آلام الفلاح كبيرة وهمومه ومشاكله كثيرة اجتمعت عليه ظروف متنوعة تمثلت فيما يعانيه من الارتفاع الرهيب والتكاليف الباهظة في عملية الإنتاج في مقابل ما يجنيه المزارع من أرباح من زراعاته والتي انخفضت كثيراً في الآونة الأخيرة بسبب انخفاض أسعار منتجاته وايضا ما يعانيه مع التجار في تسويق إنتاجه من الحبوب والماشية. بالإضافة إلي الظروف المناخية التي قست عليه في السنوات الأخيرة حتي تلفت معها الزراعات وانخفض الإنتاج. بالإضافة إلي الطيور التي أصبحت تهاجم الزراعات والفاكهة قبل نضوجها. وهو ما يمثل خسائر كبيرة له وتضرب اقتصاده في مقتل "المساء" عاشت أوجاع الفلاحين في أسيوط وتنقلت من مكان إلي مكان فكان ذلك التحقيق الذي يروي بالصورة تلك المعاناة والمأساة التي ولابد أن يلتفت إليها المسئولون قبل أن يهجر الفلاح الأرض. في البداية يقول الحاج وليد الشريف من قرية دير الجنادلة بمركز الغنايم إن مشكلة الفلاح أصبحت متعددة الأطراف ومتشابكة ولم تلتفت الدولة لحال المزارع وخاصة مع ارتفاع أسعار تكاليف العملية الإنتاجية للفدان. فعلي سبيل المثال فإن زراعة الفدان الواحد يحتاج "40 يومية" عامل في السنة الزراعية الواحدة سواء في الموسم الصيفي والشتوي وهو رقم ضخم. حوالي ثلاثة آلاف جنيه وهو مبلغ كبير بالطبع بالإضافة إلي عملية الحرث وهي تحتاج لحوالي 2000 جنيه والري لحوالي 2000 جنيه. هذا بالإضافة إلي ثمن التقاوي والأسمدة والمبيدات وكلها مبالغ لا تقل عن حوالي 5000 جنيه. وذلك إلي ما سبق حوالي 7000 جنيه. هذا إذا كان المزارع مالك الأرض أما وإن كان مستاجراً فيضاف عليها قيمة الإيجار الزراعي وهي لا تقل عن 7000 جنيه. فمعني ذلك أن الفدان الواحد يتكلف حوالي 17000 جنيه في السنة فما هو الإنتاج المتوقع منه حتي يربح ما يوازي جهد الفلاح من شقاء وعناء طوال العام! يشير الحاج سيد حسانين الرياني من قرية مجريس بمركز صدفا إلي طرف آخر من أطراف المأساة وهم التجار الذين يتعامل معهم الفلاح والذي يكون الطرف الأضعف دائماً في المعادلة وخاصة إذا كان الفلاح مقترضاً مبلغاً مالياً من التاجر قبل نضج المحصول يكون خاضعاً بإرادته أو بغير إرادته لشروط التاجر في شراء المحصول بالسعر الذي يحدده والكيفية التي يراها سواء بالكيل أو الميزان أو الأسعار المتداولة أو غيرها من الشروط التي تجبر الفلاح أن يكون خاضعاً لإمرة التاجر. يقول علي قناوي من قرية العامري بمركز الغنايم إن من أوجاع الفلاح التي لا يراها أحد سواه مثل تربية الماشية فالفلاح يضع في العجل كل ما يملك علي مدار عامين لتسمينه وتربيته. يري فيه من المتاعب ما يري ويجني فيه من الشقاء ما يجني حتي يحين موعد بيعه للتاجر وهنا يكون العقبة الكبري والمشكلة العظمي التي يبكي فيها الفلاح مأساته بعد أن يقع أسير فهلوة التجار وأطماعهم التي لا تنتهي ويخضع للبيع بثمن بخس. فعلي سبيل المثال لو تم البيع عن طريق الميزان يكون السعر من 30 إلي 35 جنيهاً أو إن تم البيع عن طريق التقليد والمعاينة فحدث ولا حرج ولا يصيب الفلاح منها إلا الفتات فلا يتحصل علي أكثر من 100 إلي 500 جنيه علي أكثر تقدير مما صرف وكابد طوال عامين فهل هذا يعقل؟! يعرج بنا طاهر العياط من قرية مير بمركز القوصية إلي طريق آخر تعج بمشاكل الفلاح والتي لا يشعر المجتمع أو المسئولون بها وهي الفصول المناخية التي تضرب مصر من وقت إلي آخر وتساهم في زيادة مآسي الفلاح بعد أن تضرب زراعاته سواء في فصل الصيف أو الشتاء. ويدلل محمود رضوان من قرية المعصرة بالفتج علي طرف آخر من أطراف مآسي الفلاح وهو المعاناة من الطيور التي تهاجم الزراعات قبل نضجها. ويقول أن طائر "الغراب" أصبح عدو الفلاح في السنوات الأخيرة بعد أن تزايدات أعداده بنسبة كبيرة وأصبحت أضراره أكبر من منافعه.