بين لحظة وأخري سوف يعلن عن اكتمال تشكيل الحكومة الجديدة بعد مشاورات وصفت بأنها صعبة حيث شهدت مرحلة المشاورات هذه ظاهرة جديدة علي حياتنا السياسية وهي اعتذار كثير من المرشحين عن المنصب الوزاري الذي قدم لهم.. قالت بعض الصحف ان الاعتذارات كانت بالجملة.. وقالت صحف أخري ان الاعتذارات تسببت في "ورطة". وقد ورد في تبرير هذه الاعتذارات ان عمر الحكومة الجديدة سيكون قصيرا.. لن يتجاوز أول ديسمبر القادم.. أي حوالي شهرين ونصف تقريبا.. حيث سيكون قد تم إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة وجاء مجلس النواب الجديد الذي سيشكل بالضرورة حكومة جديدة طبقا للدستور.. وعلي هذا فإن كثيرا من الوجوه المعتذرة خشيت من أن يجري حرقها سياسيا خلال الشهرين القادمين. وهذا تبرير مقبول للاعتذار.. لكنه في ذات الوقت تبرير مردود عليه.. فهناك كثيرون من بيننا يسعدون جدا بلقب الوزير السابق ويسعدون بمخصصاته ويفكرون بعقلية عصفور في اليد وأحيني اليوم.. وهؤلاء لا يمكن ان يعتذروا ثم ان قضاء شهرين في المنصب الوزاري قد يرشحهم للاستمرار في الحكومة التي سيأتي بها البرلمان إذا أحسنوا الأداء وأثبتوا الكفاءة والشهرة التي سينالها الوزير خلال الشهرين عن طريق ترديد اسمه في الصحف والقنوات التليفزيونية ستجعل فرصته في الاستمرار أفضل ممن يأتي من المجهول. ثم اننا بطبيعتنا نميل إلي من نعرفه وعندما سئل الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد عن الشخصية التي سيعهد إليها بتشكيل الحكومة إذا فاز بالأغلبية فأجاب دون تردد: وهل هناك أفضل من المهندس إبراهيم محلب. كان ذلك بالطبع قبل ان تهب رياح التغيير علي محلب ووزارته. وعلي كل حال فإن ظاهرة الاعتذار عن المنصب الوزاري ليست سلبية دائما ولا ننفرد بها.. فربما رأي البعض انهم أكبر من الوزارة وهذا حقهم.. وربما رأي آخرون ان المنصب الوزاري اليوم لم يعد مغنما.. ويفكر بعقلية "الباب اللي ييجي منه الريح سده واستريح" و"ابعد عن الوزارة وغنيلها".. فاتهامات الفساد جاهزة.. والمتربصون كثيرون.. وهؤلاء ينتظرون لحظة السقوط وقد يجتهدون في البحث والتنقيب في أوراق الماضي عن هفوة هنا أوهناك واصطياد أية زلة يطاردون بها الوزير أو يبتزونه.. وقد يعمل بعض الخبثاء علي توريطه عمدا مع محمد فودة أو من يشبهه مثلما حدث مع وزير الزراعة ورئيس الوزراء المكلف نفسه "شريف إسماعيل".. وعندما تقع الذبيحة تكثر السكاكين.. ويضحك الخبثاء في داخلهم. المهم ان الاعتذار عن المنصب الوزاري له مبررات كثيرة هذه الأيام.. وهي مبررات يجب ان نحترمها ونقدرها.. وليست مقصورة فقط علي قصر عمر الوزارة الجديدة.. وفي مقابل هذه الاعتذارات كان هناك من يلهث من أجل ان يأتي وزيرا أو أن يستمر وزيرا.. عبده مشتاق دائما جاهز.. وقد نشرت جريدة "الشروق" أمس الأول - الاثنين - ان وزير الأوقاف المهدد بترك منصبه لخلافه مع شيخ الأزهر قد طالب الأئمة بالتظاهر حتي يستمر في المنصب تحت شعار "ابق فأنت الأمل".. وهذا الوزير نفسه هو الذي أمر بتغيير عنوان خطبة الجمعة الماضية الموحدة لتتحدث عن رفض الإسلام لترويج الشائعات..وذلك ردا علي الحملة التي تحدثت عن علاقته مع محمد فودة الفاسد المرتشي. لا بأس.. هناك من يعتذرون وهناك من يلهثون.. واللاهثون أكثر.