عرضت لك في هذه الزاوية يوم الجمعة الماضي موقف المرحوم الشيخ محمد الغزالي من المرأة في كتابه الشهير "السنة النبوية ين أهل الفقه وأهل الحديث". الصادر عام 1989.. وهو موقف يقوم علي الأسس والقواعد التي وضعها الإسلام الحنيف من خلال القرآن الكريم والسنة المطهرة. واليوم أكمل رؤية الشيخ الجليل لدور المرأة في المجتمع من خلال بحث نفيس عن المرأة في خدمة السنة استعان فيه بنقول من رسالة حول "السنة النبوية في القرن السادس الهجري" أعدها الدكتور محمود إبراهيم الديك.. وفي البحث والرسالة اكتشاف لعشرات من العالمات المسلمات الثفات.. اللاتي دفنت أسماؤهن للأسف في الرمال العربية.. وحجبت أدوارهن وراء فتاوي تعتبر صوت المرأة عورة وعقل المرأة عورة واسم المرأة عورة. قال الشيخ الغزالي: استوقفني وأنا أقرأ في تراجم محدثي القرن السادس أي علماء الحديث إن أبا البركات البغدادي من علماء السنة كانت له أختان.. إحداهما أم الحياء حفصة. وهي راوية موثقة دارسة.. قال عنها الحافظ المنذري صاحب الكتاب ذائع الصيت "الترغيب والترهيب" إن له منها "إجازة" كتبتها في شهر شوال سنة 608ه وكانت قد توفيت بعد ذلك بأربع سنوات. والإجازة المقصودة هنا تعني شهادة العلم والصلاحية التي أعطتها هذه العالمة "حفصة" للحافظ المنذري.. فقد أخذ عنها العلم حتي وصل إلي درجة الأستاذية بلغة عصرنا. وهناك سيدة أخري اسمها أم حبيبة الأصبهانية قال عنها الحافظ المنذري في التكملة: حدثت الناس أي علمت الناس أحاديث رسول الله ولنا منها إجازة.. كتبت بها إلينا من أصبهان في ذي القعدة سنة 606ه. أضاف الشيخ الغزالي: إن هذا الإمام الفخم يذكر دون تحرج أنه تلقي العلم عن نساء فضليات منحنه الإجازة وأذن له بالاشتغال بعلم الحديث. وبعد أن ذكر سيدة أخري من الأئمة هي زينب بنت الشعري "524 615ه" قال عنها ابن خلكان: لنا منها اجازة كتبتها سنة 610 ه بعد ذلك قال الشيخ الغزالي: عجباً كبار المؤرخين والمحدثين يذكرون بتواضع العلماء وصدقهم أنهم أخذوا العلم عن نساء معروفات.. وأنهم نالوا منهن شهادات تقدير وتكريم وثقة.. وتساءل: ماذا حدث لأمتنا حتي خلت الساحة من طالبات العلم وأساتذته بنت الشاطئ استثناء يؤكد القاعدة وجاءت قرون أمسي فيها ذهاب فتاة إلي المدرسة جريمة.. بل خلت المساجد من العابدات.. فأصبحت صلاة المرأة في مسجد منكراً وصار ذكر اسم المرأة أما كانت أو زوجة شيئاً إداً. فتم الشيخ عرضه بذكر فاطمة بنت سعد الخير الأنصاري الأندلسي التي ولدت بالصين سنة 522ه وتوفيت بالقاهرة سنة 600ه.. تلقت العلم عن والدها وعن غيره من علماء الحديث الكبار ببغداد.. ثم قامت بالتدريس في القاهرةودمشق.. وسمع منها جماعة من الشيوخ.. منهم شيوخ الحافظ المنذري الفخم الذي قال عنها: سمع منها شيوخنا ورفقاؤنا ولنا منها إجازة. لقد جاءت هذه السيدة العالمة من الصين مع أبيها.. وتلقت العلم في بغداد ثم رحلت إلي دمشق.. ثم استقر بها المقام في القاهرة.. حتي توفيت بها ودفنت في سفح جبل المقطم. ما الذي جري حتي تدور دورة الزمن وتصبح المرأة مشكلة في الواقع الإسلامي علي النحو الذي آل إليه حالنا؟!