* في الوقت الذي تنمو فيه ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في الغرب بمعدلات عالية. وصلت لنحو 70% خاصة بعد حادث "شارلي إيبدو" في فرنسا.. نجد في الشرق نموا متصاعدا لظاهرة "الدواعش" أو "التتار الجدد" بالعراق وسوريا ثم في ليبيا مهددين الأمن القومي العربي كله. منذرين بزوال ما تبقي من دول واستقرار تمهيدا لإحلال دولة الميليشيات والفوضي والدمار. المشهد هنا وهناك فيه قاسم مشترك وهو الاعتداء علي الإسلام والزج به في مشاهد العنف والتطرف وهو دين التسامح والعلم والأخلاق الرفيعة والحضارة.. الإسلام هنا يبدو مستهدفا بالدرجة الأولي. سواء ممن يدعون انتماءهم إليه زورا وبهتانا ثم تأتي تصرفاتهم مسيئة إليه مثلما يفعل داعش من قتل وحرق باسم الدين ومثلما تفعل تنظيمات التطرف هنا وهناك. كما يبدو الإسلام مستهدفا من الغرب الذي يتعامل بازدواجية ممجوجة مع حوادث التطرف. فحين قتل 3 مسلمين علي يد متطرف أمريكي قرب جامعة نورث كارولينا جاءت إدانة الغرب باهتة متثاقلة.. بينما انتفض الغرب لحادث شارلي إيبدو.. فحينما يكون الضحايا من العرب والمسلمين لا تسمع للغرب صوتا.. أما حين يكون الضحايا من غير العرب والمسلمين تقوم الدنيا ولا تقعد وتكال الاتهامات للإسلام قبل المسلمين. ويلصقون بالدين الحنيف كل نقيصة ويربطون به كل عمل إرهابي رغم أن الإسلام يحرم ترويع الآمنين فما بالك بقتلهم بوحشية ودموية همجية.. المستفيد من الصخب واللغط والتفكك العربي والإرهاب المحسوب علي المسلمين هو أمريكا وإسرائيل.. ومن ثم فليس هناك مجال لإحسان الظن فيهما.. والإسلام هو المفتري عليه من الجانبين؟ الإرهاب لا دين له ولا أخلاق. وازدواجية معايير الغرب وأمريكا في تصنيف تنظيمات التطرف والعنف وفقا لمصالحهما تساعد علي تمدده وانتشاره.. وهنا لا نعيب علي الغرب سعيه لتحقيق مصالحه بقدر ما نعيب علي أنفسنا هذا التراخي.. فماذا ينتظر العرب حتي يتفقوا علي كلمة سواء ويقوموا بتشكيل قوة عسكرية مشتركة للتصدي لموجات الإرهاب القائمة والمتوقعة.. ماذا ينتظرون لإنقاذ ما تبقي من فرص الحياة.. هل يكفي التعاطف ومد يد العون من جانب البعض لمصر في حربها المستعرة ضد الإرهاب في الداخل والخارج.. لماذا ينتظرون انعقاد القمة العربية السنوية بالقاهرة في مارس المقبل.. هل يصح التعامل مع متغيرات حرجة استثنائية بإجراءات روتينية جرت عادتهم أن تئول إلي مكلمات تفرق أكثر مما توحد.. ماذا يمنع إقامة سوق عربية مشتركة وعملة موحدة وتكامل اقتصادي سبقتنا إليه أوروبا ودول إفريقية رغم أسبقية الحلم العربي..؟! في ليبيا حكومتان وبرلمانان وجيشان يحارب كل منهما الآخر وبينهما داعش.. وها هي اليمن اختطفها الحوثيون بدعم إيراني.. والعراق ممزقة. وسوريا تجري علي أرضها حروب بالوكالة وفاق ضحاياها مليوني شخص بين القتل والإصابة.. ومصر ليست وحدها المستهدفة بالإرهاب بل المنطقة العربية كلها بلا استثناء.. فماذا ينتظر العرب..؟! لا تعولوا أملا علي المجتمع الدولي. فقد اكتفي مجلس الأمن بإدانة اغتصاب الحوثيين للسلطة في اليمن.. ثم ألم يكن "الناتو" سببا في ضياع ليبيا؟.. متي يفيق العرب؟.. متي ننتقل من الماضي للمستقبل.. من الإيديولوجيا للسياسة.. من المغالبة إلي المشاركة؟ والتوحد خلف مصالح الأوطان وليس الطائفة.. الدواعش لن يتركوا أحداً.. السكين فوق رقاب الجميع.. وإذا كانت مصر كعادتها قد اتخذت خطوات ملموسة في الرد علي الإرهاب.. فماذا ينتظر العرب..؟!