منذ وقوع الحادث الإرهابي الغاشم علي الكتيبة "101" بالعريش تعرف جميع أهالي الأسر وذويهم علي جثث جميع الشهداء باستثناء جثة الشهيد البطل الشحات فتحي شتا الذي ضحي بحياته فداء لوطنه حتي لا يرتفع أعداد الشهداء إلي المئات.. واحتضن إرهابيا متخفيا في زي "جندي" وحول وسطه حزام ناسف كان يخطط لتفجيره داخل الكتيبة إلا أن الشهيد البطل ظل يدفعه بعيدا عن الكتيبة حتي انفجر الحزام الناسف وتحولت الجثتان إلي "ذرات" لا يمكن التعرف علي ماهيتهما. فور إعلان الحادث ظلت الأسرة تنتظر وصول جثمان الشهيد دون جدوي وبالتالي تحول منزل الأسرة بقرية رأس الخليج التابعة لمركز شربين بمحافظة الدقهلية علي مدار 24 يوما كاملا إلي سرادق للعزاء والمواساة من الأهل والجيران وأبناء القرية جميعا دون أن يبدو في الأفق بادرة أمل تحدد من خلالها الأسرة مصير الابن البطل إلي أن أراد الله أن يربط علي قلوبهم ويشفي صدورهم بوصول قائد الكتيبة "101" علي رأس مجموعة من الضباط والجنود زملاء الشهيد لمنزل الأسرة يحملون بين أيديهم ما ينهي معاناة الأسرة ويبدد أحزانهم بعد أن روي قائد الكتيبة علي مسامع الأسرة وأهل القرية قصة التضحية والفداء التي قدمها الشهيد دفاعا عن وطنه وزملائه. سلم القائد للأسرة شهادة وفاة الشهيد وتوجه الجميع إلي المسجد الكبير بالقرية لأداء صلاة الغائب ووسط جمع غفير حكي قائد الكتيبة علي مسامع الحاضرين قصة البطولة والفداء للشهيد وتم إطلاق 21 طلقة تحية لروح البطل الشهيد. ** فتحي شتا 49 سنة عامل والد الشهيد قال وهو رافع يديه إلي السماء الحمد لله عرفت أخيرا مصير نجلي الشهيد والحمد لله أنه الآن في مكان أعظم عند الله وأنا فخور بما قدمه من أجل وطنه وزملائه.. أضاف أن الشهيد هو أكبر أبنائه الذكور وكان قد أنهي دراسته بكلية السياحة والفنادق بالمنصورة وشقيقته الكبري "هدي" تزوجت العام الماضي و"آمال" بالصف الثالث الإعدادي الأزهري ومخطوبة. أما أصغر الأبناء فهو "رضا" بالصف السادس الأزهري. قال والد الشهيد إن الاجازة الأخيرة للشهيد كانت قبل وقوع الحادث بحوالي أسبوع وكان محور الحديث خلال الاجازة انه بيشكرني علي ما قدمته له ولأشقائه وقال انت زوجت "هدي" وعملت لها اللازم وأنا سوف أنهي خدمتي العسكرية في مايو القادم وبعدها سوف أبحث عن فرصة سفر حتي أتمكن من تجهيز "آمال" وادخار أي مبلغ لاستكمال المنزل وإكمال نصف ديني بالزواج إن شاء الله وكنا جميعا في منتهي السعادة لقضائه هذه الاجازة وسط العائلة حتي سمعنا خبر الحادث المشئوم الذي لم تتحمله والدته فأصيبت بحالة إغماء شديد عدة مرات ولم تتمالك نفسها إلا بعد أن أخبرناها بأنه مفقود وسيعود إن شاء الله وبدأ كل أبناء القرية يتوافدون علينا لساعات طويلة ليخففوا من مصيبتنا ثم طلبوا منا إجراء تحاليل DNA دون فائدة وكنا نعيش أياما عصيبة لا نعرف لها طعما لأننا لم نعلم مصير الشهيد فكل زملائه الشهداء قد عرفوا مصيرهم إلا نحن حتي جاء قائد الكتيبة ومن معه وضمني في حنان ليقول لي ارفع رأسك فأنت أبوالبطل الذي ضحي من أجل أن نعيش والذي ضحي من أجل وطنه وأخذ يروي ان السيارة "الفنطاس" التي دخلت المعسكر وانفجرت حضر بعدها سيارة بها مجموعة من الإرهابيين في زي القوات المسلحة ونزل منها شاب لهجته غريبة وكان مصمماً علي الدخول إلي داخل المعسكر فمنعه الشهيد ولكنه كان مصمما فدفعه الشهيد خارج الكتيبة وظل يدفعه بعيدا حتي انفجر الحزام الناسف الذي كان يريد تفجيره داخل الكتيبة لإحداث خسائر مضاعفة فانفجر الإرهابي ومعه الشهيد ونظرا لقوة الانفجار وشدته لم يعثر علي أي أثر من جثة الشهيد. طلب والد الشهيد من الأب الرئيس السيسي أن يصدر تعليماته باستبدال رحلة العمرة التي قررتها القوات المسلحة لوالدي الشهيد برحلة حج إلي بيت الله الحرام لتهدأ نفس الأم من النار المشتعلة بداخلها وأن يمنح الشهيد وساما من الدولة ليحصل علي معاش شهري علي اعتبار أنه عامل باليومية. ** أما أم الشهيد فقالت الحمد لله علي كل اللي يجيبه ربنا فأنا صابرة ومحتسبة ومنتظرة يوم أن يجمعني به الله ثانية علي الرغم من أن الناس تهنيني وتقول لي دائما انت أم البطل ولكن الشيء الوحيد اللي كان نفسي فيه أن ابني يدفن هنا وبجواري حتي أستطع زيارته وأبكي بجوار قبره لعل الدموع تخفف عني ما أنا فيه. ** نبيل عاطل شتا ابن عم الشهيد يقول ان القرية في حالة حزن شديد منذ أن علموا بالخبر وظلوا بجوارنا طوال هذه الفترة لأن الشهيد كان محل حب واحترام الصغير قبل الكبير فظل مكافحا ومعاونا لأسرته منذ أن اشتد عوده مشاركا والده المسئولية بالعمل والكفاح وحينما كنت أقول له خلي بالك من نفسك انت في مكان حساس كان رده قاطعا وحاسما "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا". من ناحية أخري قرر المحاسب حسام إمام محافظ الدقهلية إطلاق اسم الشهيد الشحات محمد شتا علي المدرسة التجارية بالقرية إلي جانب إطلاق اسمه علي القاعة الكبري بنادي شربين الرياضي وقد كلف المحافظ رئيس مدينة شربين بوضع لافتة تحمل اسم الشهيد علي المدرسة مشيرا إلي أن الدولة وأجهزتها التنفيذية لن تتواني عن تكريم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداءا لوطنهم مع رعاية ذويهم وتقديم يد العون لهم.