لا تذكر الشرقية إلا ويذكر الأباظية. أشهر عائلاتها وأكثرها نفوذاً وتغلغلاً في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية هم أيضاً من أثرياء المحافظة ومن أكثر عائلاتها عراقة. شجرة عائلة الأباظية تتفرع في أكثر من اتجاه ويحرص أفرادها دائماً علي التباهي بما يسمونه تاريخ العائلة الطويل الضارب في الأعماق والذي تختلط فيه الحقائق بالخيال الشعبي أحياناً. في عهد الخديو إسماعيل عين أحمد أفندي أباظة عضواً في أول مجلس شوري النواب سنة 1866 عن الشرقية ولاتزال الأسرة الأباظية تقدم الكثير من الخدمات في شتي المجالات محتفظة بعادات وقيم الأجداد. ومن أبرز رجال الأباظية الوزير محمد وجيه أباظة أحد أبطال ثورة يوليو المجيدة والراحل المهندس ماهر أباظة وزير الكهرباء والطاقة وعضو مجلس الشعب والمفكر الراحل فكري باشا أباظة وثروت أباظة رئيس اتحاد كتاب مصر وعضو مجلس الشوري. الذي كان يرد علي منتقديه قائلاً: ليس ذنبي أنني ابن باشوات وهناك أيضاً الوزير أمين أباظة وزير الزراعة السابق ومحمود أباظة رئيس حزب الوفد السابق أي أنهم تغلغلوا في المناصب الحكومية وتولوا رئاسة المعارضة أيضاً. يذكر التاريخ وقوع حادثة في عام 1923 لعبت دوراً كبيراً في حياة هذه العائلة السياسية ومضمونها أن عدلي باشا يكن المنافس التاريخي لزعيم الوفد سعد زغلول كان في بداية حياته مديراً لمديرية الشرقية وكان علي علاقة وثيقة بالأباظية وفي انتخابات عام 1924 كان حزب عدلي يكن "الأحرار" ينافس حزب الوفد فقرر كبار العائلة الأباظية منع الشباب الذين انحازوا للوفديين الترشيح في الانتخابات وترشح كبار العائلة كأحرار دستوريين وكانوا ستة في مجلس النواب وثلاثة في مجلس الشيوخ وفشلوا جميعاً. وبعد هذا السقوط اتفقوا علي ألا يكون من سلطة العائلة علي أبنائها فرض الانتماء الحزبي. ومن طرائف هذه الانتخابات أن فكري باشا أباظة كان من أنصار الحزب الوطني القديم فاضطر للترشيح في دائرة بعيدة حتي لا ينافس أحد من العائلة فرشح نفسه في بلبيس وعندما واجهه الأهالي بأنه لا علاقة له بالدائرة قال لهم: ولكن جدودي مدفونون هنا فقالوا له فلينتخبك أجدادك وفشل هو أيضاً. وبعد هذه السنة اجتمع الأباظية فيما يشبه الدستور أن من حق أي فرد منهم أن يترشح عن أي حزب بشرط ألا ينافس بعضهم بعضا. وهكذا بدأ تعدد الانتماءات السياسية. فقبل الثورة كان هناك من الأباظية وفديين وآخرين من أشد أنصار الأحرار الدستوريين وكان الصحفي المعروف فكري باشا أباظة من زعماء الحزب الوطني في حين كان الشاعر عزيز باشا أباظة مستقلاً في مجلس الشيوخ. وآخر مثال لاختلاف توجهات الأباظية الشقيقان ماهر أباظة ومحمود أباظة فبرغم رابطة الأخوة إلا أن المهندس الراحل ماهر أباظة ظل لسنوات طويلة من الوجوه البارزة في الحزب الوطني المنحل ووزيراً للكهرباء في أكثر من حكومة وهو من الوزراء المعدودين الذين دخلوا الحكومة وخرجوا منها بنظافة يد في حين شغل محمود أباظة منصب رئيس حزب الوفد المعارض وكان نائب المهندس ماهر في عمادة العائلة الأباظية. والشاهد أن للأباظية ثقافة خاصة بالعائلة حتي فيما يتعلق بالطعام وأشهر الوجبات المنسوبة إليهم العدس الأباظي بالطبع والذي تدخل في مكوناته قطع الدجاج والشوربة. وليس العدس فقط كما يتناوله جميع المصريين. من أشهر أبناء العائلة أيضاً الممثل الموهوب الراحل رشدي أباظة أحد علامات السينما المصرية ودونجوانها الذي لم يتكرر.