ليس مهماً الآن الجدل الذي يثور حول الانتخابات البرلمانية أولاً.. أو وضع الدستور الجديد أولاً.. فقد حسم الاستفتاء الذي تم عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير هذه القضية باجماع شعبي بلغ أكثر من 77% من عدد الذين أدلوا بأصواتهم. ** المهم الآن وأكثر من أي وقت مضي في نظري هو انتخاب رئيس الجمهورية. فنحن لأول مرة ننتخب الرئيس.. فمنذ أكثر من ألف سنة أيام حكم المماليك والتتار كان يحكمنا صاحب القوة ثم تطور الأمر الي أسرة محمد علي الذي وضع ضوابط الملك الذي يجلس علي العرش كما يحدث في أي دولة ملكية هكذا حكم محمد علي فابنه ابراهيم فاسماعيل فعباس الي آخر هذه القائمة من الملوك فاروق آخرهم الي ان رحل في السادس والعشرين من يوليو عام 1952. ** بعد الثورة رأس اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية وبعد صراع مارس من عام 1954 انتزع جمال عبد الناصر الرئاسة إلي أن توفي في سبتمبر من عام 1970 بعد أن أصدر قراراً بتعيين أنور السادات نائباً له.. وبهذا القرار - وحده- اكتسب السادات أحقيته في منصب الرئاسة رغم معارضة الجيش ممثلاً في وزير الحربية اللواء محمد فوزي والبوليس ممثلاً في وزارة الداخلية شعراوي جمعة والتنظيم السياسي أو الاتحاد الاشتراكي الحزب الوحيد في ذلك الوقت ممثلاً في علي صبري والإعلام ممثلاً في وزيره محمد فائق أي كل القوي السياسية والتنفيذية كانت ضده إلا أنه اكتسب الشرعية الدستورية بقرار نيابته لرئيس الجمهورية. ** وبعد حرب أكتوبر المنتصرة عام 1973 أراد السادات أن يكرم قادة الأفرع المختلفة بتعيين حسني مبارك نائباً له وربما لأسباب أخري وحتي نترحم عليه لادراكه بسوء هذا الاختيار الذي كان قد قرر مجلس عائلته تغييره بالمهندس سيد مرعي في نهاية العام الذي شاء القدر ان يغتال فيه ليصبح مبارك رئيساً! ** هكذا تمر الأحداث دون أن نشارك فيها وفوجئنا بالمهمة الثقيلة والصعبة علي أكتافنا بعد الثورة الشعبية هذا العام وهي مهمة ينبغي أن نضع لها المعايير والضوابط التي تعين الرئيس القادم علي حسن أداء دوره وتمنع عنه شرور المنافقين والدجالين الذين يجيدون هذه الصناعة وأن يكون أداؤه تحت مظلة البرلمان وان يكون للحكومة دور وليس كما كان في الأيام السابقة بأنها مجرد موظفين في رئاسة الجمهورية يتلقون التوجيهات والتعليمات من مؤسسة الرئاسة. ** مهمة صعبة تقع علي أكتافنا من أزمنة الحكم المتعاقبة التي كان كرسي الرئاسة هو الذي يحكم منذ أيام اللورد كرومر الذي وضع سياسة التعليم في مصر أيام الاحتلال البريطاني حيث كانت قبعته هي التي تحكم كما كان يتندر المصريون في تلك الأيام. ضوابط تؤكد بوضوح أن الرئيس يخضع للمساءلة وللرقابة البرلمانية والشعبية وليس حاكماً بأمره خلال فترة حكمه التي لا يجب أن تزيد علي دورتين.