قبل ساعات قليلة من إعلان اللجنة العليا الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب القادمة حرصت "المساء الأسبوعية" علي إجراء هذا الحوار الشامل والهام مع د. السيد البدوي رئيس حزب الوفد المصري أقدم الأحزاب علي الساحة. في هذا الحوار يفجر د.السيد البدوي قضايا خطيرة ويحذر بشدة من خطورة المال السياسي.. وتيار الإسلام السياسي ويؤكد أن هاتين الظاهرتين أكبر خطراً علي البرلمان القادم الذي يعد بحق أخطر برلمان في تاريخ مصر فهو أما يقودها إلي النهضة والتقدم أو لا سمح الله إلي فشل الدولة وعرقلة مسيرتها. د.البدوي يتهم صراحة أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني الأسبق وثلاثة أحزاب بشراء المرشحين الأقوياء "عيني عينك" ويدفعون لهم مقابل توكيلات في الشهر العقاري غير قابلة للإلغاء.. ويبرر في الحوار سبب تصرف عز وتلك الأحزاب لكنه يقترح الحل للتغلب علي هذه المشكلة. وإلي نص الحوار * ساعات وتعلن اللجنة العليا الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب.. هل أنت متفاءل أم متشاءم من المشهد السياسي وشكل البرلمان القادم؟! ** بكل أمانة وصراحة ووضوح أنا قلق وغير متفائل من شكل البرلمان القادم لو سارت الأمور علي النحو الذي تسير عليه.. فهناك ظاهرتان في منتهي الخطورة تهددان البرلمان القادم.. الأولي هي المال السياسي.. والثانية هي الإسلام السياسي. * دعنا نتحدث عن الظاهرة الأولي؟! ** نحن أمام ظاهرة تشهدها البلاد لأول مرة منذ عرفت الحياة النيابية عام 1869 وهي شراء النواب.. زمان كان النائب يدفع رشوة للناخب لكي يحصل علي صوته.. اليوم نحن أمام أشخاص وأحزاب يدفعون للنائب المحتمل للحصول عليه وبالتالي يبيع النائب أصوات ناخبيه إلي هذا الحزب أو الشخص بطريقة باع ما لا يملك لمن لا يستحق.. وبالتالي سيظهر لدينا شخص أو حزب استطاع ببضعة ملايين من الجنيهات امتلاك كتلة برلمانية تعمل لصالحه وهذه ستكون ظاهرة معيبة جداً في النظام البرلماني المصري.. وهؤلاء الأشخاص والأحزاب يقومون بالدفع للنواب المحتملين "المرشحين" مقابل توكيلات من المرشحين الأقوياء غير قابلة للإلغاء.. وهنا أناشد اللجنة العليا للانتخابات ألا تسمح بتقديم أوراق الترشيح علي المقاعد الفردية من خلال توكيل لحزب أو شخص معين ويجب أن يقتصر هذا الأمر علي المرشح نفسه ولا يتم الاستثناء إلا في حالات محددة مثل السفر أو المرض أو شيء من هذا القبيل وفي هذه الحالة يقدم محامي طلب الترشح. * عفواً هل هذا الكلام في المطلق ومن هو هذا الشخص أو الأشخاص والأحزاب التي تقوم بعملية الشراء وهل يوجد دليل علي ذلك؟! ** هذا ليس كلام في المطلق.. ليس خافياً علي أحد أن المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني الأسبق يقوم بشراء المرشحين الأقوياء معتمداً علي قدرته المالية والتنظيمية وعلاقاته وذلك دفاعاً عن شرفه السياسي وأنا هنا لا أبرر تصرفاته أو التمس له العذر ولكن أقول أن عز يفعل ذلك ويصر علي دخول الانتخابات ولو تمكن من خوضها سينجح بالمناسبة وله هدف واحد هو الدفاع عن شرفه السياسي فهو يشعر بأنه تعرض للظلم "وشال الليلة" بإشرافه علي انتخابات 2010 وبالتالي تحمل المسئولية عن أزمات 30 عاماً.. أما الأحزاب فلم يعد خافياً علي أحد أيضا أن لديا ثلاثة أحزاب يعتقد أصحابها أنهم بالأموال يستطيعون شراء أي شيء حتي لو كان التاريخ أو النواب.. وأنا أعرف ولدي بعض المرشحين حصلوا علي أموال من أحزاب للترشح في الانتخابات البرلمانية التي كانت من المفترض أن تجري في مارس وأبريل الماضيين مقابل توكيلات غير قابلة للإلغاء.. وعندما جاءت الانتخابات الحالية التي من المفترض أن تتم خلال شهري