مبدعون في الإهمال !!

بما يرضي الله

تخيلوا معي: قرية علمية.. ثقافية.. تاريخية وترفيهية علي مساحة 190 فداناً تضم في قسمها العلمي مجسما للقبة السماوية بعروضها المدهشة لعالم الفضاء ومجسما آخر للكرة الأرضية وثالثا لقارات العالم وفي القسم التاريخي يوجد نماذج طبق الأصل لأهم معالم مصر التاريخية الحديثة والقديمة تمر بترتيب المحافظات علي مجري مائي بعمق سبعة أمتار يحاكي نهر النيل.
أما القسم الترفيهي عبارة عن كهوف مائية ومغارة بها نماذج للانسان البدائي وحيوانات ما قبل ظهور الانسان كما يوجد "بلاج" علي ضفاف مجسم للبحر الأحمر فضلا عن سباق سيارات و"تراك" للمشي بين المعابد الفرعونية.
هذه صورة مبسطة للقرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر التي كانت حلما وتحقق علي أرض الواقع بملايين الجنيهات وبدأت تستقبل الجمهور بالفعل منذ بداية العام الماضي.
تبنت وزارة التربية والتعليم مشروع القرية لتعزيز انتماء الأجيال الجديدة وتعريفهم بمعالم بلدهم بالاضافة لجعلها مزارا سياحيا جديدا.
كل هذا جميل جدا ولكن لأننا متخصصون في تشويه كل شيء جميل في بلدنا تسبب الاهمال وانعدام وسائل الأمان في موت حالتين غرقا دون أن يتحرك ساكن كان الحادث الأخير منذ أيام قليلة والضحية مهندس شاب يدعي محمد إدريس عمره 30 سنة سقط طفله - 3 سنوات - في مجسم نهر النيل فقفز هو وزوجته لانقاذه وقفز وراءهم شاب من رواد القرية فأنقذ الطفل وقامت سيدة أخري بانقاذ الأم التي كادت تغرق بسحبها عن طريق "جاكيت" استخدمته كحبل لجذبها أما الأب فغاصي في العمق واختفي عن الأنظار.
استهانت إدارة القرية باستغاثة الزوجة التي ظلت تحاول هي وكل من تعاطف معها في البحث عن مغيث حتي جاء الانقاذ النهري واستخرج جثة الزوج بعد خمس ساعات مرت كل ثانية فيها كدهر طويل خاصة علي أمه وزوجته.
اكتفت إدارة القرية بكتابة اعتذار علي صفحتها علي الفيس بوك معللة ما حدث بسبب أكثر استفزازا وهو ان القرية لم تفتتح رسميا بعد ولا أدري بأي منطق تستقبل أفواجا اشترطت ألا تقل عن مائتي فرد منها رحلات مدرسية وهي مازالت تحت الإعداد.
كل من دفع حياته ثمنا للاهمال ترك في أعناقنا أمانة محاسبة من أهدر حياته ويتّم أطفاله ولن يفيدنا هنا تشويه صورة القرية نفسها ولست مع من يريد اغلاقها تماما لأنها تستحق الزيارة كمعلم سياحي نادر جديد ومفيد أهدافه نبيلة ولكن لابد من وقفة جادة لمحاسبة المهمل بناء علي تحقيق عادل واغلاقها لحين تأمينها تأمينا كاملا قبل أن تحدث كارثة جماعية تشوه سمعة القرية ولا تقوم لها قائمة.