شهدت السينما المصرية بعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973 عددا من الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر المجيدة، والتي تدخل في ذكرى عام إنتاجها الأربعين، نفذها المخرجين في حدود الإمكانيات المتاحة آنذاك، وفي وقت ضيق. واليوم في الذكرى الأربعين من حرب العاشر من رمضان عام 1393 هجرية، نتذكر تلك الأفلام والتي ارتبط بها وجدان الشعب المصري، فعلى الرغم من قلة هذه الأفلام مقارنة بالأفلام التي أنتجت في الحرب العالمية الأولى والثانية، وضعف إمكانياتها بما يناسب حرب عظيمة كحرب أكتوبر، إلا أننا كنا ننتظر عرضها لنتذكر نصر جنودنا على العدو الإسرائيلي وعبور خط بارليف. وكان الفنان محمود يس هو أبرز الممثلين الذين قاموا بأدوار البطولة في أربعة أفلام عن حرب أكتوبر، كما كان للمخرج محمد راضي نصيب الأسد في إخراج ثلاثة أفلام عن الحرب منهم أثنين بعد الحرب مباشرة؛ حيث بدأ تصوير فيلم "أبناء الصمت" في ديسمبر عام 1973، وتم عرضه في يناير عام 1974 أي استغرق تصويره شهرا واحدا، ويصنف هذا الفيلم من أفضل مائة فيلم مصري، قام ببطولته نور الشريف، محمود مرسي، ميرفت أمين، ومحمد صبحي، كما كتبه مجيد طوبيا. والفيلم يصور مجموعة من الجنود يلتقون في خندق واحد أثناء حرب الاستنزاف، يجمعهم الإحساس بالمرارة من هزيمة حرب 1967، ثم يتحقق النصر بعد استشهاد بطل الفيلم. أنتج أيضا فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي" عام 1974، والذي كتب قصته رمسيس نجيب، وقام ببطولته محمود يس، نجوى إبراهيم، حسين فهمي، ولأهميته شارك في إخراجه سبعة مخرجين ضمنهم أثنين إيطاليين، وكان يشرف عليهم المخرج حسام الدين مصطفى، كما كان له عشرة من مديري التصوير. وتبدأ أحداث الفيلم مع نكسة 1967، مرورا بحرب الاستنزاف، ثم حرب السادس من أكتوبر وتحقيق النصر. مثله فيلم "بدور" أنتج في عام 1974، والذي ألفه وأخرجه نادر جلال، وقام ببطولته محمود يس، نجلاء فتحي، مجدي وهبه، وهدى سلطان. وتدور أحداثه حول موظف يلتق بفتاة هاربة من أشخاص قامت بسرقتهم، وتجمعهم قصة حب، ثم يستدعى الموظف للحرب، ويظن أنه استشهد لكنه يعود بعد النصر لحبيبته. وفي تجربة أخرى قدم محمود يس ونجلاء فتحي في نفس العام 1974 بطولة فيلم "الوفاء العظيم"، وشاركهما البطولة سمير صبري، كمال الشناوي، وعبد المنعم إبراهيم. ومزجت أحداث الحرب في هذا الفيلم بقالب اجتماعي. والفيلم قام بكتابته فيصل ندا، وأخرجه حلمي رفله. أما فيلم "أغنية على الممر" والذي تم إنتاجه في عام 1972 قبل النصر، وهو ضمن أفضل مائة فيلم مصري، فقد أخذت قصته عن مسرحية "أغنية على الممر"، التي كتبها علي سالم. ودارت قصة الفيلم حول حرب الاستنزاف؛ حيث احتجز خمسة جنود في ممر، استشهد جميع زملائهم في نكسة 1967، ثم يستشهدوا جميعا في نهاية الفيلم وهم يغنوا أغانيهم الوطنية. وقام ببطولة هذا الفيلم محمود يس، محمود مرسي، صلاح السعدني، صلاح قابيل، أحمد مرعي، مديحة كامل، هالة فاخر، وسهير الباروني، وأخرجه علي عبد الخالق. وبعد أربعة سنوات أنتج فيلم "العمر لحظة" في عام 1978، وكان بطولة وإنتاج الفنانة ماجدة الصباحي، وشاركها البطولة الفنانين: أحمد مظهر، أحمد زكي، نبيلة عبيد، ناهد شريف، ومحمد خيري، كما قام بإخراج الفيلم محمد راضي، وهو عن قصه للأديب الكبير يوسف السباعي. وقامت ماجدة