أكتوبر ونوفمبر القادمين حاول هؤلاء المرشحين رد الأموال التي حصلوا عليها وإلغاء التوكيل إلا أن الأحزاب رفضت وترفض.. وهناك من يحاول رد الأموال حاليا والتقدم مستقلاً بعد أن أنفضح أمره في دائرته وعلم الناس بالأموال المدفوعة وطالبوه بجزء منها لكنه عاجز عن رد الأموال وإلغاء التوكيل وهكذا سيصبح لدينا "نواب بالعافية" في البرلمان القادم. * ما تفسيرك لهذه الظاهرة؟! ** التجربة الحزبية في مصر لم تنضج بعد ونحن لدينا أحزاب عبارة عن "دكان سياسي" يمتلكه شخص ونوع من القوة أن يحصل صاحب الدكان 40 أو 50 نائباًَ في البرلمان القادم يشكلون قوة سياسية يحمي بها مصالحه وأهدافه وأجندته.. وبكل أمانة ساعد القانون هذا الشخص بالنص علي أنه لو ترك أي نائب حزب يفقد عضويته في البرلمان وهذا النص في رأيي غير دستوري لأنه يتعارض مع حرية العقيدة والفكر ويشكل قيداً علي انتقال النائب من حزب إلي آخر بل حول النائب إلي "عبد" لهذا الحزب وبالتالي حرص بعض الأشخاص علي تكوين وشراء كتلة نيابية يضرب بها عند اللزوم ويضغط بها عند اللزوم وهي مسألة في منتهي الخطورة. * ماذا عن الظاهرة الثانية؟! ** تيار الإسلام السياسي الذي يتخذ من الدين وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية مثل حزب النور وغيره من الأحزاب ذات المرجعية الدينية ولا يستطيع أحد أن ينكر أن حزب النور منافس قوي ويوجد علي الأرض وسيكون له تواجد في البرلمان القادم بل استطيع أن أؤكد أن هناك منتمين لفكر الإخوان غير معلومين لنا الآن سيتسللون إلي مجلس النواب القادم.. هاتان الظاهرتان المال السياسي والإسلام السياسي يهددان التوافق الوطني داخل مجلس النواب القادم في مرحلة لا تحتمل الخلاف أو الاختلاف فهذا المجلس الأخطر في تاريخ مصر وهو الذي من المفروض أن ينقل مصر إلي المكانة التي تستحقها وأن يحقق العدالة الاجتماعية ويرفع الظلم عن الفقراء ويعمل علي تحقيق الاستقرار السياسي والأمني وجذب الاستثمارات الجديدة فلو لم يكن متوافقاً علي أهداف محددة وردت في برنامج الرئيس عبدالفتاح السيسي فانه سيمثل إعاقة وعرقلة لانطلاقة مصر وأي اعاقة تهدد البلاد بالفشل والسقوط لا قدر الله. * وما الحل؟! ** لابدل عن التوافق الوطني من خلال قائمة موحدة تضم أحزاباً ومستقلين.. واقصد بالتوافق الوطني التوافق علي القائمة المطلقة والفردي أي علي 120 مرشح "قائمة" و448 "فردي" بحيث يشكلون جبهة وطنية واحدة تخوض الانتخابات برؤية واحدة وفكر واحد. * وهل يسعفنا الوقت ؟! ** نعم يمكن لو ارتفع كل حزب فوق طموحاته وكذلك كل شخص لديه طموح أنا اقدره فهذه المرحلة يجب أن يسمو فيها الجميع فوق طموحاته.. وعلي الأقل يمكن التوافق علي ال120 القائمة.. وبالنسبة للفردي فلدي رؤية تتلخص في انه لو تقدم ستة أو سبعة آلاف مرشح للتيار المدني فأن الاصوات سيتم تفتيتها بينهم لصالح تيار الإسلام السياسي القوي مالياً وتنظيمياً والأقل عدداً في المرشحين الذين لن ينافسهم أحد في أصواتهم ومن هنا فإن رؤيتي تتلخص في أن تتفق الأحزاب الرئيسية علي "في حب مصر" وينكر كل منها ذاته وأولها حزب الوفد لقد قلت في لقاء الرئيس الأخير مع قادة الأحزاب أن الوفد مستعد أن يخطو خطوات للخلف في سبيل التوافق الوطني.. لا يعنينا عدد المرشحين في القوائم والفردي قدر التوافق الوطني لتكوين كتلة صلبة تساند برنامج الرئيس الطموح.. ومازلت عند موقفي لدينا استعداد أن نقدم غيرنا للوصول إلي برلمان يحقق الأمل وأهداف ثورتي يناير ويونيو والتوافق من أجل تخفيض عدد المرشحين فهناك طريقة بسيطة.. اسماء المرشحين في كل الأحزاب جاهزة وكل مرشح معروف في دائرته مدي قوته.. إذن تعالوا نتفق أن أفضل مرشح في هذه الدائرة