في مطلع الثمانينيات خرجت علينا بعض الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية التي تجسد بطلتها دور ضابط الشرطة واستحوذت حواء كضابط علي حب منقطع النظير من آلاف من بنات جنسها وبدأت تتشكل في وجدان الصغيرات تلك الأمنية بأن تصبح ضابطاً ولم تدرك أي منهن أنه في هذا التوقيت كانت كلية الشرطة قد قامت بالفعل بقبول أول دفعة من خريجات الجامعة لتأهيلهن للعمل ضابطات تحديداً في عام 1982 مع ذلك لم تشهد الحركة الأخيرة ترقية ضابطة إلي رتبة لواء كما كان متوقعاً. تحول الحلم إلي حقيقة وتعاقبت الأجيال من خريجات أكاديمية الشرطة ووصلت حواء الآن إلي رتبة العميد لتتبوأ مناصب قيادية في أكثر من موقع شرطي متخصص ويكبر حلم الشابات منهن من تريد العمل كضابطات مرور وأكدن ضرورة أن يكون القبول لبني جنسهن بالأكاديمية بعد الحصول علي الثانوية العامة مثل الرجال وأن تكون مدة الدراسة 4 سنوات حتي تتاح لهن فرصة أكبر للعمل في الميدان. "المساء الإسبوعي" التقت اللواء د. عماد حسين مساعد أول وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة الذي قال: إن الأكاديمية حالياً تقوم بعمل دراسة لإجراء تغيير جذري وجوهري لمناهج طلبة كلية الشرطة والضباط المتخصصين ومن بينهم الطالبات من خريجي الجامعات. يستهدف التغيير اقتراب ضابط الشرطة من الشعب الذي يتحقق بإعلاء كل منهما حماية حقوق البشر واستحداث كل الأساليب التي تجعل هناك رضاء من المواطن عن أداء الضابط لتعود الثقة بينهما والاستفادة من ثورة 25 يناير التي اثبتت قدرات الشعب المصري. أما اللواء أحمد البدري مدير كلية الشرطة فقد أكد أن الطالبات اللاتي يتم قبولهن حالياً في كلية الضباط المتخصصين يتم تدريس مناهج لهن تؤهلهن لدراسة القانون والدراسات العملية التي تمكنهن من التعامل كضابط شرطة من حيث المظهر والأداء سواء داخل جهات وزارة الداخلية أو مع المواطنين مع الحرص علي تأهيلهن في المهنة التي ستعمل بها كطبيبة أو مهندسة أو تمريض كل حسب تخصصها والوزارة هي التي تحدد تلك الاحتياجات حسب المطلوب. أضاف أن مناهج أكاديمية الشرطة التي يتم تدريسها للطلاب لا يمكن أن تتحقق علي أرض الواقع إلا من خلال الشعب الذي يعد شريكاً أساسياً في تحقيق الأمن لأنه المعني الأول بالإبلاغ عن أي واقعة تحتاج إلي تدخل رجل الشرطة. وأشار إلي أن الشعب المصري استشعر هذا الدور عند حدوث الانفلات الأمني وقام وبكل وطنية بالحفاظ علي أمن المناطق السكنية التي يعيش فيها ويعد ذلك من مكاسب ثورة 25 يناير البيضاء. بداية الحوار مع ضابطات الأكاديمية كان مع العميد كوثر عيد سالم التي تقوم بالتدريس في أكاديمية الشرطة بكلية الضباط المتخصصين وهي من الدفعة الأولي التي التحقت بالكلية وعن كيفية التحاقها بالأكاديمية رغم أن هذه المهنة كانت قاصرة في مصر علي الرجال قالت كنت معجبة بضباط الشرطة وطريقة تعاملهم وزيهم العسكري وذلك وقت أن كنت طالبة في الخدمة الاجتماعية