* يسأل ناصر فاروق عبدالصالحين رجل أعمال ومقيم بالدقي: ما رأي الدين في الوقف الإسلامي؟.. وما فائدته؟ وماذا وقف أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم؟! ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر الشريف: أجمع الصحابة رضي الله عنهم وأهل العلم إلي مشروعية الوقف. واشتهر اتفاقهم رضوان الله تعالي عنهم علي الوقف قولاً وفعلاً. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنه: "لم يكن أحد من الصحابة له مقدرة إلا وقف". وقال ابن قدامة: وهذا إجماع منهم. فإن الذي قدر منهم علي الوقف وقف. واشتهر ذلك. ولم ينكره أحد. فكان إجماعاً وقال الشافعي رحمه الله: "بلغني أن أكثر من ثمانين رجلاً من الصحابة من الأنصار وقفوا" وقال: أيضاً: أكثر دور مكة وقف. وللوقف الإسلامي فوائد جليلة. وآثار عظيمة علي مستوي الأفراد والشعوب. منها: أن الواقف إذا مات لم ينقطع عمله لقول النبي صلي الله عليه وسلم : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية. وعلم ينتفع به. وولد صالح يدعو له" رواه الترمذي. وقد شرع الله الوقف وندب إليه. وجعله قربة من القرب التي يتقرب بها إليه. ولم تكن الأمم تعرف الوقف الإسلامي من قبل. وإنما شرعه الرسول صلي الله عليه وسلم ودعا إليه. ورغب فيه.. وفي الحديث السابق: أن عمل الميت ينقطع إلا من هذه الأشياء الثلاثة. لأنها من كسبه: فولده. وما يتركه من علم. وكذا الصدقة الجارية. كلها من سعيه. علماً نشره. أو ولداً صالحاً تركه. أو مصحفاً ورثه. أو مسجداً بناه. أو بيتاً لابن السبيل بناه. أو نهراً أجراه. أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته". وردت خصال أخري بالإضافة إلي هذه فيكون مجموعها عشراً نظمها السيوطي فقال: إذا مات ابن آدم ليس يجري.. عليه من فعال غير عشر.. علوم بثها ودعاء نجل.. وغرس النخل والصدقات تجري.. وراثة مصحف ورباط ثغر.. وحفر البئر أو إجراء نهر.. وبيت للغريب بناه يأوي.. إليه أو بناء محل ذكر. ولقد وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم ووقف أصحابه المساجد والأرض والآبار والحدائق والنخيل. ولايزال الناس يقفون من أموالهم إلي يومنا هذا. وإليك بعض الأمثلة للأوقاف في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة وأمر ببناء المسجد قال: "يا بني النجار: ثامنوني بحائطكم هذا؟ قالوا: والله لا نطلب ثمنه إلا إلي الله تعالي" رواه البخاري ومسلم. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من حفر بئر رومة فله الجنة" قال: "فحفرتها" رواه البخاري. وفي راوية البغوي: انها كانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة. وكان يبيع منها القربة بمد. فقال صلي الله عليه وسلم : تبيعنيها بعين في الجنة؟ فقال: يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها.. فبلغ ذلك عثمان: فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم. ثم أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أتجعل لي ما جعلت له؟ قال: نعم. قال: قد جعلتها للمسلمين. وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر بخيبر أرضاً. فأتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه. فكيف تأمرني به؟ قال: "إن شئت حبست أصلاً. وتصدقت بها". فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها. ولا يوهب ولا يورث. وإنما هي صدقة في الفقراء والقربي والرقاب وفي سبيل الله. والضيف. وابن السبيل. ولا جناح علي من وليها أن يأكل منها بالمعروف. أو يطعم صديقاً غير متمول فيه" أخرجه البخاري ومسلم.