نشأت "أمارة" في منطقة شعبية بالجيزة. وكان والدها موظفاً بسيطاً قضي حياته يسعي لتربية أولاده وتوفير احتياجاتهم رغم دخله القليل.. وكان للفتاة نصيب كبير من اسمها فهي جميلة أنيقة رغم فقرها يتابعها شباب الحي الذي تقطن فيه بنظراتهم كلما مرت في الشارع.. وكانت تشعر ببعض الاعجاب بشباب في مثل عمرها. لكن طموحها دفعها إلي عدم الارتباط بأي من هؤلاء الشباب لانها تتمني الزواج من إنسان ناضج يحتويها ويشعرها بالأمان والدفء والحماية ورغبت أن يكون غنياً ذا حيثية في المجتمع ليرفع من شأنها خاصة انها نشأت في أسرة فقيرة. في أحد الأيام دعاها خالها إلي زيارته في منزله للتعرف علي زوجته الجديدة. وكانت زوجة خالها سمراء جميلة الملامح تنتمي لبلد افريقي.. ووجدت "أمارة" امرأة لطيفة بشوشة تحب مصر وتحترم عادات وتقاليد المصريين حتي صارت طباعها أقرب إلي التقاليد الشرقية منها إلي عادات بلادها الافريقية. أحبت الفتاة زوجة خالها التي صارت صديقة لها وزارتها عدة مرات.. وفي إحدي هذه الزيارات شاهدت رجلاً وسيماً أسمر البشرة يجلس مع خالها بالقاهرة وعندما سألت عنه أخبرتها زوجة خالها انه سفير بلادهم في القاهرة... نظرت له الفتاة فوجدته يتابعها بنظرات الاعجاب لدرجة انه لم يرفع عينيه عنها طوال فترة وجودها بادلته النظرات حتي تقدم منها وعرفها بنفسه وأخبرها بأنه سفير للدولة الافريقية في مصر وحدثها قليلاً عن حياته. كما سألها عن ظروفها وحياتها. بعد عودتها إلي منزلها أحست بأنها وجدت الرجل المنشود الذي سيحقق لها الكثير من أحلامها. وتمنت أن يكون هذا الشخص من نصيبها.. في اليوم التالي سمعت جرس الباب فأسرعت لمعرفة الطارق ولما فتحت الباب وجدت السفير في كامل أناقته مبتسماً سعيداً برؤيتها وحياها بحرارة ثم طلب مقابلة والدها لأمر هام.. أسرعت الفتاة لتخبر والدها بقدوم الضيف الذي قوبل بترحاب كبير من جانب والدها.. وبعد دقائق قليلة طلب السفير يدها للزواج.. أحست الفتاة بنبضات قلبها تتسارع من شدة الفرح لدرجة انها كادت تطلق "زغرودة" تعبيراً عن موافقتها. تم الاتفاق سريعاً بين الطرفين وتزوجا بعدها بأسبوع لتبدأ شهوراً من السعادة مع زوجها الذي أحاطها برعايته وحبه.. إلي أن طلب منها في أحد الأيام أن تستعد للسفر معه إلي دولته الافريقية للعيش هناك لفترة ثم يعود بعدها لمصر مرة أخري. ودعت "أمارة" أهلها وجيرانها في الحي الذي تعيش فيه. ثم ركبت الطائرة لأول مرة في حياتها لتبدأ مرحلة جديدة وسط أناس لا تعرفهم ولا يعرفونها.. وجدت انها انتقلت إلي بيت أنيق يليق فعلاً بمنصب زوجها وعاشت سعيدة مع زوجها ووالدته التي عاملتها كابنتها تماماً واستقر بها الحال ستة أشهر دون أي مشاكل أو منغصات. لكن الدنيا لا يمكن أن تبتسم لإنسان طوال الوقت ودوام الحال كما يقال من المحال.. ففي إحدي الليالي رن موبايل زوجها وعندما تناولت الموبايل وجدت اسم المتصل "my love" وضعت الموبايل وراقبت زوجها حتي استمعت إلي محادثته مع امرأة أخري وعرفت بعد المكالمة ان زوجها الدبلوماسي متزوج عليها دون علمها.. بدأت المسكينة تراقب زوجها سراً وتتقصي المعلومات عنه. وعلمت بعد فوات الأوان ان رجلها الدبلوماسي رجل مزواج سبق له الزواج أكثر من مرة وفي كل مرة يطلق زوجته حتي يرتبط بأخري كما علمت انه لا ينجب.. أحست بصدمة كبيرة وبدأت تشعر بالغربة وهي تعيش بجوار زوجها. لم تدر ماذا تفعل وإلي من تلجأ خاصة انها تعيش غريبة في بلاد غريبة. وبعد تفكير طويل قررت أن تطلب من زوجها السماح لها بالسفر إلي مصر للاطمئنان علي أحوال أمها المريضة. وعرضت الأمر علي زوجها فلم يعترض بل رحب بهذا الأمر بشدة وأوصلها إلي المطار وودعها بحرارة وطلب منها ابلاغ تحياته إلي أهلها. عادت "أمارة" للقاهرة بعد أن تركت مدخراتها ومصاغها في شقتها مع زوجها حتي تقرر بعد عودتها ماذا ستفعل.. لكن بعد ثلاثة أيام من وصولها مصر فوجئت بأن زوجها غدر بها وقام بتطليقها في بلده وأرسل إليها ورقة الطلاق عن طريق وزارة الخارجية. ولأن المصائب لا تأتي فرادي فقد استولي زوجها علي كل مدخراتها ومصاغها حتي ملابسها التي تركتها أثناء سفرها لمصر استولي عليها ولم يترك لها شيئاً.. بعد زوال أثر الصدمة وقدوم الزوج إلي القاهرة مرة أخري لممارسة عمله ذهبت إليه "أمارة" وطالبته بكافة حقوقها الشرعية ورد ما استولي عليه من أموالها وذهبها. لكن الزوج ترك الدبلوماسية وأظهر لها وجهاً آخر لم تره من قبل وظهر علي حقيقته وهددها بأنها إذا اعترضته مرة أخري أو قدمت شكاوي إلي سفارته أو إلي القضاء فإنه سيؤذيها هي وأهلها ثم قدم لها مبلغاً صغيراً من المال ورفض رد مدخراتها ومصاغها إليها. وبعد أن أيقنت البائسة انها كانت ضحية رجل مزواج لم تجد أمامها سوي القضاء المصري لينصفها ويعيد لها حقوقها التي استولي عليها دبلوماسي أوقعها في شباكه ثم ألقي بها بعد أن أخذ منها ما يريده.. ومازالت "أمارة" حتي الآن تتجرع المرارة وتدعو الله أن يكون بجانبها حتي تجتاز آثار هذه التجربة وتحلم باليوم الذي تسمع فيه القاضي ينطق بالحكم الذي يريح بالها ويشعرها بالأمان حتي لا تقضي بقية حياتها تعاني من الأوجاع.