وبعد التخرج بشهر فوجئت بأن كلية الشرطة تطلب دفعة من خريجات الجامعة فأسرعت بالتقدم ولم يكن لي أقارب في وزارة الداخلية أو الشرطة عموماً ولم يكن لي وساطة ونسيت وقتها أنني أنثي وقررت الالتحاق وأديت الاختبارات ووفقني الله وكانت سعادتي لا توصف وكانت أسرتي سعيدة بذلك لأنهم يعلمون أنني أحب العمل في هذه المهنة. وأكدت أنه لابد أن يكون الزوج متفهماً لطبيعة عمل زوجته الضابط وأيضاً أن تنجح الزوجة في تحقيق مطالب أسرتها حتي لا تحدث مشكلة. وعن الدروس التي تعلمها للطالبات في بداية الدراسة قالت الالتزام في السلوكيات والتصرفات والتعاملات واحترام كل من هو أكبر منهن وألا يحدث منهن أي تجاوز تجاه أحد وأنا شخصياً أعتبرهن مثل أبنائي وأيضا اعتبر العساكر المجندين مثل أولادي وهناك أساسيات لا يجب أن يتخطاها أحد. قالت: أدعو حواء إلي الاقبال علي التقدم إلي العمل في مجال الشرطة والالتحاق بكلية الضباط المتخصصين في مجال تخصصها لأن هذا الأمر سيجعلها أكثر قدرة علي الشعور بالمسئولية. أما الملازم أول سمر عبدالفتاح فقالت: كان حلمي وأنا طفلة أن أصبح ضابط شرطة لذا فقد التحقت بكلية التربية الرياضية رغم حصولي علي مجموع 85% في الثانوية العامة ووالدي مستشار في وزارة العدل وشجعني علي الالتحاق بأكاديمية الشرطة لأنه يعرف أنني أحب الحياة الانضباطية والتحقت بالكلية وأنا متزوجة ولم يمنعني ذلك ولكن لم يكن لدي أولاد حتي لا يعوقني ذلك عن الدراسة. وحول نظرة أهالي وسكان المنطقة التي تقيم بها في الدقهلية قالت إنها محل فخر ويحترمونها جميعاً ويتمنون أن تصبح بناتهن مثلها موضحة أن هيبة الشرطة مطلوبة ولا يستطيع أحد الاستغناء عن ضابط الشرطة ونحن مع الثورة لكن بالشكل الذي يحقق صالح مصر وأمنها مشيرة إلي أنه بعد الثورة تسمع أحياناً عبارات من بعض المواطنين يبدون فيها كرههم لرجال الشرطة وهذا لا يشغل لنا بالاً لأننا نعرف أنه كانت توجد بعض السلبيات ويتم علاجها. قالت الملازم أول شاهندة عبدالرازق إنها أحبت مهنة ضابطة الشرطة حينما شاهدت احدي الضابطات في مطار القاهرة الدولي وأعجبت بسلوكها الانضباطي وتعاملها الطيب مع المواطنين وحصلت في الثانوية العامة علي مجموع 2.90% والتحقت بكلية التربية الرياضية حتي يتحقق حلمي خاصة أنني اعجبت بدور الضابطة في أفلام السينما ايضا رغم أنه لا يوجد في عائلتي ضابط شرطة. أضافت أنها فخورة بالزي العسكري الذي ترتديه وعلي الرغم من هجوم البعض علي الشرطة إلا أن ذلك لم يثنيها عن عزمها للسير قدماً نحو أداء رسالتها وهي مستعدة للتدخل في أي وقت للدفاع عن حق يسلب من مواطن حتي ولو كان ذلك في أثناء سيرها في الشارع مؤكدة أنها تؤمن بأن الضربة التي لا تقتلها تزيدها قوة. قالت الملازم أول هبة عبدالوهاب إنها عشقت مهنة ضابط الشرطة من والدها لواء الشرطة وأيضاً من المسرح وأفلام السينما التي أدتها كل من نبيلة عبيد وهالة صدقي وبوسي ولبلبة ودلال عبدالعزيز وعلا