مأساة الأطفال المتسولين وذل الحاجة والانكسار والجروح المحفورة علي وجوههم قفزت إلي ذهني وأنا أتابع قصة تحت عنوان "كوب قهوة علي الحائط" وباختصار حتي لا أطيل عليكم.. إن كانت القصة تروي تجربته عندما دخل أحد المقاهي بإيطاليا ليحتسي فنجاناً من القهوة وأثناء انتظاره فوجئ بزبون يطلب من موظف المقهي كوباً من القهوة وآخر علي الحائط فقام الموظف بلصق ورقة علي الحائط وأحضر للزبون طلبه ثم تكرر الموقف مع زبون آخر فانتظر الكاتب حتي يجد تفسيراً لقهوة الحائط وما هي إلا دقائق ودخل زبون رث الملبس فأتاه الموظف بكوب قهوة من الحائط في صورة جميلة ومحترمة ودون خدش كبرياء المحتاج أو إهانة كرامته.. فكرة رائعة هي جوهر الأديان السماوية التي تحض علي التكافل ولكن بفكرة أو رؤية معاصرة انتهت القصة لكن لم تنته مأساة أطفال التسول.. أطفال في عمر الزهور ظلمتهم ظروفهم وحرمتهم من البراءة ومن التعليم والطفولة واللعب وأجمل سنين العمر.. تُري لو أن هناك تكافلاً في مجتمعنا هل كنا سنري كم الأطفال المتسولين الذين يلاحقونك في إشارات المرور غير عابئين أن يدهسهم أتوبيس أو تصدمهم سيارة أم أن التسول أصبح حرفة يمتهنها البعض من أجل المكسب السريع والمضمون وربما يفسر ذلك أشكال التسول المتنوعة التي تلاحقنا فهذا يتسول بحزمة نعناع وآخر بباكو مناديل وثالث يدعي المرض ورابع يصطنع إعاقة وخامس يروي لك حكاية مفتعلة من وحي خياله وسيناريوهات متكررة تؤكد أنك أمام نصاب ومحتال ومستغل وسادس يطاردك ليمسح لك زجاج سيارتك وسابع وثامن.. وهكذا. دراسة حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية كشفت أن لدينا أكثر من 11 ألف متسول منهم 7357 من الأطفال يليهم المسنون والأطفال يتم تأجيرهم من قبل ذويهم باليوم والأسبوع أو الشهر أو يكونوا مخطوفين وأن شوارع القاهرة تحتل المركز الأول في أعداد المتسولين فيها 4333 متسولاً يليها الإسكندرية بها 1572 وأن 3.41% من المتسولين يتم إجبارهم علي ممارسة التسول بغير إرادتهم وأن 75% من المتسولين يحملون صفة متسولي المواسم أي من ينزلون لممارسة التسول في المواسم والأعياد والمناسبات الرسمية اعتقاداً منهم بزيادة الرزق في هذه المواسم. ودراسة أخري أجريت منذ سنوات طالبت بتقنين أوضاع المتسولين وإنشاء نقابة لهم كتنظيم وكيان يعتمد له ميثاق شرف يلتزم به من يريد الحصول علي رخصة وهوية تسمح له بممارسة التسول. الواضح أن التسول أصبح مهنة يلجأ إليها الكثير من أجل المكسب السريع والمضمون فهي مهنة لا تحتاج جهداً ومهارات كثيرون امتهنوا التسول وهم ليسوا فقراء ولكن جشعين حتي أن الأمر التبس عليك بين من يستحق المساعدة ومن لا يستحق وأياً كانت أساليب هؤلاء وحيلهم لابد أن نجد حلاً لهذه الظاهرة الاجتماعية المسيئة لنا والتي تعطي انطباعاً سيئاً لأي زائر لمصر.. لابد من تعامل أمني واجتماعي للوقوف علي أسباب الظاهرة وما إذا كانت هناك عصابات منظمة وراء هذا الكم من المتسولين وخاصة الأطفال الذين تربوا علي ثقافة التسول فما الذي ننتظره من أطفال تربوا علي الذل وكسر النفس والمطاردات بالطبع بلطجية ومجرمين مستقبلاً!! كلمات لها معني * من يقتلك ليس من يطلق عليك رصاصة.. من يقتلك هو من يقتل أحلامك. * إذا كنت لا تمتلك شخصاً مميزاً في حياتك فلا تحزن فقد تكون أنت الشخص المميز في حياة الكثيرين وأنت لا تعلم. * لا تتجاهل صديقاً حقيقياً يهتم بك لأنك في يوم ما سوف تدرك أنك خسرت الماس وأنت مشغول بجمع الحجارة.