في دراسة سريعة حول تأثير الصحافة وبخاصة الثقافية علي المجتمعات.. نجدها من أهم وأقوي المؤثرات علي تنمية الوعي وزرع المعرفة بين كل قاريء للصحيفة باعتبارها الوسيلة الأكثر انتشاراً قبل تكنولوجيا المعلومات.. فمازال للجريدة الورقية هذا الحب بين جمهور ليس بالقليل.. وقد أخذنا "المساء" نموذجاً لما له من دور ريادي في هذا المجال.. فمنذ نشأة "المساء" والاهتمام الأكبر للثقافة والدليل علي ذلك وجود أربع صفحات ثقافة وأدب وإبداع فمنذ عام 1964 وحتي نهاية الثمانينات والاهتمام الأكبر بما تطرحه "المساء" من رؤي لأسماء كبيرة وأقلام لها تأثيرها في وجدان العالم العربي بأثره.. وتظل هي الأكبر حتي الآن بالاهتمام بأدباء الأقاليم وكل قضايا المثقفين.. عن أهمية الصفحات الثقافية ومدي وعي المحرر الثقافي وحول هذا الدور وتعميمه ومحاولة منا للتنبيه عن أهمية الدور الثقافي في مصر في وقتنا الراهن كان موضوع "صالون المساء" لهذا الأسبوع والذي عرض رؤية الحضور من الكتاب المصريين والعرب ضيوف صالون المساء.. وكنا قد وجهنا الدعوة للمحررين الثقافيين لتقديم رؤيتهم نحو مستقبل صفحاتهم.. فلم يحضر منهم سوي صحفي وحيد وهذا يدلل علي أحد أمرين إما أن الوضع أصبح محبطاً لهم أو أن الأمر مجرد أكل عيش.. مجرد رؤية نود طرحها وقضية تستحق الحوار ممن يشكلون وجه الثقافة في المرحلة القادمة بأقلامهم. عبدالناصر الدشناوي.. محرر ثقافي: أغلب المحررين الثقافيين الثقافة بالنسبة لهم أكل عيش في ظل صحفهم التي تطلب الخبر في سبعمائة كلمة مثلاً والشريحة الأخري مسئولة عن صفحات يجب أن ينتهي منها ليسلمها في موعدها وليس المهم فيها ما يصل للناس المهم أن يسلم الصفحة وينتهي منها.. لذا يجب علي من يرغب في التغيير أن نعمل معاً لنمثل ضغطاً ثقافياً يقدم مشاريع فكرة بث الوعي ونشر الفكر وكما اجتمعنا في "صالون المساء" بحب لمناقشة الفكرة سنجتمع لنشرها لو رغبنا.. محاولة النهوض بالبلد تحتاج للحب. ضاعت حقوق المثقف عندما فقد الشعور بقيمته ہ فاطمة الشريف.. تونس: المشكلة الحقيقية كون المثقف لا يعرف قيمة نفسه وأصبح يحلم بالمكانة التي لا يجدها إلا إذا تكلم في السياسة أو ارتبط بسياسي.. وكأنه لا يملك الرصيد الثقافي ولا الآليات للوصول فيتكيء علي الآخر.. وكذا أصبحت الدولة لا تنظر للمثقف الذي دفعته للركض خلف لقمة العيش.. ثم أن السياسي لن يضع في جريدة مثقفاً خوفاً من القضاء علي مستقبله السياسي فكم من كتاب عزلوا وزراء وهدموا ساسة حادوا عن الحق.. وهكذا فالطرح لايستقيم بين الدواليب السياسية والمثقف.. وعلينا أن نعترف أن نكبة أمتنا العربية في مثقفيها.. والمثقف الحقيقي لم يستوعب الدرس بعد غالبية الصفحات الثقافية يشرف عليها من لا مباديء لهم ومن قبض الثمن وبعد الثورة برزت أسماؤهم أكثر لأننا لم نحاسب المخطيء.. ففي وطننا العربي فقط تلغي الثقافة لحساب خبر سياسي أو ماتش كورة أو لصالح أي شيء وهذا يدلل علي أن الثقافة والإبداع في المرتبة الأخيرة. "المساء" بوابة عبور الأدباء للساحة الثقافية عادل سعد: لدي سؤال هام بعد أن أدرت صحفاً وترأست تحرير صحف: لماذا يهتم الناس بالثقافة.. وهل تساوي شيئاً؟! كل الصحف تهتم بما يدر دخلاً ويساعد علي انتشار الصحيفة وهذا يأتي بالكرة والفن وغيرها لما لهم من جاذبية لدي القاريء.. وقد جاء هذا بعد أن فقد المحرر الثقافي قيمه وأصبح مجرد ناقل لأخبار وزارة الثقافة.. أي يعمل دخل الحظيرة وبالتالي لا يهمه أن يؤدي خدمة للقاريء.. قديماً كانت الأهرام تقدم قصائد شوقي في الصفحة الأولي.. جريدة "المساء" بوابة عبور الأدباء