رامي وكنت وقتها صغيرة ولذا التحقت بكلية التربية الرياضية حتي أحقق هذا الحلم. وعن الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها ضابطة الشرطة قالت: مثل الأخطار التي يتعرض لها الضابط وأنا شخصياً قمت بواجبي أثناء ركوبي اتوبيس حيث وجدت شخصين يحاولان الاعتداء علي فتاتين وطاردتهما حتي تركا الأتوبيس مشيرة إلي أنها تدربت مثل باقي الضابطات علي استخدام السلاح وأشارت إلي أنها فخورة بزيها الشرطي ورغم ما تتعرض له من مضايقات بعد أحداث ثورة 25 يناير من بعض الأشخاص الذين لا علاق لهم بشرفاء ميدان التحرير الذين خرجوا يوم 25 يناير وبعدها يحملون أحلام وطموحات الشعب المصري إلا أن ذلك لن يؤثر علي مواصلتها المشوار. وعن رؤيتها لما قدمته السينما المصرية من أعمال بطلتها ضابطة الشرطة قالت منها الجيد جداً مثل فيلم الجزيرة.. بطولة أحمد السقا الذي كان يدور حول أحداث حقيقية في أحد نجوع مصر أما فيلم "هي فوضي" فلم يعجبني لأنه تناول شخصية أمين شرطة سيء وأساء إلي الأفراد جميعاً رغم أن بينهم الكثيرين الذين يؤدون عملهم بإخلاص ويؤدي أحياناً إلي استشهادهم. أما الملازم أول شيرين الشحات فقالت إنها حصلت علي الثانوية العامة بمجموع 83% والتحقت بكلية التربية الرياضية وبعد التخرج تقدمت للأكاديمية وشجعتني أسرتي وبعد القبول كنت خائفة شيئاً ما لكن سرعان ما تشجعت وذلك بعد التدريب وتعلمت كيف احترم من هو أكبر مني والاعتماد علي النفس. وأضافت أنها تعلمت أيضاً كيفية أن تكون أهم واجباتها اعادة الحق للمظلوم ومساندته إلي أبعد الحدود وأن يكون دورها في هذا الشأن مثل دور الضابط وتأمل أن تعمل في أماكن فيها احتكاك مع المواطنين مثل أقسام ومراكز الشرطة حتي لو كانت تشهد أحداثاً ساخنة والتعامل مع السيدات طالبات الخدمة أو مواجهة الخارجات عن القانون. ومن جانبه أكد العميد د. هشام عرفة مدير الإعلام والعلاقات بأكاديمية الشرطة أن كلية الضباط المتخصصين لها برنامج دراسي يعلي شأن المواطن وأن هدفه تخريج ضابط أو ضابطة تحقق الأمن والاستقرار للمواطنين وحماية حقوق الإنسان وقال إن عملية الاختيار تتم وفق معايير وضوابط يخضع لها المتقدمون. أم العقيد دكتور أشرف إبراهيم فقال ان عمل رجال الشرطة أو الضابطات من خريجي كلية الضباط المتخصصين يرتبط بما درسوه ومناهج الأكاديمية التي يعد من بين موادها الهامة مادة حقوق الإنسان ولا يرتبط ذلك بمطالب منظمات حقوق الإنسان ولا برؤية شخصية وحينما يكون هناك خطأ يتم تصويبه فوراً من داخل جهاز الشرطة. أضاف أن ما يطالب به البعض من أن تكون هناك ضابطة شرطة أثناء الحملات والقبض علي المتهمين إذا كان بينهم سيدات فهذا الأمر يتم طبقاً للاحتياجات وحسب طبيعة المأمورية وعمليات المداهمات لا تعرف عند تنفيذها تفرقة في الجنس أو النوع لأن التعامل في هذه الحالة يكون مع خارجين علي القانون ولا يجب أن يستخدم أحد فزاعة حقوق الإنسان لأن هناك ضوابط لتحقيق ذلك.