قرار غريب.. وكارثي اتخذه مجلس إدارة اتحاد كرة القدم مع مطلع الموسم الحالي يعكس مدي ضعف الرؤية وقلة الخبرة وضيق الأفق للقائمين علي إدارة شئون الساحرة المستديرة.. فالسادة أعضاء مجلس الأنس بالجبلاية قرروا إقامة مباريات الجمهورية لأندية الممتاز للشباب والناشئين بالنسبة للنادي المصري البورسعيدي بنظام الذهاب والعودة.. واتخذوا هذا القرار وكأنهم يعيشون في بلد آخر غير مصر المحروسة.. ونسوا أن جراج مجزرة مباراة الأهلي والمصري باستاد بورسعيد لم تلتئم بعد وأن القضية مازالت منظورة في أروقة القضاء وبالتالي مازال هذا الملف الشائك مفتوحاً.. ولم يغلق حتي الآن.. وهذه الواقعة أهديها لكل من يهمه الأمر بداية من اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية والمهندس خالد عبدالعزيز مروراً بالسادة أعضاء مجلس الأنس بالجبلاية وكل من يتغني بعودة الجماهير ويخطب ودهم ولعلها تكون جرس إنذار مبكر ليتوقفوا عن ترديد تلك النغمة المملة ففي الأسبوع الماضي كانت هناك مباراة في دوري أندية الممتاز للناشئين بين فريقي النادي المصري والداخلية بملعب المؤسسة العمالية بشبرا وعندما علمت جماهير الأهلي بالخبر انتظرت أتوبيس ناشئي فريق المصري وقامت بالاعتداء عليه وتلك الواقعة تؤكد أن حالة الاحتقان مازالت مستمرة بين جماهير الناديين.. وإنه ما كان يجب أن يتخذ قرار بخروج فرق النادي المصري من بورسعيد لما يمثله حضورهم للقاهرة للعب مع أنديتها "المقاولون إنبي الزمالك وادي دجلة الأهلي" من خطورة شديدة علي حياتهم.. وبالتالي فإن القرار الصحيح أن يؤدي فريقا الشباب والناشئين للنادي المصري مبارياتهما ذهاباً وعودة باستاد الإسماعيلية مثل الفريق الأول للمصري أو بمحافظة السويس لأن الواقع يؤكد أن حالة الغليان والاحتقان والتوتر بين جماهير الأهلي والمصري مازالت قائمة وهذا يعني أن المناخ العام للمجتمع غير مهيأ أو مستعد حالياً لعودة الجماهير بصورة طبيعية لملاعبنا الخضراء فمازالت روابط الالتراس للأندية الجماهيرية بإصرارها علي الصدام مع رجال الشرطة والتمسك بمظاهر الشغب والعنف فيما بينهما بسبب التطرف في التشجيع والتعصب الأعمي هو ما يجعل حالة الاحتقان والغليان والتوتر سمة العلاقة بينها بدليل الصدام الذي حدث من علي "بعد" بين جماهير النادي الأهلي والإسماعيلي عندما تبادلا الهتافات والسباب قبل بداية الموسم أثناء تدريب كل فريق منهما بملعبه حتي أن جماهير الإسماعيلي قامت بحرق علم الأهلي.. ولا أدري علي أي أساس يتحدثون عن عودة الجماهير لحضور المباريات فالملاعب منذ كارثة استاد بورسعيد وسقوط 74 شهيداً لم تشهد أي تعديلات لتنفيذ شروط الأمن والأمان التي طالبت النيابة بضرورة توافرها بالاستادات حتي يمكن السماح للجماهير بالعودة ناهيك عن أننا مازالنا نعيش أجواء انتخابات مجلس الشعب والتي تمثل الاستحقاق الثالث والأخير لاكتمال أركان بناء دولة مصر الحديثة.. وهو ما يحتاج من رجال الشرطة لمزيد من الجهد والتفرغ لهذه المهمة القومية المصيرية ولا مجال حالياً لديهم لتأمين مباريات كرة القدم بحضور جماهيري.. وعندما تنتهي انتخابات مجلس النواب ويبدأ مسيرته التشريعية فنحن ننتظر منه إصدار قانون حماية الملاعب والجماهير والأحداث الرياضية المعروف سابقاً باسم "قانون شغب الملاعب" لأنه سيكون صمام الأمان لإعادة الاستقرار والهدوء والوجه الحضاري لملاعبنا الخضراء كونه سوف ينص علي توقيع عقوبات رادعة علي كل من تسول له نفسه ارتكاب أعمال شغب وعنف داخل الملاعب فالصورة الحضارية التي شاهدناها من جماهير مباراة كأس السوبر بين الأهلي والزمالك بالإمارات كان سببها الرئيسي وجود قوانين رادعة مفعلة يتم تطبيقها بصرامة.. فعندما ننتهي من تجهيز ملاعبنا ويكون لدينا قانون نستطيع تفعيله علي المشاغبين وبعد أن نتوصل لحلول عملية لعلاج مظاهر الاحتقان بين الجماهير عندئذ فقط يمكن السماح لهم بحضور المباريات وإلي أن تكتمل تلك المنظومة يا ليتنا نتوقف عند ترديد تلك النغمة "النشاذ" عن عودة الجماهير لملاعبنا الخضراء. و"كفانا صداع".