إذا كنا ندين الديكتاتورية في حكم صدام حسين. فلعله من الصعب أن نهمل وحدة القطر العراقي بكل أطيافه. بلا حساسيات عرقية أو طائفية أو مذهبية. غزت الولاياتالمتحدةالعراق لتحقيق هدفين. أولهما منع صدام حسين من استخدام السلاح الكيماوي. وقد أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بعد أن احتلت بلاده أرض الرافدين أن تهمة السلاح الكيماوي وليدة تقارير كاذبة. أما الهدف الثاني فهو إنقاذ الشعب العراقي من سطوة الحكم الديكتاتوري. وهو ما ثبت كذبه. أمر بريمر الحاكم الأمريكي للعراق غداة الاحتلال بتسريح القوات العراقية. بداية لفوضي شاملة تصارعت فيها كل القوي ما بين حزبية ودينية ومذهبية. وحلت بدلا من ديكتاتورية الفرد ديكتاتوريات كثيرة. قوامها من قدموا مصالح طوائفهم وعشائرهم قبل مصالح الوطن. وانتهت التطورات إلي المشهد الحالي الذي يعاني فيه العراق خطر التقسيم و التفتت. فضلا عن الخطر الأكبر ممثلا في تنظيم داعش الذي وجد في صراعات أبناء الوطن الواحد. وتغليب المصالح الضيقة علي الصالح العام. ما يحرض علي التدخل. وممارسة أبشع صور التقتيل والتدمير تحت شعارات مضللة. الدور الذي تؤديه داعش لصالح قوي استعمارية. يبين في قول أحد الساسة العراقيين إن طائرات التحالف الأمريكية تنتظر حتي يدخل مسلحو داعش مدينة ما فإذا انتشرت داخل المدينة. وتأكدت سيطرتها عليها. بدأت طائرات التحالف في إلقاء قذائفها. بما لا يجبر المسلحين علي إخلاء المدن التي احتلوها. ولعلنا نذكر الوقائع المتعددة لعمليات إنزال أسلحة وذخائر للقوات المسلحة العراقية. ألقيت بالخطأ! في المناطق التي يحتلها داعش. لا يخلو من دلالة مشروع القانون الذي أقرته لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي والذي يقضي باعتبار الأكراد والسنة مستقلين. ليتسني تسليحهما مباشرة. بعيدا عن السلطة المركزية لحكومة العراق. بل إن تسريبات المخططات الأمريكية تؤكد السعي لفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن الشمال السني "وغالبيته من الأكراد" وإقامة ثلاث دول في البصرة وبغداد والموصل. عبر آفي ديختر وزير الأمن الداخلي في اسرائيل سنة 2008 عن حرص الكيان الصهيوني علي تفتيت العراق. لأنه ظل في المنظور الاستراتيجي الاسرائيلي أخطر الأقطار العربية التي تواجه اسرائيل. بعد أن صار قوة عسكرية هائلة. وكان سعي اسرائيل إلي ما صار عليه العراق الآن والكلام للوزير الاسرائيلي منقسما جغرافيا. ويعاني حروبا أهلية مدمرة. بل إنه يخوض صراع بقاء ضد داعش وغيرها من التنظيمات المتأسلمة. وأكد الوزير الاسرائيلي أن هدف بلاده منذ الاحتلال الأمريكي هو منع العراق من ممارسة أي دور عربي أو إقليمي. وعزله عن محيطه العربي. محاولة تقسيم العراق جزء من مخطط تقسيم الوطن العربي. والذي كانت بداية تطبيقاته فصل جنوب السودان عن شماله. وما استتبعه من محاولات أخري. تستهدف تحويل الوطن العربي إلي دويلات متناحرة. بما يضمن لاسرائيل مكانة متفردة في المنطقة. بحيث يغيب خطر الوطن الواحد الذي يضم أقطاراً متعددة.