تزوجت "جميلة" وهي في الثامنة عشرة من عمرها بعد حصولها علي الدبلوم مباشرة من رجل أعمال قاهري عمره يقارب الستين. وتركت مسقط رأسها قرية بمدينة المنصورة وانتقلت مع زوجها الذي لا تعرف عنه شيئا لتعيش معه في القاهرة.. كان زواج جميلة من "بركات" عبارة عن صفقة تمت بين والد الفتاة وأحد معارف "بركات" حصل بموجبها والد جميلة علي حفنة من الأموال. وحصل "بركات" في المقابل علي شابة صغيرة فاتنة. كانت جميلة تشعر بالسعادة في بداية زواجها لحنان زوجها عليها وحبه لها كماسعدت بالبيت الكبير الذي يشبه القصور.. وقارنت بين حياتها في بيت ريفي بسيط وحياتها في بيت زوجها فوجدت انها في أحسن وأفضل حال لفتاة في سنها.. كان البيت الكبير يعيش فيه أربعة من أبناء "بركات". علمت جميلة من زوجها انه تزوج قبلها مرتين. الأولي رزق فيها بنجله "حمدان" 25 عاما. و"أميرة" 17 عاما وبعد وفاة زوجته الأولي تزوج مرة ثانية ورزق بابنتيه "دعاء" 13 عاما وشيماء 11 عاما. أحست جميلة بالارتباك في بيتها الجديد خاصة في وجود أبناء وبنات زوجها الذين كانوا ينظرون اليها بطريقة شعرت معها بعدم الراحة.. لكن زوجها كان حنونا عطوفا يغمرها بحبه وينفق عليها بسخاء.. مرت الأيام وأحست جميلة بشئ يتحرك في أحشائها وعندما ذهبت للطبيب بصحبة زوجها زف اليهما الطبيب نبأ حملها بجنين ذكر كاد بركات يطير من الفرحة بالخبر وأحس بشبابه يعود من جديد وزاد حبه وتعلقه بجميلة ومولودهما المنتظر "محمود". كانت علاقة جميلة بأبناء زوجها باردة خالية في كثير من الأحيان من الود فقد كانوا ينظرون اليها علي أنها فقيرة وافقت علي الزواج برجل في عمر والدها حتي ترث أمواله لتعيش بها بقية حياتها مع رجل آخر تتزوجه في المستقبل.. وكان هي تنظر اليهم علي انهم يحاولون تنغيص حياتها مع زوجها حرصا منهم علي مال الأب حتي لا يشاركهم فيه أحد.. وكان حب بركات ووجود طفلها يعوضانها عن هذا الجو البارد مع عائلة بركات. لكن من المحال دوام الحال ففجأة أحس بركات بالمرض ونقل إلي المستشفي وتبين انه يعاني ورما خبيثا بالمخ ويجب اجراء عملية جراحية عاجلة له والا ساءت الحالة وتأخر شفاؤها.. كانت جميلة بجوار زوجها في مرضه فلم تتركه لحظة واحدة ولكن القدر نفذ حيث أجري بركات الجراحة ولم تتحسن حالته وظلت خطرة وبقي في العناية المركزة لمدة أسبوع حتي كان اليوم الأخير في حياته. في اليوم الأخير استدعي بركات زوجته وطفله الصغير محمود وكان لقاء الوداع حيث أخبر زوجته بأن لها هي ومحمود نصيبهما الشرعي وأن أبناءه لن يسببوا لهما أية مشاكل. مات بركات بعد هذا اللقاء بساعات وبعد مراسم العزاء وانتهاء الجنازة أظهر أبناء بركات الوجه الآخر لجميلة فقاموا بطردها هي وطفلها الصغير من المنزل وزعموا ان أباهم كتب كل شيء لهم.. لم تجد جميلة أمامها سوي الاستعانة بمحام كبير لتحصل علي حقها وحق طفلها الصغير.. وخلال فترة التقاضي وصلها العديد من التهديدات حتي تتنازل عن المال لكنها لم ترضخ لضغوط أبناء زوجها حتي حصلت أخيرا علي حقها وحق نجلها من الميراث. بعد حصولها علي المال أحست جميلة انه ينتظرها سنوات صعبة حتي تصل بولدها الوحيد لبر الأمان وترحمت كثيرا علي زوجها الذي وفي بعهده معها ولم يتركها ووليدها دون مال لمواجهة أوجاع الحياة.