ينتمي إلي الحزب "س" وفي الدائرة الأخري "ص" وإذا أخترنا نقول أن أفضل ثلاثة مرشحين ينتمون إلي أحزاب س وص وع وهكذا لو استطعنا التوافق سيقل عدد المرشحين من التيار المدني إلي حوالي 1500 شخص ولن يستطيع أحد مواجهتهم سواء القائمة أو الفردي. * هذه كلها تظل تصورات وآمال.. لكن ماذا لو لم يتم التوافق وحصل حزب ينتمي لتيار الإسلام السياسي أو غيره علي الأغلبية.. ماذا سيكون شكل الحكومة والبرلمان؟! ** أولاً لن يحصل أي حزب علي الأغلبية في الانتخابات القادمة هذا الكلام ينطبق علي الجميع وفي مقدمتها حزب الوفد.. الحصول علي 300 مقعد لحزب واحد مستحيل وبالتالي وفقاً لنص الدستور فالرئيس هو الذي سيكلف شخصاً بتشكيل الحكومة التي ستطرح نفسها علي البرلمان للحصول علي ثقته ويجب أن تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية.. وللأسف لو لم يحدث توافق وطني وفاز المستقلون بالأغلبية فاننا سنعاني بطء شديد في اصدار التشريعات لأن هذا المجلس منوط به الدخول في سباق مع الزمن لاصدار وتعديل التشريعات.. المنظومة التشريعية كلها محتاجة إلي تعديل.. ولك أن تتخيل لو طلب 600 نائب الكلمة علي الأقل لكي يثبت بعضهم للناخبين أنه يتحدث كيف سيكون الحال.. لذا كنا نطالب بنظام القائمة النسبية غير المشروطة مثل أي دولة تتحول من النظام الشمولي إلي الديمقراطي ولكن للاسف لم يستجب المشرع ولكن ليس هذا وقت البكاء علي اللبن المسكوب.. علينا البحث عن التوافق الوطني بكل السبل. * لماذا تشهد أحزابنا دائماً خلافات وأزمات وهذا الكلام ينطبق علي الوفد بالطبع؟! ** الأزمات والخلافات مرجعها أنه لا يوجد لدينا ثقافة الديمقراطية.. دعني اتحدث عن أزمة الوفد فاساسها انتخابات رئاسة الوفد 2010 التي كانت بيني وبين محمود اباظة وفزت فيها برئاسة الحزب إلا أن مجموعة اباظة رفضت الاعتراف بالأمر الواقع والسقوط وعاد في انتخابات 2014 لتدفع بفؤاد بدراوي الذي يريد أن يصل إلي رئاسة الوفد بأي شكل وتحالف الطرفان وسقطا واعتقد هذا التيار أنه يمكن أن يطيح برئيس الوفد بوقفات وأزمات مفتعلة ناسين أن الوفد مؤسسة قوية.. اساءوا التقدير وللعلم فهم موجودون إعلامياً فقط وليس علي أرض الواقع في المحافظات بل من كان منهم محل تقدير من الوفديين أصبح اليوم مغضوباً عليه لأنه اساء للوفد كله.. وللعلم فان من يدعي أنه في تيار اصلاح الوفد كانوا أعضاء عليا سنوات عديدة بل كان منهم سكرتير عام الحزب وأمين الصندوق وأمناء مساعدين ظلوا سنوات فلماذا تحدثوا فجأة قبل انتخابات الهيئة العليا عن الاصلاح.. أي اصلاح.. ولماذا لم يطبقوه.. أنه صراع شخصي وتصفية حسابات ورغبة في اقتناص مقعد رئيس حزب الوفد بأي شكل من الاشكال.. وعموماً الوفد وصلت العضوية به إلي 350 ألف عضو ولا يضيره أو يقلقه أو يزعجه أن يخرج عن الصف 7 أو 10 أو 30 عضواً. * أخيراً وماذا عما قيل عنها واقعة الرشوة الجنسية المتهم فيها أحد قيادات القليوبية؟! ** هذه القضية أخذت أكثر من حجمها.. بداية لا يوجد شيء اسمه رشوة جنسية.. وأنا اتعجب لماذا الرشوة الجنسية.. هل يوجد لدينا في الحزب سلطة تنفيذية أو شيء من هذا القبيل.. وللعلم عندما تناقلت بعض المواقع هذه الأنباء شكلت لجنة للتحقيق في الأمر برئاسة المستشار بهاء الدين أبوشقة السكرتير العام وتم التحقيق مع كافة الاطراف ولم يذكر طرف واحد في التحقيقات من قريب أو بعيد رشوة جنسية أو تحرش جنسي والمشكلة كلها لم تتعد سباً وقذفاً وانتهي الأمر بقبول استقالة محمد الفقي نائب رئيس حزب الوفد بالقليوبية بعدما استشعر انه تم استخدام اسمه والخلافات في الاساءة لحزب الوفد رغم أن الأمر كله لا يزيد عن صراع وانتقام شخصي و"كيد نسا".. وتم قفل الباب!