لم تكن الكاتبة والروائية الكبيرة سلوي العسال مجرد رفيقة درب في مشواري مع الأدب والشعر والقصة والرواية. وإنما كانت بمثابة الأم التي تحمل همي وترعي شئوني مثلي مثل ولديها شريف وسوزان. كانت البلسم الذي يخفف ألمي والنسمة التي ترطب لسعات نار الزمن. كانت الجليس المؤنس بقلبها النقي والصديق الوفي بعقلها الكبير. ولذا لا أبالغ لو قلت من قلبي: وداعاً أمي. لقد رحلت تلك الأم الحنون إلي بارئها إثر إصابتها بجلطة أودت بحياتها في سويعات قليلة. تاركة وراءها العديد من الكتابات الأدبية المتميزة. منها روايتان ومجموعة من القصص القصيرة تحت الطبع. ومخلفة في قلوب كل من عرفها وألفها ذبحة وفي صدور كل من تعامل معها غصة. وفي عيون كل من رآها دموعاً ربما لن تجف مهما مر الزمن. وإذا كانوا يقولون إن الشيء الوحيد الذي يولد كبيراً حتي يصغر إلي أن ينتهي هو الحزن. فحزني عليها سيظل طويلاً طويلاً. لا لغلاوتها في قلبي فحسب وإنما لفجيعتي في موتها المفاجئ. خاصة بعد أن تعثر مجيئي لزيارتها لأكثر من أسبوعين لأسباب ربما أراها الآن تافهة. وقد كانت آخر مكالمة هاتفية بيننا في 22 مايو الماضي وتوفيت بعدها بأسبوع بالتمام والكمال. ولو علم المرء فعلاً ما يخبئه القدر لبادر بفعل كل ما تكاسل فيه. كانت سلوي العسال الوحيدة التي أستقبل مكالمتها يوم الجمعة من كل أسبوع معلقة علي مقالي ومبدية رأيها الإيجابي دائماً فيما أكتب وكنت أنا بدوري أنتظر تلك المكالمة لأري في كلماتها حجم ما أنجزته وأهمية ما قدمته في كتابتي للقارئ. وها أنا الآن أفقد من شاركتني طوال تلك السنوات في كل حرف كتبته. رحم الله أمي الغالية سلوي العسال وجعل لها بكل حرف كتبته من أجل خير الإنسانية منزلة في الجنة. فمن يقرأ إنتاجها الأدبي بأكمله لا يعدم العثور علي معني رسالتها التي كانت تحملها من أجل معاني الحق والخير والجمال. خاصة لدي بني جنسها من النساء. فقد كانت طوال الوقت تدعو حواء إلي الالتزام بكل المبادئ التي أوصي بها رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم المرأة في علاقتها بالرجل. كأن تحسن عشرته وتقدره وتحترمه وتفيض عليه بالحنان فيبادلها هو كذلك. وبالتالي تستقيم الحياة ويتحقق قول الله تعالي "وجعلنا بينكم مودة ورحمة". وإني لأتمني من الدولة ممثلة سواء في اتحاد الكتاب أو جمعية الكاتبات المصريات وكانت عضوة في كليهما أو وزارة الثقافة أن تهتم بتكريم سلوي العسال روائية وكاتبة وأديبة وإنسانة من طراز رفيع. عاشت حياتها في هدوء دون صراعات أو مشاحنات مع أحد. ودون تكالب علي مكاسب الدنيا الرخيصة.