1⁄4 لا شك في أن ما يربطنا بأثيوبياً أقوي كثيراً مما يفرقنا. ويكفي أن شرايين النيل الذي تقوم عليه الحياة في البلدين. يأتي معظمها من هضبة الحبشة. وما يجري هناك يمكن أن تنعكس آثاره علينا. والدليل علي ذلك إقامة سد النهضة. وما يمثله ذلك من تهديد لحصة مصر المائية. وأثيوبيا كانت ذات يوم مرادفاً لأطفال يتضورون جوعاً. ولنوبات مهلكة من الجفاف. لكنها أصبحت في نظر الغرب. حصناً للاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. ولكن طبقاً لإحصاءات مركز مراقبة حركة النزح الداخلي. هناك 5.431 ألف أثيوبي تركوا ديارهم. نتيجة لحرب "سرية" لا يسمع بها أحد. لسبب بسيط وهو أن الغرب لا يريد تسليط الضوء علي هذه الحرب. ومنذ عام 1994. تشن حركات المقاومة الوطنية في إقليم أوجادين جنوب البلاد. حرباً لا هوادة فيها ضد الحكومة الأثيوبية. التي تمارس أقسي ألوان القهر والاضطهاد ضد السكان في هذا الإقليم المحتل منذ عام 1954. عندما سلمته لها بريطانيا. وقد كبرت حركة التحرير. التي بدأت لاستقلال الإقليم الواقع بين الأراضي الأثيوبية والصومالية. حيث انضم عدد من الجماعات المسلحة إلي هذه الحركة. وما يزيد من صعوبة حسم المعركة علي خطوط المواجهة هو دخول العديد من الجماعات العرقية كأطراف في معركة تحرير أوجادين. والغرب يتجاهل هذه المشكلة. ربما لأن هناك مشكلة أكبر. فالصومال الجارة تعاني من جماعة الشباب الإسلامية المتطرفة. وصنفت الحكومة الأثيوبية الجماعات التحررية مثل جبهة تحرير أورومو بأنها إرهابية. ومنعت الصحفيين والمنظمات غير الحكومية من زيارة إقليم أوجادين. وعزلته عن العالم. ويقول فيليكس هورن. الباحث الأثيوبي بمنظمة هيومان رايتس ووتش: "ليس لدينا علم بمدي ما يحدث من انتهاكات. لأننا لا نستطيع الوصول إلي الإقليم". والواضح أن الحكومة الأثيوبية يداها ملطختان بالدماء. فالمعروف أن المقاومة تنفذ هجمات ضد القوات الأثيوبية. وفي الوقت نفسه. تشن الشرطة الأثيوبية هجمات متكررة للانتقام من سكان الإقليم. كان آخرها منذ أسابيع عندما قامت بحرق أربع قري بالكامل في أوجادين. ووصفت منظمة هيومان رايتس ووتش جرائم القتل العشوائي والاغتصاب والتعذيب. التي ارتكبها الجنود الأثيوبيون. بأنها جرائم ضد الإنسانية. ورغم انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها أثيوبيا. فهي تتلقي قدراً كبيراً من المساعدات الغربية. تعادل 10% من الدخل المحلي الإجمالي. طبقاً لقاعدة بيانات هيئة المعونة الإنسانية الدولية. ومع هذا أيضاً تحافظ الدول الغربية. وبينها الولاياتالمتحدة. علي استمرار تدفق المعونات إلي أثيوبيا.. ويطلق الخبراء والمراقبون علي هذه الظاهرة "النفاق المنظم". ورغم إدانتنا لانتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان من العالم. فإن ما يحدث في أثيوبيا وإقليم أوجادين هو شأن داخلي. لكن ما يهمنا. كمصريين.. هو استقرار أثيوبيا. لأن المصالح متبادلة. ولا شك في أن ما يؤثر في أحد البلدين. يتأثر به البلد الآخر.. وليت حكام أديس أبابا. يدركون هذه الحقيقة. ويثبتون حُسن نواياهم فيما يتعلق بمشروع سد النهضة. وحصة مصر في مياه النيل.