* سيدتي: أعرف أن الحياة لها وجوه كثيرة.. منها الوجه الأسود.. الذي منحتني إياه منذ فترة.. لكني كنت أقول لنفسي: مهما أظلمت.. لابد للظلمة من انقشاع ولكنها كانت لي بالمرصاد.. فلم يكن أمامي إلا الصراخ. عرفت اليتم منذ كان عمري ثلاثة أعوام.. بعد وفاة أمي بعام تزوج والدي.. كان شرطه أن تكون سيدة طيبة.. تخاف الله وترعاني كابنتها وفعلاً رزقه الله بسيدة طيبة.. إلا أنني لم أعرف معني الحنان.. ولا الحب كباقي البنات.. حتي تخرجت في الجامعة منذ أشهر قليلة وعمري الآن 21 عاماً.. وكأنني كنت انتظر هذا التخرج حتي يأتي موعدي مع السعادة.. أحببت شاباً يكبرني بعام عرفت معه حلاوة الحب.. تركت له قلبي ينهل منه السعادة وانطلقت معه في نهر حبه الدفاق بالحنان. ثم وقفت فجأة شلالات الحب.. أفقت علي كارثة.. إنه متزوج ولديه أطفال.. نعم حبيبي زوج وأب هارب من حياته إلي مسكن.. ابتعدت عنه هاربة ومع أول طارق لخطبتي وافقت هربت وفي صدري مرارة الأيام.. ويبدو أن طعم المر قد انتقل إلي خطيبي فتركني.. وسرعان ما تقدم لي شقيق صديقتي ولكنني رفضته خوفاً من تكرار التجربة.. وخوفاً من فشل جديد.. ويبدو لي أن صديقتي ضنت علي بهذا الحق.. هاجمتني وقالت لي إنني لا أحب من يحترمني وأنني راغبة كل الرغبة في حب وغراميات وليس في من يحترمني ويدخل البيوت من أبوابها.. كم جرحني قولها وسبب لي ألماً نفسياً حاداً.. فلم يكن لي صديقة مثلها ولم أقص ما في نفسي إلا لها.. ابتعدت عنها هي الأخري وأصبحت مفتقدة لكل شيء حنان الأم والحبيب والصديقة.. فماذا أفعل في دنيتي بدون هؤلاء.. وهل من الممكن أن يكون هناك أمل أن تجنبني الدنيا وجهها القبيح وتنعم علي بما تمنحه لقريناتي.. إنني حزينة بلا أصدقاء فتسمحون لي بأن أكون صديقتكم؟ ** عزيزتي: لولا عكس المعني ما عرفنا المعني الحقيقي والوجه الآخر ولو كانت الدنيا دائماً تصدر وجهها الأسود ما عرفنا الوجه الأبيض لها ولا انتظرناه.. ولو كان الليل دائماً.. ما حلمنا بضوء الفجر واشتهينا نور الشمس يسطع علي حياتنا.. لكنها الأيام تدور يوماً بالسعادة ويوماً بالشقاء.. وعليك أن تجدي في كل شيء حكمته وجماله.. فحتي الليل به نجوم وأقمار تضيء لنا الطريق وتهدينا.. إنها دورات الحياة التي تضع بصمة من التجارب والخبرات علي أعمارنا.. وقد لا يحالفك الحظ مرة.. لكنه ولابد وأن يأتي إليك لأنها سنة الحياة. لا تحزني.. فقد أحببت مثل كل فتاة ويبدو أن عدم خبرتك وتلهفك علي الحب جعلك لا تبصرين خدعة هذا الرجل لك.. فقد كان اهتمامك منصباً علي أن تنهلي من نهر الحب.. وحينما يحب الإنسان لا يري عيوب حبيبه ولا يسمع إلا جرس صوته ورنين همساته.. وقد لا يفيق المرء إلا والخنجر في قلبه. لكنك رغم هذه الحالة لم تجنحي إلي الخديعة.. وكنت صريحة مع نفسك بدرجة إنسانة سوية.. لهذا خرجت سريعاً من دائرة ودوامات نهر هذا الحبيب.. لكنك كنت في حالة عدم اتزان لذلك وافقت علي أول عريس تقدم إليك دون تفكير.. ثم سألتي نفسك هل هذا هو ما تريدين؟.. وبعد الإجابة المتأخرة.. عالجتك صديقتك التي ضايقها رفضك لأخيها بصدمتك الأخيرة.. ألا ترين معي أنها سلسلة من عدم القدرة علي الاختيار والتخبط بين الرغبات والمتاح. افتحي قلبك للحياة وتأملي ألوانها الكثيرة فهي ليست "أبيض وأسود" فقط.. بل هناك ألوان عديدة.. تأملي الناس حولك وستعلمين أن دوام الحال من المحال وغدا سيكون أفضل ومرحباً بك صديقة عزيزة.. ونتمني لك أن تصنعي حياتك بعقلية واعية بعيدة عن التسرع وأن تضم لوحة حياتك كل الألوان. *** همسات: الصديقة: سناء.. القاهرة أهلا بك عزيزتي الاربعاء القادم الخامسة مساء وليتك تجلبين معك ما تم نشره مسبقاً في سنوات سابقة حول مشكلتك للتذكرة وشكراً لثنائك وحبك لما نقدمه إنما هو منكم ولكم.