بدور صحفية تهتم بالقضايا الوطنية، وتنتقل متطوعة لأرض المعركة لمساعدة الجنود في عمليات تمويهية للعدو. ومن الأفلام أيضا التي قدمتها السينما المصرية فيلم "حتى آخر العمر" الذي أنتج عام 1975، وهو بطولة نجوى إبراهيم، محمود عبد العزيز، عمر خورشيد، وقصة يوسف السباعي، وإخراج أشرف فهمي، كما أنتجه رمسيس نجيب. وتدور قصة الفيلم في مرحلة ما بعد الحرب حيث يبدأ مصابي الحرب بممارسة حياتهم الطبيعية، ويعودوا إلى زوجاتهم في احتياج للشكر على ما قدموه من تضحيات. قدم أيضا فيلم "لا وقت للدموع" عام 1976، وقام ببطولته الفنانين: حسين فهمي، نجلاء فتحي، نور الشريف، وصفية العمري. أما عن المسرحية الوحيدة التي تناولت حرب أكتوبر فقام ببطولتها الفنان محمود يس وهي "حدث في أكتوبر" ، تم تقديمها على خشبة المسرح القومي في نهاية عام 1973، واستمر عرضها حتى عام 1974، وشارك في البطولة سهير المرشدي، وهي من إخراج كرم مطاوع. كما أخرج شادي عبد السلام فيلم "جيوش الشمس"، وهو فيلم تسجيلي يتناول العبور وحرب السادس من أكتوبر، أنتج في عام 1974، وحصل به على جائزتين. وبعد حوالي خمسة عشر عاما تم عرض فيلم "حكايات الغريب" في التليفزيون المصري عام 1992، والذي تناول أحداث تاريخيه ما بين النكسة والعبور، وقام ببطولته الفنان محمد منير، محمود الجندي, شريف منير, حسين الأمام، ومن إخراج إنعام محمد علي. وتدور أحداثه حول اختفاء أحد الأشخاص في الحرب، وتظل أسرته تبحث عنه طوال الفيلم، فيتعرف على صورته الكثير من الأشخاص، كل منهم يؤكد انه باسم مختلف. والفيلم عن قصة قصيرة للكاتب جمال الغيطاني. كما أخرجت إنعام محمد علي فيلم "الطريق إلى إيلات" في عام 1993. وتدور أحداث الفيلم حول فرقة ضفادع بشرية تابعة لسلاح البحرية المصري تهاجم ميناء "إيلات "الحربى بعد حرب الاستنزاف، ويتمكنوا من تدمير سفينتين حربيتين هما" بيت شيفع" وبات يم" والرصيف الحربي، ويعود الضفادع باستثناء شهيدا واحدا. والفيلم بطولة عزت العلايلي، نبيل الحلفاوي، محمد سعد، علاء مرسي، ناصر سيف، محمد عبد الجواد، والفنان الراحل صلاح ذو الفقار الذي يعد هذا الفيلم الأخير الذي قام بتمثيله، كما كتب فايز غالي سيناريو وحوار الفيلم. وفي عام 1999 أخرج محمد راضي فيلم "حائط البطولات"، لكن الرئيس المخلوع حسني مبارك أوقف استكمال تصويره 12 عاما، لكن المجلس العسكري وافق على استكمال العمل وتصوير المعارك الحربية، والفيلم بطولة محمود يس، فاروق الفيشاوي، خالد النبوي، حنان ترك، وندى بسيوني، كما كتبه إبراهيم رشاد ومصطفى بدر ومحمد راضي. وافقت القوات المسلحة أيضا على سيناريو فيلم "الطريق إلى جهنم" الذي يتناول أحداثا حقيقية وقعت خلال حرب أكتوبر، والفيلم مقتبس من مذكرات اللواء نبيل أبو النجا أحد قيادات الصاعقة أثناء حرب أكتوبر. ومن أبطال الفيلم الفنان القدير أحمد عبد الوارث، الذي يلعب دور أعرابي من بدو سيناء، يقدم خدمات مهمة لخمسة من ضباط الجيش أثناء حرب أكتوبر. ويشارك في بطولة العمل النجم كريم عبد العزيز، وأحمد عز. جدير بالذكر أن الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر تم تصويرها في مواقع القتال الحقيقية، كمعسكرات الجبهة في مدينة الإسماعيلية، السويس، القنطرة شرق وغرب، بورفؤاد، وبورسعيد. كما تم الاستعانة بحوالي 3000 جندي في مشاهد أفلام "العمر لحظة"، و"أبناء الصمت".