القدر وحده. هو الذي وضع كيرولوس جوزيف ويليام بجوار النافذة في حافلة الموت. وليس بامكانه أن يتذكر تفاصيل الهروب من الموت. لكن خيالات تمر بذهنه. ليؤكد أنه كان يجلس وحده علي مقعد بالحافلة. وفجأة حدث ما حدث. ليجد نفسه بجوار النافذة. فيقفز فوق السيارات. ويجري دون وعي حتي يجلس بعيداً عن الحادث. يشاهد زملاءه وهم يحترقون. وتعلو صرخاتهم من بعيد. دون أن يقوي علي فعل شيء. فقد أقعدته الصدمة في الطريق. يحيط به بعض الأهالي. ويتصلون بوالده مدرس العلوم بإحدي المدارس التجريبية. والذي هرع الي نجله ليعود به. ولكن الي "كعب داير" كان في انتظار كيرولوس ووالده جوزيف ويليام. يحكي كيرولوس ما يذكره من خيالات الحادث الأليم. فقد ودع أسرته في الصباح كعادته الي مدرسته. الأورمان الفندقية حيث يدرس بالصف الأول الثانوي.. وجد مقعداً خالياً. جلس عليه ولم يجاوره فيه أحد. لكنه ألقي تحية الصباح كعادته علي أصدقائه. ومن بينهم مينا جمال. يضيف: كناقد شكونا من السائق السابق. وتم استبداله منذ أيام. ولم نكن ندري أن قدرنا مكتوب مع السائق الجديد. يتابع كيرولوس: مع الحادث بدأت الامساك بالكرسي والتمايل مع الأتوبيس قبل أن يستقر ويصطدم بالسيارة النقل. ويبدأ في الاشتعال. ووجدت النافذة بجواري فقفزت منها لأجري علي الطريق بعيداً عن النار. واتصلت بوالدي الذي حضر ليأخذني من هناك. أما الوالد جوزيف ويليام. فقد حمد الله لنجاة ابنه من الحادث. وإن كان حزيناً لسقوط كل هؤلاء الأبناء من زملاء ولده في الحادث الأليم. مؤكداً أن ما حدث فاجعة بكل المقاييس وأن فرحته بنجاة ولده. لا طعم لها. فمن ماتوا هم أبناء له ولكل المصريين. أضاف أن المدرسة كانت تقوم بتغيير الأتوبيس كل فترة. وأنه مؤجر من إحدي الشركات الخاصة. مطالباً بضرورة وضع ضوابط مرورية للحد من حوادث الطرق التي تحصد أرواح المواطنين كل يوم ورغم تقديره الكامل لظروف التحقيقات التي تعول علي نجله كثيراً للوقوف علي ملابسات الحادث باعتباره من بين الناجين. إلا أنه كان يفضل لو تمت مراعاة الظروف الصحية والنفسية لنجله. وقال: كيرولوس منذ أن استيقظ من الخامسة صباح أمس. لم ينم حتي ما بعد العشاء. فقد ذهبت معه الي مركز شرطة أبو حمص والي النيابة والي المحامي العام. ورغم المعاملة الحسنة وأن رئيس النيابة بدمنهور أخذنا بسيارته الي المحامي العام. إلا أنني كنت قلقاً علي ابني. فقد شاهد زملاءه وهم يحترقون. وقضي اليوم رغم ذلك ورغم الارهاق بين أقسام الشرطة والنيابة. ويحكي جوزيف ويليام كيف وصله النبأ. مؤكداً أنه تلقي اتصالاً من نجله. يخبره بالحادث وهو غير متمالك لنفسه فهرع الي مكان الحادث. ليجد كيرولوس مع عدد من الأهالي والسائقين الذين أحاطوا به وهدأوا من روعه لحين وصول الوالد. وتمني جوزيف السلامة للمصابين وأن يرحم الله الشهداء من الطلاب. ويلهم ذويهم الصبر في هذا المصاب الجلل الذي ادمي قلوب كل المصريين.