لم يختلف حال المسرح عن السينما والتليفزيون كثيرا في عدم تقديمه لأي أعمال مسرحية يؤرخ من خلالها لنصر أكتوبر العظيم وتقديم صورة قوية عن الجندي المصري. علي الرغم من مرور 42 عاما علي حرب أكتوبر 73 المجيدة. في الوقت التي نجحت فيه الحكومات الأمريكية وقامت بإنتاج العديد من الأعمال الأمريكية التي تمجد فيها الجندي الأمريكي. ¢المساء الأسبوعي¢ استطلعت آراء عدد من الفنانين وكتاب المسرح حول تجاهل المسرح لحرب اكتوبر. فمنهم من يري أنه من الصعب تقديم ذلك علي المسرح. ومنهم من يري أن قلة الكتاب المسرحيين ونقص المعلومات الحربية لديهم وعدم تعاون القوات المسلحة فضلا عن إهمال الدولة وابتعادها عن انتاج هذه النوعية من الأعمال. تقول سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب: قلة الكتاب والمؤلفين المسرحيين في كتابة نص مسرحي قوي يؤرخ من خلاله لحرب اكتوبر كي نستطيع نحن كممثلين تجسيده علي خشبة المسرح. فضلا عن أن المسرح يفتقد دعم الامكانيات التي تدفعه لتقديم أعمال مسرحية تناسب هذا الحدث العظيم. مشيرة إلي أن الدولة لم تفكر في الثقافة علي الرغم من الفرق المسرحية العديدة التي تمتلكها إلا أننا لا نجد فرقة قدمت عملا عن حرب اكتوبر وذلك بسبب قلة الانتاج ولا نعلم في أي مكان تصرف هذه الأموال ومن الطبيعي أن يتجاهل منتجي القطاع الخاص هذا الحادث خوفا علي أموالهم. الفنانة سهير المرشدي تقول: كنت أنا أول من وقفت علي خشبة المسرح القومي وقدمت العرض المسرحي ¢حدث في أكتوبر¢ في عام 73 وهذا العمل رصد علي الطبيعة الواقع القومي والسياسي الاقتصادي. وتضيف للأسف الشديد هناك تقاعس من الدولة ووزارة الثقافة في عرض الكنوز التي تمتلكها ويفضلون عرض الأعمال الترفيهية بحجة أنهم يرفهون عن الناس. أضافت: لا يوجد أحد الآن ينادي بالقيمة الفنية في توثيق الأحداث واصبحنا جميعا في غفلة خاصة بعد حرب أكتوبر ثم النكسة الكبري في فترة الانفتاح. وتجاهلوا الحديث عن حرب أكتوبر لأن ذلك ليس مطلوبا لتذكير الأجيال بهذا الحدث. لا سيما وأن الدولة إذا كانت تريد التأكيد علي حرب اكتوبر وتمجيد الأبطال وتعليم الأجيال لن تعجز وكان يمكنها انتاج مئات الأعمال التي تتحدث عن هذا الحدث العظيم. بينما يري الفنان فتوح أحمد رئيس البيت الفني للمسرح: انه من الصعب جدا أن تقدم أعمال مسرحية عن حرب أكتوبر لأن المسرح يحتاج إلي كتاب كبار يؤرخون بدقة لهذه الفترة الهامة في مصر تليق هذا الحدث. أضاف: تحدثت من قبل مع مسئولين في الشئون المعنوية بأن يتعاونوا معنا ويمدوننا بالمعلومات الحقيقية والصحيحة وقصص المجندين والعساكر وضباط الصف الثاني الذين استشهدوا في الحرب وحققوا بطولات عظيمة من خلال ملفاتهم. علي أن نقوم بعمل أفلام تسجيلية قصيرة مدتها 45 دقيقة ويتم تصويرها داخل البلدة التي كان يعيش فيها كل شهيد بعيدا عن التكلفة العالية للفيلم الروائي الطويل. واعتقد أن ذلك سوف يخلق انتماء وطني وللأسف لا أحد استجاب. الكاتب فيصل ندا يقول: من الاستحالة الآن تسجيل حرب اكتوبر فنحن اليوم ¢نبكي علي اللبن المسكوب¢. فالمسرح غير منوط به ظهور الدبابات والمدافع والعمليات القتالية لأن هذه وظيفة السينما فهي المكان الوحيد الذي يستطيع أن يبرز ويؤرخ هذا الحدث التاريخي الكبير نظرا للامكانيات التي تمتلكها السينما. فضلا عن اننا لم نجد أي تعاون من القوات المسلحة حتي نستطيع أن نخرج الحرب بصورة مشرفة. أضاف: الدولة هي المسئولة عن محو تاريخ حرب اكتوبر من ذاكرة السينما المصرية بسبب تجاهل تسجيل الوقائع التاريخية ونقل الصورة علي طبيعتها مشيرا إلي أن هذه جريمة ارتكبت في حق الأجيال وكان يجب علي القوات المسلحة أن تنتج أفلاما تؤرخ لحرب اكتوبر لأن انتاج الدولة اندثر مع حرب أكتوبر. ويري المخرج المسرحي فهمي الخولي. أن الذين عاشوا فترة حرب اكتوبر 73 ليسوا مبدعين وهم ندرة ومن يستطيع أن يؤرخ ويقدم أعمالا مسرحية أو سينمائية لابد وأن يكون عاش واقع العبور وأغلبهم داخل الجيش وهؤلاء ليسوا لديهم الوقت لأن يكتبوا ويعبروا عن الواقع الذي عاشوه. مشيرا إلي أنه من غير الصحيح ما يتردد دائما انه لابد وأن نبتعد عن الحدث فترة زمنية طويلة حتي نعبر عنه ونحن الآن بعد 42 عاما لم نجد أحدا يعبر عن حرب أكتوبر. أضاف: نحن مرضي بجلد الذات فقد عبرنا عن هزيمة 67 في أعمال سينمائية ومسرحية كثيرة وعندما تحقق النصر بعد 6 سنوات لم نجد من يعبر عن فرحنا. وقال الخولي: تعودنا دائما من القطاع الخاص علي أنه يسعي إلي الربح المادي من خلال تقديم النكتة المبتذلة وتفاهة الموضوعات الرخيصة. أما الانتاج الحكومي يسعي إلي الرسالة وبناء الإنسان وجدانيا وثقافيا وللأسف الشديد القائمين علي الانتاج الحكومي وقيادات التليفزيون ووزارة الثقافة ما هم إلا موظفين يحبون وظيفتهم ويخافون علي الكرسي في الوقت الذي يستمر فيه الفاشل ويبتعد الناجح.