للساحة الأدبية.. الآن ما ينشر مجرد سخافات فلماذا يقبل القاريء علي الأدب والثقافة؟! علينا أن نعترف أن كل أدب عظيم ينمو خارج الصحف والحظيرة ولنا في أدب أمريكا اللاتينية الدليل علي ذلك.. فمن قام بالحراك الثقافي أناس غير معروفين.. والمحرر الثقافي لن يفعل ذلك الحل إذن هو المجتمع المدني وصدور مجلات ثقافية مثل الرسالة ومجموعة الديوان لتصدير الرسالة للمجتمع بعيداً عن المصالح علينا أن بتعد عن حظيرة الدولة لنعبر بوابة الثقافة والتي ليست أدبا وشعرا فقط. ہ د.عمرو محفوظ: إنهم يطبقون المثل الجاحظي "جوَّع كلبك يتبعك" وفي ظل غياب القيم الأخلاقية تنتشر ظاهرة غياب الثقافة للأسف فأين نحن من عزة نفس العقاد الذي رفض العلاج علي نفقة الدولة ليحافظ علي رويته ومبدأه.. الآن نقف علي باب الساسة ننتظر منهم الرضاء رغم معرفتنا أن السياسي يسعي لهدم المثقف قبل أن يهدمه هو ويكون ذلك بقلته إما بعدم توفير حياة كريمة له أو بقتله بالاهمال.. لكي ننهض علينا أن يكون لدينا مبدأ وأن نحترم سياسة الاختلاف بيننا ومنع الصفحات الثقافية هو رغبة منا في تجهيل المجتمع وتغيبه وإعلاء قيمة من لا قيمة له. ہ أشرف حجازي: في عام 1961 أخد عبدالناصر تسعين في المائة من ممتلكات الأزهر ومن لحظتها أصبح الأزهر تابعاً للنظام.. ومنذ فترة طويلة يتم فيها تجهيل المجتمع رغم الأصوات التي تنادي بضرورة الثقافة لتحويل المجتمع ورفع قيمة المثقف والثقافة ولكن هذا بالطبع سيكون مرفوضاً خاصة والكثير من الصحف معنياً بالنشر للأقارب والأصدقاء.. المثقف لا وجود له علي الخريطة فلمن الصفحات الثقافية. ہ مني ماهر: الصفحات الثقافية لا يوجد فيها جاذبية جماهيرية ولكي يكون لدينا تلك الصفحات لابد أن يكون الكتاب لديهم المنتج الجيد.. نحن نصنع الآن ثقافة ضحلة فلا يوجد مصداقية وتوزع الألقاب كيفما شاءوا لا بقيمة المبدع.. وبعض الصفحات الأدبية تنشر هذا من باب المجاملة.. كما أنني أرفض أن النظام يسيس الكاتب.. بل الكاتب هو من يسع للنظام ليبيع نفسه.. نحن من يصنع الضعف.. والدليل وجود صالون المساء كيان ثقافي قوي يناقش قضايا حادة وتنشر هذا دور مهم.. اننا ككتاب نحارب بعضنا ونفرغ المواهب الجادة من مكانها الحقيقي.. فكيف لا نحارب. ہ محمود السيد: عندما أدرك القائم علي الصحف ما لتلك الصفحات الثقافية من أهمية لتنير علي علاقة المثقف بالسلطة والعكس وعلاقة هذا بقضايا المجتمع خاصة بعد مرحلة كان فيها أقلام كيوسف أدريس ونجيب محفوظ وطه حسين ولويس عوض وتوفيق الحكيم وغالي شكري وغيرهم من قامات كانت تحرك المجتمع بمقالاتهم كان عليهم حربها وإن أفلتت بعض الأماكن كصالون المساء مثلاً وبعض المجلات المعنية بالأدب الحقيقي بعيداً عن المجاملات التي تفسد الصفحات وتدمر المحرر لابد أن نعود ونساهم في الحركة الأدبية كما ساهمت الأجيال السابقة في نشر أسماء من المبدعين والنقاد لنجدد نهر الثقافة والأدب مرة أخري. ہ د.مليكة معطاوي.. المغرب: كأنكم تتكلمون عن المغرب.. وكلنا في الهم عرب.. اتفق مع الطرح السابق.. فنحن من نقدم الرداءة ونحن من نسمو بالكتابة أو نهبط بها.. للمثقف شخصية مستقلة ويجب أن يثبت أمام السلطة ويجب أن يرفض التجرد من سلطة الدولة علينا أن نعالج ضعفنا قبل أن نطلبه من الآخرين. ہ حسن الحضري: سبق وتحدثت في هذا الشأن ولكن للأسف الذين يتولون الصفحات الثقافية أو المحطات التليفزيونية والبرامج الثقافية ويقومون بخدمة أشخاص وأصدقاء وأقارب فهم يهبطون بمستوي الثقافة عن عمد.. نحن نواجه غزواً ثقافياً يمارس علينا منذ سنوات وعلينا أن ننهض ربما نلحق بعضا مما فاتنا.