"ان العيون التي لا تري إلا ما هو أمامها عيون عمياء".. حول هذه العبارة البليغة تدور أحداث مسرحية "دون كيشوت" التي تقدمها فرقة الشرقية القومية المسرحية علي مسرح قصر ثقافة الزقازيق برؤية جديدة للمخرج "عمرو قابيل" في تجربته الرابعة مع الفرقة بعد "ليالي الحكيم" و"رحمة" و"الحفلة التنكرية" وعن علاقته بالفرقة يقول المخرج "عمرو قابيل" أجد نفسي دائماً مع هذه الفرقة العريقة التي تعتبر نموذجاً فريداً لفرق الثقافة الجماهيرية المنتشرة في اقاليم مصر لما تضمه من قامات فنية من مختلف الأجيال. خاصة أنني كمخرج مسرحي اتعامل دائماً مع مسرح الثقافة الجماهيرية من منطلق انه مسئولية فنية وواجب مقدس من ناحية. ومن ناحية أخري مغامرة فنية شيقة حيث التعامل مع فنانين حقيقيين يعشقون المسرح حباً في المسرح وجمهور له مذاق مختلف دائماً. لذلك فإن أصعب مرحلة دائماً تواجهني عند العمل مع احدي فرق الاقاليم هي مرحلة اختيار التجربة التي أقدمها حيث إنني أبذل مجهوداً كبيراً في دراسة الفرقة. وأيضاً في التصرف علي ذائقة جمهور المكان حيث انه يكون هدفي الأول والأخير ومسألة ان يصدقك الجمهور ويثق بك مسألة غاية في الصعوبة والخطورة.. وعن "دون كيشوت" يقول قابيل ان الفنان لا يمكن أبداً ان يكون منفصلاً عن مجتمعه. ومن هذا المنطلق حاولت ان أقدم رؤية معاصرة تستلهم هذه الشخصية الساحرة التي ابتدعها الكاتب الأسباني العظيم "سرباتش" واثارت خيال الكثير من الكتاب والأدباء والشعراء ومنهم مؤلف هذا النص الفرنسي "ايف جامياك" لقد رأيت في "دون كيشوت" نموذجاً للثائر الذي يسعي للتغيير فيري في مجتمعه بعيون مختلفة ويخوض المعارك العنيفة ضد العقول المتحجرة وطيور الجهل والفساد والظلام. متسلحاً بقيم الفرسان وأخلاقهم. داعياً لنشر الوعي. منادياً بقيم الحق والخير والجمال.. هكذا يري "دون كيشوت" دوره في الحياة.. فيراه الناس مجنوناً..!! فمن منا لديه القدرة والارادة ليكون "دون كيشوت"!! مشيراً وهنا اختلف مع "سرباش" حيث ان "دون كيشوت" الذي أقدمه اليوم لا يحارب "طواحين الهواء" ولكن يحارب واقعاً قاسياً مخيفاً من القبح والشر والفساد.. ويكتشف في نهاية رحلته انه كان مخطئاً لأنه حارب وحده من البداية وانه لو كان وزع كتبه علي الناس كان سيجد إلي جواره مليون "دون كيشوت".. موضحاً وما أسعدني حقاً هو استقبال الجمهور الشرقاوي لهذا العمل بهذه الحفاوة والاعجاب والتصفيق الذي لا ينقطع كل ليلة عرض. وهو ما جعلني اشعر كأنني كسبت رهاناً صعباً.. فالجمهور الشرقاوي جمهور صعب لديه وعي حقيقي.. ومن الصعب اقناعه بفكر أو عمل لا يصل إلي قناعاته التي يدركها جيداً ويتمسك بها! "دون كيشوت" بطولة الفنانة شمس الشرقاوي التي تتحدي موهبتها الفريدة بتقديم 4 شخصيات تطارد "دون كيشوت" في رحلته ومعها ابطال ونجوم الفرقة الفنان الشاب الموهبة الحقيقية وائل زكي في دور "دون كيشوت" والقدير "علاء وهدان" في دور "الدوق" والفنان خفيف الظل حسام محيي في دور "سانشو" وفاكهة العرض نهاد كمال في دور "تيريز" ومعهم وسام مصطفي وحسين شحته ومحمود فوزي ومحمد السيد وأيمن موافي والفنان القدير محمد خليل وعدد من شباب الفرقة.. ديكور وملابس نهاد السيد موسيقي باهر الحريري توزيع موسيقي ايمن التركي اضاءة محمد الطاروطي وفريق الإخراج المساعد فوزي الدبيكي وأحمد فرحات.