ومن الفقر ما قتل.. دخل عليها أهلها لكي يغسلوها بمغسلة المستشفي الذي توفيت به وكانت صدمتهم كبيرة عندما وجدوا جرحاً كبيراً ببطنها وهذا الجرح لا يكون بهذا الشكل إلا في عملية استئصال الكلي مع أنها لم تشك يوماً بأي متاعب بالكلي أو بغيرها وأن صحتها كانت جيدة وكل علمهم أنها دخلت المستشفي نتيجة لتسمم حدث فجأة بعد تناولها وجبة طعام. * ولأن إكرام الميت دفنه فقد قام أهلها بدفنها وأصبح الشك يعشش في نفوسهم بأن زوجها دفعها لبيع إحدي كليتها مقابل مبلغ كبير من المال لأنه عامل أرزقي يعمل يوماً ويقعد عشرة.. ولأن الحياة أصبحت قاسية والفقر أصبح ينخر في عظام الفقراء من قلة الفلوس ولقمة العيش فلم يجد الفقراء غير بيع لحمهم من أجل توفير متطلبات المعيشة من أكل وشرب وتعليم الأبناء وتجهيز بناتهم.. متناسين تماماً الآلام والأوجاع التي ستحدث لهم بعد استئصال الكلي أو فص كبد.. وكل ما يعرفونه ويشعرون به أن آلام الفقر أشد وأكبر.. ولا يهم إن تعرضوا للموت أثناء أو بعد العملية. * ففي تقرير صادم للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بأن نسبة المصريين الذين تحت خط الفقر في العام الحالي بلغت 3.26% من إجمالي السكان وهذا يؤكد أن ربع الشعب المصري أصبح يعاني شبح الفقر مما جعل الكثير من هؤلاء يلجأ إلي البحث عن طرق بديلة لكسب المال من أجل توفير احتياجاتهم الأساسية وليس لتوفير الاحتياجات الترفيهية.. لذلك لجأ الكثير منهم إلي وضع لافتات في الطرق مدون عليها تليفوناتهم من أجل التبرع بالكلي "أي كلية للبيع" أو فص كبد للبيع تحت مسمي التبرع. * ولم يقتصر الوضع عند هذا الحد بل هناك تقارير لا أعرف مدي صحتها أكدت أن هناك بعض السيدات تعلن في المستشفيات الخاصة عن استعدادهن لتأجير أرحامهن مقابل مبلغ 50 ألف جنيه للاغنياء الذين يحتاجون لأطفال.. علي أن يكون علاجها ومأكلها وملبسها وسكنها طوال فترة الحمل علي حساب مستأجر الرحم. * كل هذا يحدث في عمق المناطق العشوائية والشعبية الفقيرة التي يتجاهلها المسئولون علي مر الزمان فلو أن هناك عدلا لقامت وزارة التضامن الاجتماعي ببحث مشاكل الأسر الفقيرة التي لا تملك قوت يومها من خلال لجان من الوزارة والعمل علي توفير معاش للأسرة المستحقة والتي ليس لها دخل ثابت. * لابد أن تتجه الحكومة لحل مشاكل البطالة وبسرعة بصرف إعانة بطالة مثلما يحدث في معظم الدول فالشباب عندنا أصبح يبيع كليته وفص كبده من أجل توفير مال لكي يتزوج أو ليعالج والده أو والدته المريضة.. نريد صحوة يا حكومة. كلمة أخيرة: عين بعض الناس أصبحت تقصف الحجر. وقلوب الكثير منهم أصبحت كالصخر.. رغم هطول المطر.