابة. نبيلة محجوب "روائية سعودية ورئيس نادي الأدباء بجدة": ربما لا أملك تقديم الحل ولكن أسباب التدني لابد من مواجهتها لقد تربينا علي الفن المصري والأزياء المصرية أحببنا النجوم المصرية وكانت اللهجة المصرية هي المحببة لقلوبنا ومازلنا نتابعها ولكن حدث التغيير سريعا.. العالم يتطور ولابد من تطور الإبداع.. وأقترح دمج المنتجين الصغار لمواجهة التكتلات الكبيرة التي ترغب في السيطرة علي الفن المصري..ولابد من مواجهة الهجمة الأجنبية من مدارس وجامعات وأفلام لأنها نشرت ثقافة غربية بعيدة عن مجتمعاتنا والكارثة ليست فينا بل في الشباب الذي لم يقرأ ما قرأنا ولم يربي علي ما تربينا عليه السؤال كيف ننقذ الشباب ؟! السيد فراج "كاتب": لو قارنا بين ما يستخدم من ألفاظ في دراما كرأفت الهجان أوغيرها وبين ما يستخدم تدركين أننا لا رؤية للمستقبل علينا أن نبحث عن أعمال توضح تاريخنا ولابد من تشجيع أفلام المهرجانات وعرضها علي الجمهور وحماية الدولة لتلك الأفلام والانفاق علي الجيد ليطرد الرديئ. إكرام عيد "كاتب": لابد من عمل تكتلات من المثقفين تدعم الرؤي الجيدة وسوف نكبر والفن الجيد سيصل لراغبيه لو تكتلنا خلفه.. وعلي اتحاد الكتاب أن يقف خلف هذا الدور وعلي رموز الوطن أن تتكاتف.. نحن نحارب وهذا الآن دور قومي هام. مصطفي الشيخ "كاتب": كل شئ يعبر عن ثقافتنا حتي النكتة ولكننا أمام سلطة لا ترغب في ثقافتنا ونحن نمر بحالة يأس وهناك دليل لقد رفضنا كشباب ظاهرة التسول وحاولنا أن نجلب لهم عملا ولكنهم رفضوا.. حاولنا محاربتهم عن طريق الفيسبوك ونشر دعوي عدم مساعدتهم حتي لا نسهم في وجودهم في الشارع.. ولكن لأن لا يوجد قانون لمنعهم ولو وجد لكان كل شيئ في نصابه الصحيح.. وعلي هذا القياس أؤكد لك أن هناك فنانين محترمين سقطوا وهبطوا ليواجهوا الموجة السائدة محمود السيد "كاتب": قدمت السينما المصرية أعمالا خالدة منها زقاق المدق والوسادة الخالية ورد قلبي وقنديل أم هاشم.. ودعاء الكروان وغيرها.. وتلك الأعمال مأخوذة من نصوص أدبية بالإضافة لأفلام مأخوذة عن نصوص عالمية مثل فيلم نهر الحب.. والإخوة الأعداء.. حافية علي جسر الذهب.. ولقد تخلي الأدب والقائمون عليه وكذلك المؤسسات الثقافية والمنتجون عن دورهم في مواجهة المصدر أو نقل أفلام عالمية بما تحتويه من مشاهد مأخوذة كما هي.. والحل هو تفعيل دور مؤسسة السينما ودعمها من قبل الدولة لإنتاج أفلام ذات قيمة كما كان يحدث بالأمس.. لابد من إيمان المنتج بأن الإنتاج الفني رسالة سامية تنقل المجتمع لحال أفضل.. ولابد أن تكون الصلة موصولة بين الكيانات الثقافية ومنها اتحاد الكتاب ومؤسسةالسينما والمجلس الأعلي للثقافة وهيئة المسرح للوقوف خلف الأعمال الجيدة. هلا حسن "كاتبة": 1⁄4 لا شك ان هناك نظرية اقتصادية تجارية بحتة تقول ان العملة الجيدة تجب العملة الرديئة ولكن الامر بات اكبر من مجرد نظرية لان التطبيق اصبح مستحيلا فقد اصبح المشاهد يفتقر للتميز بين الجيد والرديء والعملة الرديئة اصبحت براقة وتستقطب الكثيرين من مريديها لذا اتمني تفعيل دور الرقابة علي الدراما التليفزيونية وخاصة علي القنوات الفضائية الخاصة التي تدخل البيوت علي مدار اليوم دون حسيب او رقيب عوده المسرح المدرسي وخاصة في المدارس الحكومية التي تجمع السواد الأعظم من ابناء العشوائيات وتنقية اخلاقهم بالفن الجميل بعد ان افترستهم براثن افلام المقاولات المنحرفة التي مجددت في مخيلتهم الشخص الذي يحمل سلاح ويتناول المخدرات ويرتدي ملابس تكشف نصفه العلوي ليتباهي بما رسمته نقوش جروح المشاجرات علي صدره.