في "غزوة الخندق" أحد أجزاء كتاب عبدالحميد السحار "محمد رسول الله والذين معه" نستعيد الزعم الذي اخترعه أحد قادة التنظيم الإرهابي "داعش" بقوله قبل أن يذبح عدداً من المواطنين المصريين الأبرياء إن السيف كان وسيلة الانتشار الحضاري للإسلام. ورغم غرابة الخلط بين السيف والحضارة الإسلامية العظيمة. فإن الثابت تاريخياً أن نبي الإسلام صلي الله عليه وسلم بدأ الدعوة إلي الدين الحنيف وليس معه إلا ربه الذي أوحي إليه أن أنذر عشيرتك الأقربين. ودعا وهو أعزل من كل سلاح إلي عبادة الله وحده لا شريك له. عدا سلاح الحكمة والموعظة الحسنة. وفتح قلوب المؤمنين بالقرآن الكريم. وصبر هو وأصحابه علي أذي الكفار. لم يلجأ إلي القوة في إقناع معارضيه. وإنما سعي إلي كسب قلوبهم بالموعظة الحسنة "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". "وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". فر المسلمون الأوائل بدينهم إلي الحبشة. وهاجر الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة. بعد أن أسلم الأوس والخزرج. الذين أضاء سماع التنزيل أفئدتهم بأنوار اليقين. ولأن الإسلام دين الفطرة. يخاطب العقول فتستجيب. فقد انتشر الإسلام في القبائل. دون محاولة لرفع السيوف في وجوه المخالفين والمشركين. اللهم إلا دفاعاً عن النفس. عملاً بقوله تعالي: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله علي نصرهم لقدير". لم يشهر المسلمون الأوائل السيف. علمهم القرآن الكريم أنه لا إكراه في الدين "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم". مع ذلك فإن الإسلام فرض القتال للقضاء علي الفتن التي تهدد المسلمين الآمنين. ويؤكد السحار علي المعني: إن الإسلام لم يكن ديناً متعطشاً للدماء. لكنه دين يدعو إلي السلام.. يقول تعالي: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل علي الله إنه هو السميع العليم" لكن الله فرض القتال علي المسلمين للقضاء علي الفتن "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون". إن نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام لم يشهر والقول للكاتب سيفاً ولم يسدد رمحاً في سبيل نشر الإسلام بقوة السلاح "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين". ويستشهد السحار برسالة الإمام الأكبر فضيلة الشيخ محمود شلتوت ذلك الذي يدين له كاتب هذه السطور بحصيلة معرفية إيمانية لا حدود لآفاقها يقول الإمام الأكبر: "إن الإسلام الذي يجيء عن طريق الإكراه لا قيمة له. ولا كرامة لصاحبه. ولا اعتداد به عند الله. فهو يقول لفرعون حين أدركه الغرق. وقال: "آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل". رد الله تعالي بالقول "الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين". يبقي أن كتاب الله مصدر الدعوة الإسلامية لا يحترم إيمان المكروه. ولا يرتب عليه آثاره يوم البعث والجزاء. فكيف أمر بالإكراه. أو يبيح اتخاذه وسيلة من وسائل الإيمان بهذه الدعوة؟! للكلام بقية