يومان وتحل الذكري الثانية والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة ولأنني لا أريد أن أكرر نفس ما كتبته في كل مرة عندما تحل هذه الذكري العزيزة وأعاتب من جديد السينما المصرية وعجزها البين عن إنجاز عمل كبير يليق بهذا الحدث الملحمي العظيم. الأمر الذي يجعل القنوات التليفزيونية تعيد عرض مجموعة الأفلام نفسها المعروفة والتي حفظها الجمهور ولا أعتقد ان لديه لا يزال بعد هذه السنوات الطويلة فائض حماس يدفعه للفرجة علي هذه الشرائط الضعيفة مقارنة بالحدث الجلل. يوجد بالتأكيد شرائط تسجيلية منها ما هو متاح علي "اليوتيوب" وأحدها فيلم نادر عن حرب اكتوبر ليبدأ بصوت الرئيس السادات وهو يطمئن الشعب المصري "بعد خوف وبعد أن أصبح له درع وسيف" ويدفع عن القوات المسلحة أي لوم باعتبارها السبب في هزيمة .1967 يقول في مقدمة الفيلم وهو تسجيلي ومترجم: "ولم يكن يخامرني شك في أن هذه القوات المسلحة من ضحايا 1967 ولم تكن أبداً من أسبابها". لا يصح أن نحتفل في كل سنة بهذه الذكري بنفس الأفلام الستة الهزيلة وهي "بدور" و"الوفاء العظيم" و"حتي آخر العمر" و"الرصاصة لاتزال في جيبي" و"أبناء الصمت" و"العمر لحظة" وكلها أعمال من أفضل حالاتها تعتبر دون المستوي ومنها ما هو هزيل إلي درجة الاساءة للحدث نفسه. علي المسئولين في وسائل الإعلام المرئية أن يبتكروا طريقة للاحتفال بالذكري تعبر عن أي نسبة من التغيير الذي يفترض أنه حدث في عقلية وأسلوب معالجة القائمين علي الإعلام بعد ثورتين كبيرتين وانجازات وطنية مشهودة علي مستوي الواقع العملي. وربما يسعفنا في هذه المناسبة الأعمال التسجيلية التي لم تعرض بعد وهي بالتأكيد ليست قليلة ولا أعرف علي وجه اليقين إن كان لدي القوات المسلحة شرائط عن المعارك مسجلة ولم تستغل بعد في أعمال متكاملة يمكن عرضها في احتفالات حرب أكتوبر. الأجيال التي ولدت في عام 1973 وبعدها أصبحت الآن قوة فاعلة وجميعهم بالقطع من جموع الشباب الذين شاركوا في ثورتي 25 يناير و30 يونيو ونسبة كبيرة منهم لم تعش الزخم الهائل من المشاعر الوطنية لأجيال الآباء والأمهات الذين شهدوا عمليات العبور وتابعوا وقائع الحرب والمعارك والإبداع العسكري الفذ الذي دمر خط بارليف بخراطيم المياه في حيلة فنية عبقرية ليست مسبوقة. وهناك سؤال يكرره المهتمون لماذا عجزت صناعة السينما الوطنية عن التعبير المناسب عن "أكتوبر" بفيلم قوي ينقل للجمهور أهمية وخطورة هذا الحدث التاريخي وتأثيره علي العدو الإسرائيلي وانعكاساته العالمية خارج مصر. أما في فيلم وثائقي عن حرب اكتوبر. بعنوان "المعجزة المصرية حرب 1973 وهو كما يقول عمل نادر جدا صور علي أرض المعركة وتم تصويره من قبل إحدي الدول الأجنبية وعليه ترجمة أسبانية.. وهناك أعمال أخري يمكن عرضها جميعا وإن كنت لا أعرف هل يمكن الحصول عليها ولكن من المؤكد أن "الأصول" وأعني المشاهد المصورة والمادة الموضوعية موجودة لدي القوات المسلحة. ومن بين الأفلام المتاحة شريط عن قوات الصاعقة المصرية لمن يريد أن يعرف حجم القوة التي تتمتع بها قواتنا المسلحة وهذا الفيلم الذي أشاهده عن "الصاعقة" تم عرضه علي قناة ديسكفري وقد سبق مشاهدته ويصاحبه تعليق يشرح عمليات الصاعقة. ومحاولاتهم في تحرير رهائن الطائرة المصرية المخطوفة في مالطا عام ..1985 وكذلك يصور دور هذه القوات في تحرير الكويت عام 1990 وفي تدريب القوات الكويتية للدفاع عن أرضها والمهارات التي يمتلكها جندي الصاعقة وقدرته علي أن يتحمل ظروف الحياة في الصحراء لمدة طويلة ويأكل مما في الصحراء من ثعابين وغيرها ويصل للماء بطرق خاصة.. هناك بالقطع مادة هائلة يمكن استغلالها في عمل المزيد من الأفلام. بعض هذه الشرائط المتاحة لا تصور علي نحو مباشر وقائع الحرب التي دارت في أكتوبر ولكنها تعكس قدرة القوات المسلحة ليس فقط في تحرير أرضها وإنما الأراضي العربية التي تتعرض للعدوان الغاشم من قبل قوات معتدية. الأفلام الوثائقية مهمة جدا في هذا التوقيت خصوصاً وأننا نخوض حربا ليست أقل ضراوة وإن مثلت جيلا آخر شديد الاختلاف في ساحات الحروب وهو ما يطلقون عليه حرب الجيل الرابع وخصوصا مرة ثانية ونحن نواجه عجز السينما الروائية عن عمل أفلام محترمة يمكن عرضها في دور العرض الافلام الوثائقية يمكن عرضها في التليفزيون ومن العيب الشديد أننا حتي الآن لا نملك عملا سينمائيا يعكس ضخامة ماجري علي أرض المعارك في سيناء وحجم الإنجاز الذي حققته ومازالت تحققه القوات المسلحة. هناك مئات الأفلام الضخمة والمؤثرة والمضللة في أحيان كثيرة قدمتها "هوليود" عن حروب أمريكا العدوانية علي فيتنام وكوريا والعراق وأفغانستان والصومال...الخ وهي التي صنعت الصورة الذهنية عن عظمة الجيش الأمريكي. والسلاح الامريكي والذي لا يقهر والذي يتم تصديره إلي إسرائيل والذي تواجهه القوات المسلحة المصرية وتتصدي له وتهزمه في معارك أكتوبر وفي اختراق خط بارليف. نحن الآن في حرب ضروس وعلينا أن نعي ذلك ولا يغيب عن بالنا أن السينما حتي الآن تلعب في الاتجاه المعاكس الذي يغيب الوعي ويزيف الواقع ويختزله في راقصة ومطرب وغرزة حشيش!