في مثل هذا الشهر عام 1973 عاد أبي في إجازة قصيرة من الجيش.. كان معه في جيبه منديل من القماش الكاكي اللون مصرور فيه حفنة رمال وضعهم لي في زجاجة دواء قديمة وقال لي: "رمل سيناء.. كنت عايز أجيب لك هدية وأنا راجع.. ملقتش أغلي من شوية رمل أخذناهم من عين عدوك.. وعدونا" وظلت معي سنوات وسنوات حتي كبرت وبالأمس فقط عاودتني الذكري بعد أن جاءتني رسالة من صديق يدعم الفكر الذي يطالب بالثورة علي الجيش الانقلابي ووجدتني أشعر بغثيان فكري.. إلي متي سيظل هؤلاء لا يرون إلا من ثقب إبرة تريهم تحت أقدامهم وربما أقل وقررت أن أرد علي هذا بما ذكرته عالياً من مذكراتي وأنا طفلة في كتابي مذكرات ابنة محارب. هل يكفي هذا لتعرفوا لماذا أحب جيش بلادي رغم أنه قد يحتمل بعض الفساد كشأن كل شيء.. فهم ليسوا ملائكة.. لكن المؤكد أن من يدفعون أرواحهم ليستردوا ذرة رمل.. لن يبيعوا الوطن!!!!! أفيقوا.. جيشنا هو الهدف.. ثرواتنا ملك لأعدائنا منذ سنوات وحياتنا رهن إشاراتهم منذ سنوات.. الهدف المتبقي هو جيشنا الصامد.. جنودنا.. خير الأجناد أفيقوا قبل أن نمزق أنفسنا علي عتبات جهلنا. الجيش الذي يدخله أولادنا زهرة شبابنا أبداً لن يكون فاسداً لدرجة تمزيقه.. آن الأوان أن ندافع عن جيشنا بأرواحنا فقد شربت سيناء حتي ارتوت من دمائهم.. أمثل هؤلاء يفرط؟! ياخير الشعوب رغم ما مر بنا الثورة الحقيقية ليست علي الحاكم ولا جيشه.. الثورة الحقيقية علي الإهمال والتنبلة وحالة الغليان التي لا تحتملها ظروف وطننا.. هناك الآن محاولة لأن نوقف البناء حتي الانتقام.. علينا بالبناء أولاً ومحاسبة الفساد موازياً لعملية الإعمار.. كيف يكون ذلك بنظرية الأضداد.. الأسود يكشفه الأبيض والفاسد يكشفه الشريف النظيف والمهمل يكشفه المنضبط.. فهيا ننقذ مصر وكفي أن نتوقف علي الفساد ونصرخ في البرية فاسد.. الفاسد يقتله العمل فهيا إلي العمل والكفاح.. هيا نثور "صح" ثوروا علي أنفسكم أولاً وتذكروا أن من حكمونا لم يكونوا ملائكة ولكننا كنا تربة خصبة لفسادهم بالصمت.