آخر الاحصاءات التي تعرض لقضية التزايد السكاني في بلادنا. تشير الي أن عدد المواليد في مصر سنة 2012 بلغ 2.6 مليون نسمة. وهو ما يساوي مجموع المواليد في إيطاليا وفرنسا وانجلترا وأسبانيا مجتمعة. ولعلي من غلاة المؤمنين أن حل مشكلة الكثافة السكانية لا يقتصر علي تحديد النسل. فالحلول متعددة أهمها استغلال المتاح من الموارد الطبيعية والبشرية. وزيادة الانتاج. لكن الإحصائية العالمية تضع أمامنا السؤال الصعب. تذكرنا بالنكتة الشهيرة عن الرجل الذي طلب من الترزي أن يصنع له بدلة من ربع متر قماش. سألة الترزي: كيف؟ أجاب: بالفهلوة كده! أستعيد النكتة وأنا أصل الحقائق التي تتضمنها الاحصائية بالتحدي الذي تواجهه. أعني الزيادة السكانية التي جعلت من مصر دولة متقدمة في زيادة المواليد. الأرقام تطالعنا بحقائق أخري. منها أن مولودا جديدا يطل علي العالم كل ثلاث ثوان. وأن السنة الواحدة تستقبل أكثر من مليوني مولود. وستظل الزيادة مطردة من خلال تنامي المجموع الكلي للسكان. اذا كنت قد أشرت من قبل الي أن الحل النمطي ليس أسعد الحلول للحد من الكثافة السكانية. فان الحلول الأخري تظل في دوائر التمني أمام الزيادة الهائلة في النسل. طريقة حسنين ومحمدين. والبيانات المحذرة من تفاقم المشكلة. والصور الساخرة التي يواجه بها تنظيم الأسرة زيادة النسل.. ذلك كله لم يعد مجدياً أمام المد الهائل للمواليد. بما يجعل من التصورات الاستراتيجية مجرد بيانات وتنبؤات يصعب تحويلها الي واقع. الوعي بالمشكلات هو الخطوة الأولي لحلها. ومسئولية تنمية الوعي. تعود الي إدراك الزوجين أن أسرتهما الصغيرة جزء من المجتمع. وأن زيادة الإنجاب في الأسرة هي زيادة في مواليد المجتمع كله. بما تتضمنه من أعباء اقتصادية وصحية واجتماعية. الادعاء بأن الظروف المادية الطبية لأسرة ما تتيح لها إنجاب أطفال كثيرين. يلغيه فهم الظروف الصعبة التي يحياها المجتمع في عمومه. نحن لا نعيش في جزر منفصلة. لكننا ننتمي الي مجتمع له أوضاعه التي يتأثر بها الجميع. مشكلات المجتمع يصعب أن تعامل بالقطاعي. انها أشبه بنظرية الأواني المستطرقة التي يتأثر فيها كل إناء بالأواني الأخري. وعندما نصف الأسرة بأنها خلية في المجتمع. فانها لابد أن تلتحم وتتفاعل ببقية الخلايا! لا أدعو الي حلول قاسية. كما حدث في الصين. لما اشترطت المولود الوحيد لكل أسرة. لكنني أدعو الي تنشيط العقلية الجمعية التي يحفزها إدراك الفرد لمسئولياته. وإسهام المجتمع بالتالي في تنامي الإدراك. فتتحول المشكلات الشخصية الي مشكلات للمجتمع وهي كذلك بالفعل يسعي الي حلها بخطوات جادة. وحقيقية.