جاء إلينا عيد العمال هذا العام ليجدد أحزاننا علي صناعات كانت في ستينيات القرن الماضي قاطرة اقتصاد لدولة كانت تشق طريقها بخطي ثابتة لكن وبفعل فاعل وعلي مدي ثلاثين عاما ويزيد تعمدوا هدمها فتركوا آلاتها وماكيناتها تتهالك وأفقدوا عمالها حماسهم وتحولت معظم المصانع إلي "خرابات" بعد ان توقف ضخ الدماء في شرايينها باستثمارات جديدة وتحديث لآلاتها!! باعوا ما باعوه بتثمن بخس وشردوا ما به من عمال كانوا يفخرون ب "العفريتة" وبيدهم وقد تجملت بشحوم وزيوت ماكنيات وآلات أحبوها وأحبتهم.. أما ما بقي صامداً دون بيع فقد راهنوا علي ان الزمن كفيل به وان مصيره لن يكون أفضل مما تم بيعه.. وهذا ما حدث بالفعل ومصانع الغزل والنسيج خير شاهد علي ذلك. صناعة الغزل والنسيج تستغيث منذ سنوات وقد آن الاوان ان تسمع الدولة وتستجيب بعد ان اصبحنا في عهد يحاول مخلصاً ان يعيد لمصر مكانتها خارجيا وداخليا لابد ان يعود صوت "المكن" ليصبح أملي نضم كما قالت جريدة الاهرام في عنوان متميز لموضوع تناول أحوالي مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبري. مصانع المحلة تئن بعد ان توقف العمل بمعظمها.. والمحلة وحدها بها 40 مصنعا للغزل والنسيج يعمل بها 20 ألف عامل!! .. منها خمسة مصانع لانتاج الخيوط بها 526 ماكينة خرجت منها 371 ماكينة من الخدمة ليصبح عدد الماكينات العاملة فقط 155 ماكينة.. بل ان المصنع المترخص في انتاج الخيوط السميكة اغلقوه لتجديده ثم عاد بقوة 10% دون أي تطوير!! ليست مصانع المحلة فقط.. هناك أيضا مصر حلوان للغزل والنسيج والتي تأسست عام 1927 ويعمل بها 3200 عامل وتعاني من مشاكل مزمنة وتحقق خسائر 500 مليون جنيه سنويا وفقا لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات. هناك قلعة صناعة النسيج في كفر الدوار وقد هان علي المسئولين ان يتركوها 25 عاما كاملة دون ان تمتد إلي ماكيناتها يد التطوير لتحقق هي الاخري خسائر بالملايين ويتقلص عمالها من 35 الفاً إلي 7 آلاف فقط بفعل آفة المعاش المبكر!! تلك القلعة تحتاج عدة ملايين من الجنيهات فقط لتعود إلي الحياة!!. هناك كذلك مصانع سمنود والمنصورة وميت غمر وشبين الكوم.. فصناعة الغزل والنسيج كانت الصناعة الاكثر كثافة في استيعاب العمال.. ولابد ان تعود كذلك ليس علي مستوي ما تمكله الدولة منها فقط لكن ايضا القطاع الخاص وهو قطاع نشيط لكنه يعاني أيضا. مشاكل هذا القطاع محددة بدقة بعضها له علاقة بالاقطان وانواعها ومدي توفرها.. وبعضها له علاقة بآلات تهالكت ولابد من ان تواكب العصر.. وبعضها له علاقة بالتمويل والاعباء المالية علي تلك الصناعة. رئيس الوزراء ومع حلول عيد العمال هذا العام عقد عدة اجتماعات ووعد بإعادة تشغيل المصانع المتوقفة.. فهل تكون مصانع الغزل والنسيج لها الاولوية؟!! وهل يأتي عيد العمال القادم وقد تحركت المياه الراكدة؟