* مهمة هي تجربة فنلندا في تطوير التعليم والتكنولوجيا.. فمن منا لم يسمع عن نوكيا. تلك العلامة التجارية الأكثر شهرة في عالم المحمول.. وكم منا يعلمون أنها ليست كورية ولا يابانية بل فنلندية بامتياز. وأنها ظلت الأولي حتي 2012 ثم تراجعت خلف "سامسونج" الكورية الجنوبية التي تحتل بلادها المركز الثاني عالمياً في مجال التعليم بعد فنلندا.. وتلك هي المفارقة بين دنيا المنافسة..!! ولعل زيارة وزير التربية والتعليم د.محمود أبوالنصر لبريطانيا هذا الأسبوع لبحث أوجه التعاون مع بعض مسئوليها. وسبل تعزيز مشروع المدارس الداعمة. تمهيداً لإعادة هيكلة التعليم المصري.. تدفعنا للتساؤل: لماذا يمم الوزير وجهة شطر بريطانيا وليس فنلندا رغم تفوق الأخيرة تعليمياً علي الأولي بشهادة مؤسسات دولية معتبرة. علي رأسها "مؤشرات الأممالمتحدة للتنمية" و"البرنامج الدولي للتقييم الطلابي "بيسا"..؟" أدري أن الوزير قرأ بعناية استراتيجيات عديدة لدول متقدمة في التعليم. ومن بينها بريطانيا وسنغافورة وكوريا وفنلندا. وأنه يميل لتفضيل الأخير لكونها الأفضل في هذا المجال والأولي في التصنيف العالمي. ومن ثم فقد التقي سفيرتها بالقاهرة للإفادة بتجربة بلادها في هذا المجال. تمهيداً لصياغة خطة استراتيجية جديدة للتعليم في مصر.. كما أن الخارجية المصرية تبذل هي الأخري جهوداً موازية في الاتجاه ذاته.. لكن لا نعرف أين توقفت هذه الجهود.. ولماذا لا يتم التركيز علي آخر ما توصلت إليه "هلسنكي" في تطوير التعليم لحسم هذا الملف بالغ السوء والتردي. وأس كل بلاء وتخلف..؟! ولا أدري لماذا غفلت حكوماتنا السابقة عن استلهام مثل تلك التجربة المعجزة التي رفعت فنلندا درجات علية في سلم العلم والتكنولوجيا. حتي جعلتها الدولة الوحيدة التي تحقق 100% في ربط شبكة الإنترنت المنزلي. كما أن 93% من مواطنيها حاصلون علي البكالوريا "مؤهل ثانوي فما فوق"..!! * للتعليم الفنلندي أسرار مبهرة. فهو غاية في ذاته. متعة لطلابه. جاذب ومشوق لأقصي درجة. يعلي قيمة الفرد. وينمي الإبداع والبحث والقراءة والفهم وليس الحفظ والاستظهار.. ونظام امتحاناته تقويمي موضوعي وليس ترهيباً كما هو الحال عندنا.. كما أنه يعظم الصورة الذهنية للمدرس الذي لا يعين إلا بعد حصوله علي الماستر "الماجستير".. ويمنح تكافؤ الفرص والمساواة. والبعد عن تجاذبات السياسة وموبقاتها.. ويركز أكثر علي النهوض بضعاف التحصيل الدراسي. ويحرص علي تحقيق التميز في الرياضيات والتقنيات.. والأهم استقلالية القرار ولا مركزية التعليم. إن تجربة فنلندا دعوة للتبصر في كمال جزئي. ينهض علي الإبداع والتطور. وتقديس الأولويات الوطنية الواجبة التي يهملها كثير ممن يحسبون علي صفوة مجتمعنا. والذين انخرطوا في جدل وتلاسن وسجال مقيت في شئون القضاء وأحكامه. سعياً لمآرب خاصة ولو علي أنقاض هذا البلد.. ولعل التجارب الناجحة أقرب إلينا مما نظن ولكن بشروط وقوانين أبسطها الأخذ بالأسباب.. فلا نهضة إلا بتعليم رشيد وصحة عفية وثقافة متسامحة.. وهذه دروس من فنلندا!!