علي غلاف مجلة "إبداع" التي تصدر عن هيئة الكتاب. إشارة إلي أنها مجلة شهرية. ورغم ذلك فإن العدد الذي صدر منذ عدة أيام عبارة عن عددين في عدد واحد. هما عدد 1 "يونيو ويوليو"!! مع أننا الآن في نهاية شهر سبتمبر. وبذلك سيصدر عدد 1 أغسطس وسبتمبر في أكتوبر أو نوفمبر.. ولا تدري لماذا؟!! المجلة تطورت لا شك كثيراً. بعد أن تولي رئاسة تحريرها الروائي الكبير محمد المنسي قنديل. ومعه روائي شاب صاحب موهبة كبيرة هو طارق إمام مدير التحرير. سرت في المجلة روح شابة لها علاقة بالدنيا. بعد أن تحولت علي يد رئيس تحريرها السابق الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي. ومدير تحريرها الشاعر حسن طلب. إلي مجلة متحفية بائسة لا يقرأها أحد. يذكر الجميع مجلة "إبداع" العريقة أيام كان يرأسها الناقد الكبير د.عبدالقادر القط. الذي جعل منها واحدة من أهم المجلات الثقافية في الوطن العربي. وفتح أبوابها للتجارب الشعرية والقصصية الجديدة التي كان هو نفسه مختلفاً معها. ورغم ذلك كان ينشرها استجابة إلي النبض الجديد في الكتابة. شاهدت بنفسي د.عبدالقادر القط. هذه القامة الكبيرة. يجلس في مكتبه المتواضع بالمجلة ويستقبل الشعراء والكتاب ويقرأ معهم أعمالهم. ويناقشهم في جملة أو كلمة أو حتي في حرف ويستفسر منهم مثلاً عن الغرض من المزج بين تفعيلتين. أو الاستغناء تماماً عن التفعيلة والخروج إلي قصيدة النثر. والغريب أن د. القط عندما كان يلمح جملة يري أنها نابية أو غير متفقة مع الذوق العام كان يطلب من صاحب النص تغييرها. والأغرب أن أصحاب النصوص. ومنهم من كان يعتبر نصوصه قرآناً. كانوا يستجيبون فوراً. ليس من أجل تمرير النص. وإنما لاقتناعهم بما يقوله الاستاذ. وعندما بدأت قصيدة النثر في اجتياح الساحة. ورغم عدم استساغة د.القط لها. لم يتخذ منها موقفاً عدائياً. كل ما استطاع عمله هو تخصيص باب بعنوان "تجارب" لينشر فيه هذه النصوص التي يختلف معها لإيمانه بحق أصحابها في الاختلاف والتجريب أياً كانت شطحاتهم من وجهة نظره. وهكذا لا يوجد شاعر أو قاص من السبعينيات أو الثمانينات أو التسعينيات. لا يدين بالفضل للدكتور عبدالقادر القط رئيس تحرير "إبداع" الذي علمه وقدم نصوصه عبر المجلة. ولأننا في مصر أم الدنيا فقد ساءنا أن تكون لدينا مجلة ناجحة ومحترمة. فقد شهدت المجلة إبان رئاسة تحرير عبدالمعطي حجازي لها. تراجعاً رهيباً. فمن ناحية. أغلقها مدير تحريرها المنفصل عن الحياة أساساً. حسن طلب في وجه كل من يختلف معه. فنياً أو شخصياً. ومن ناحية أخري لم يحارب هو أو رئيس التحرير من أجل انتظام صدور المجلة التي نسيها الناس تماماً حتي عادت للصدور بشكل جديد وتفاءلنا جميعاً بهذا الميلاد الجديد للمجلة العريقة. مشكلة "إبداع" الأساسية وهي مشكلة جميع اصدارات وزارة الثقافة تكمن في أمرين. الأول هو عدم انتظام الصدور. وهذا يرجع إلي تحكم عمال المطابع. بل وبلطجيتهم في بعض الأحيان. حيث يعملون بالمزاج ولا يعنيهم أن تصدر المطبوعة في وقتها أو حتي تصدر بعد عام. أما الأمر الثاني فهو سوء التوزيع نظراً لأن كل مؤسسات الوزارة تصدر مطبوعات مهمة ثم تلقي بها إلي شركة توزيع غير معنية أساساً بفكرة الثقافة. أو تلقي بدورها المطبوعات إلي موزعين غير معنيين سوي بالربح. ولأن مطبوعات الوزارة رخيصة والعائد بالنسبة لهم لا يذكر. ولأن مؤسسات الوزارة. باعتبارها حكومية. لا تستطيع تشجيع العاملين بشركة التوزيع أو الموزعين بمكافآت أو هدايا كما تفعل المؤسسات الخاصة. تكون النتيجة وضع مطبوعات الثقافة أسفل "الفرش" أو حتي في مكان غير ظاهر. والغاوي من القراء يبحث بنفسه!! وعودة إلي مجلة "إبداع" وما ينطبق عليها ينطبق علي الاصدارات الأخري. فإن السؤال الذي يطرح نفسه: متي تصدر هذه المجلة الشهرية في موعدها. اليوم الأول من كل شهر. ومتي تستعين الوزارة بمدير تسويق. من خارج دائرة الموظفين. ليضع من الخطط والآليات ما يتيح مطبوعات الوزارة للقراء أينما كانوا؟ أما العددان اللذان صدرا من "إبداع" فقد تم تخصصهما لفن "الكوميكس" في مصر. وهو ما يستحق الاشادة بالمجلة والفرح بها حقاً. فقد أصبح لهذا الفن مريدون كثيرون. خاصة من فئة الشباب. وأصبح له مبدعون مهمون يعرفهم الشباب جيداً. وبذلك تعلن المجلة استجابتها لروح العصر وتلبي احتياجات القراء. ولا تنغلق علي نفسها. وتظل في كهف التقليد. ولا تستجيب كما كان يحدث علي يد حجازي وطلب إلا لمزاج واتجاه وعلاقات رئيس تحريرها. وفن الكوميكس كما جاء في افتتاحية العدد التي كتبها المنسي قنديل فن يحاول أن يرفع من القوة التعبيرية للكلمة حين يربطها بالصورة وفي أحيان يجعل من الصورة بديلاً عن الكلمة. ولكنه من وجهة نظري يكون في أفضل أحواله حين يربط الاثنين معا. فاتحاد الريشة والكلمة في عمل واحد كان دائماً أحد أحلام اكتمال الإبداع. لذلك لا أستطيع أن اخفي سعادتي ونحن نقدم هذا العدد الخاص عن فن "الكوميك" لا نعلن عن ولادته في مصر ولكن عن وجوده المؤكد. وعن إيمان بعض الفنانين الموهوبين به وعملهم الدؤوب في الظل. بعيداً عن دائرة الضوء. وعدم البحث عن المكاسب المادية حتي يخصصوا موهبتهم العظيمة ليثبتوا دعائم هذا الفن الجديد. فالعالم يعرفه من ثلاثينيات القرن الماضي بعد أن تم انتشاره. وينعمون بثماره الفنية من كتب ومجلات وأفلام. إلا نحن!!