سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالفيديو| عبدالمنعم عبيد: مصر أصبحت قبلة الراغبين في شراء الأعضاء البشرية عضو "القومية المتخصصة": "الأطباء" فتحت باب جهنم بموافقتها على عمليات نقل الكلى
قبل صدور كتابه "زراعة الأعضاء البشرية في مصر والعالم.. بين المشكلات الكبيرة والحلول المنتظرة"، الذي من المنتظر أن يكون مرجعا هاما في مناقشة قضية الإتجار بالأعضاء البشرية، التقت "الوطن"، بالدكتور عبد المنعم عبيد، عضو لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، وعضو المجالس القومية المتخصصة. تحدث عبيد عن تطور عملية زراعة الأعضاء في القرن الماضي، بعد اكتشاف جهاز التنفس الصناعي، واعتبار المريض متوفي في حال توقف المخ حتى مع استمرار عمل القلب، وإمكانية نقل الأعضاء الستة في جسم المتوفي لآخر يحتاج لها، حال موافقة أهل المريض، والجدل الديني حول القانون، الذي لم يحسم عملية زراعة الأعضاء، ما جعل عمليات الإتجار تزداد، وموافقة الكويت والسعودية على تطبيق قانون زراعة الأعضاء البشرية بالمفهوم العالمي، ورفض مصر تطبيقه. وإلى نص الحوار: حدثنا عن كتابك الجديد؟ الكتاب يتكون من 600 صفحة، وينقسم إلى جزئين، الأول يتحدث عن التقدم العلمي والتطور الطبي، الذي أدى إلى زراعة الأعضاء البشرية في القرن الماضي، بعد اكتشاف جهاز التنفس الصناعي، الذي أنقذ حياة المرضى، وخاصة من تعرضوا لحوداث طرق، وكانت النتيجة شفاء عدد من المرضى، وآخر يحدث له تورم بالمخ، ولا يمكن رجوع وظائفه مرة أخرى لانحباسه في فتحة الجمجمة، فيؤثر على مركز التنفس، ومنها من يكون موته محققا، إذا نزع عنه جهاز التنفس، لكن قلبه يعمل بكفاءة لمدة أسبوع، وبعدها يموت، فمن هنا جاءت فكرة إمكانية التبرع بالأعضاء قبل وفاة القلب، في حال إجماع الأطباء على موت الحالة موتا كليا. أما الجزء الثاني، فيتحدث عن التعثر المصري، والطريق للمستقبل، والتيارات الدينية التي عرقلت قانون زراعة الأعضاء البشرية بالمفهوم الدولي، بموت المخ، ما شجع على زيادتها والإتجار فيها. ولماذا تناولت قضية زراعة الأعضاء ونقلها في هذا الكتاب؟ لأن قانون زراعة الأعضاء البشرية يحتاج لتعديل، فهو لم يحسم أمرها، وأتاح للمستشفيات الخاصة أن تقوم بتنفيذ عمليات زراعة ونقل الأعضاء تحت "الترابيزة"، كما يجب إقرار قانون زراعة الأعضاء بالمفهوم العالمي، الذي أتاح نقل الأعضاء من جسم المريض الذي توقفت وظائف المخ لديه توقفا تاما، وأجمع الأطباء على ذلك، بحيث يصبح أمر وضعه على جهاز تنفس غير مجدي، لحتمية وفاته بعد أسبوع، لتوقف القلب، وهذه فرصة لمن سبق وأبدى رغبته في التبرع، ويحمل بطاقة تبرع في جيبه، وموافقة ذويه، بأن يتبرعوا بالأجزاء الستة الصلبة بالجسم، وهي القلب، والرئتين، والكلى، والكبد، والبنكرياس والمعدة، وقد يأخذ الأنسجة أيضا وقرنية العين وقوقعة الأذن وبعض العظام وأجزاء من الجلد، وهذا الأمر يطبق في أمريكا وأوروبا وآسيا والسعودية والكويت، ونظرا لأن العمالة في الدولتين الأخيرتين من دول اسيا، واغلبهم يقود السيارات في تلك الدول، فعند وقوع حوداث الطرق، وإصابة المخ وإجماع الأطباء على توقف وظائف المخ كليا، فيمكن نقل الأعضاء الستة لآخرين يحتاجون لها، لإنقاذ حياتهم، بشرط موافقة ذويهم، وتعويضهم تعويض مادي مناسب. لكن الثقافة المصرية لا تقبل هذا الأمر وتعتبره انتهاكا لحرمة المتوفي؟ إذا تم النظر للأمر بهذا الشكل، فلن يجدي، كما أن التيارات الدينية عارضت هذا القانون وحاربته بحجة الدين، رغم أنه عمل إنساني رائع لإنقاذ حياة مريض، كما ان المتبرع بالأعضاء هو متوفي بإجماع الأطباء، لتوقف وظائف المخ، أي بمجرد الاستغناء عن جهاز التنفس الصناعي سيتوقف قلبه، أي أن لحظة الوفاة تكون بأسباب مخية، وبعد أسبوع تكون بأسباب قلبية، لذلك فإن قانون زراعة الأعضاء لم يحسم هذا الأمر، ونص على أن "تعريف الموت: كل من يتوقف قلبه أو تنتهي كل وظائف المخ"، دون تحديد أي جزئية. لماذا ازدادت تجارة الأعضاء البشرية بمصر في ظل وجود قانون يمنعها؟ للأسف انتشرت تجارة الأعضاء، خاصة الكلى، وفصوص الكبد، نتيجة وجود 15 مليون مواطن مصاب بفيروس التهاب الكبد الوبائي ومعاناة أغلب المصريين من الفشل الكلوي، ما نتج عنه أن بدأت النقابة تتهاون في عملية التبرع، وتسمح لغير الأقارب بتلك العملية، فضلا عن السماح لجنسيات مختلفة، دون التحقق من الشخصيات وأماكن إجراء العمليات التي قد تجرى في الخارج، من متبرع مصري لمريض سعودي أو أردني، فنقابة الأطباء "طنشت"، وأعطت الفرصة لمن يملك أموالا لإعطاء من ليس معه، مقابل التبرع بالكلى أو بفص من الكبد، وتحدث عمليات تزوير في البطاقات الشخصية والجنسيات، وبلغت الفضائح درجة عالية من الإسفاف. حدثنا عن عمليات الغش التي تحدث بين المتبرع والمريض والمستشفى؟ أحيانا يخدعون المريض، الذي يكون مصابا في إحدى كليتيه، دون أن يدري، فيحصلون على السليمة، دون إخباره بوجود مشكلة لديه، فيمرض بعدها ويحتاج إلى عملية زاعة كلى بعد إجراء عملية التبرع، بفترة تتراوح بين ستة أشهر إلى عدة سنوات قليلة. وكنا أحيانا نجد المتبرع مقطوعة قدميه، ويجري العملية بالمخالفة لشروط أن يكون سليما، أو نجد المتبرع محقونة ذراعه بمواد مخدرة، أو يدخل غرفة العمليات مباشرة قادما من الشارع، دون أن يظل بالغرفة عدة أيام للفحوصات، والتأكد من سلامة صحته، وقدرته على التبرع. هل يمكن الأخذ بالاقتراحات المقدمة لتعديل قانون زراعة الأعضاء وتفعيل مفهوم الموت دوليا؟ من المفترض تطبيق تعريف الموت بالمفهوم الدولي، لأنه سينقذ حياة أناس كثيرين، وإقناع الشباب بضرورة التبرع بعد الوفاة، وأن يحمل بطاقة التبرع.. المشكلة في التيارات الدينية المتطرفة التي هاجمت الفكرة، ووقفوا أمام تعريف الموت بالمفهوم الدولي، وأخافوا الناس وهددوا الأطباء، لدرجة أن خرج الدكتور طارق البشري، نائب رئيس مجلس الدولة وقتها، ليعارض القانون، ووقف بجوار المتشددين وأفتى بعدم جواز نقل الأعضاء، وحاول حمدي السيد، نقيب الأطباء، في ذلك الحين، إقناع الحكومة بالقانون قبل ثورة 25 يناير، وتم تمريره دون حسم مفهوم الموت، لمغازلة الجماعات الإسلامية. لكن هل توقفت عملية زراعة الأعضاء بعد إقرار القانون؟ توقفت ظاهريا، لكن من لديه أموال وعلاقات بالحكومة، تغض البصر عنه في إجراء تلك العمليات، وللأسف وافق وكيل نقابة الأطباء على نقل الكلى، ليفتح باب جهنم في عملية الإتجار بالأعضاء، وبدلا من منع عمليات البيع والشراء في النقابة، يمكن أن نجد الكثيرين من أهل المتوفي، الذي وافق على التبرع مسبقا، ويحمل بطاقة في جيبه، يوافقون على التبرع بأعضائه دون مقابل، كخدمة إنسانية جليلة، ففي أمريكا، يتفق مجموعة من الأشخاص مع وزارة الصحة، على التبرع بالكلى للأقارب، وإذا لم تتفق فصائل الدم مع بعضها، تتم عملية التبرع لمن يحتاج، ولأن الفقراء كثيرين في مصر، والمستشفيات الاستثمارية تستقطبهم، في ظل غياب رقابة وزراة الصحة، التي تحاول القيام بواجبها، وغالبا تفشل في مراقبة تلك المستشفيات، فقد دخلت مصر مجال التجارة المحرمة، والهند أيضا، نتيجة الفقر، لدرجة أنها أصبحت منطقة اجتذاب للأجانب الراغبين في إيجاد متبرعين، لذلك أصدرت الهيئة الصحية العالمية، مبادئ أخلاقية للتغلب على التجارة المحرمة، لتحقيق مفهوم التبرع الحقيقي، ورغم ذلك تقوم مصر بتلك التجارة، ولا تطبق القانون بالمفهوم الدولي. ما قيمة أسعار الكلى وفص الكبد؟ أتذكر قبل غلاء الأسعار، كانت الكلى تصل إلى 50 ألف جنيه، وفص الكبد إلى 100 ألف جنيه، وتتم في مصر الآن في مستشفيات خاصة معروفة، ويتم إخفاء المتبرعين وإسكانهم في شقق مفروشة وفي الفنادق حتى تتم العملية.