زمان.. كانت مسئولية القصور المصرية تقع علي عاتق هيئة القصور الملكية.. وعندما قامت ثورة 23 يوليو أصبحت مسئولية هذه القصور مبعثرة بين رئاسة الجمهورية والآثار والإرشاد القومي والسياحة.. ولم تكن هناك مسئولية محددة.. وبالتالي فيما يبدو أن بعثرة المسئولية عن هذه القصور جعلت مقتنياتها نهباً منهوباً. وهذا ما أكده الشاعر الكبير الأستاذ فاروق جويدة في مقاله عن سرقة القصور الملكية.. وكيف لم تجد اللجان التي تم تشكيلها بعد ثورة 25 يناير أي مقتنيات ومستندات وأوراق وأموال وتحف ومجوهرات.. لقد اكتشفت هذه اللجان بعد عمليات الجرد أنه لا يوجد شيء علي الإطلاق وأن هذه القصور خالية تماماً. وهذا بالتأكيد أمر في غاية الغرابة.. واتذكر أنه بعد قيام ثورة 23 يوليو تم فتح أبواب المنتزة بالإسكندرية ليكون مزاراً للناس.. والكل شاهد كيف كانت تعيش الأسرة الملكية.. وايضا كان قصر عابدين قد تحول إلي متحف يضم مقتنيات منذ عهد الخديو إسماعيل. وكان في قصر القبة ثماني حجرات كلها كانت مليئة بالهدايا الثمينة التي أهداها الملوك والحكام والأكابر للملك فاروق عند زواجه من الملكة فريدة. وذكر الملك فاروق في مذكراته التي نشرها في شهر أكتوبر 1952 في إحدي الصحف البريطانية ويقرر فيها أنه لم يكن أمامه سوي ساعات قليلة لكي يجمع ممتلكاته ولهذا لم يأخذ معه إلا أقل القليل.. فقد صحب كل فرد من أفراد الأسرة حقيبة ملابس واحدة والأمتعة كلها عبارة عن 150 صندوقاً له وللأفراد المرافقين وكانوا 60 فرداً.. وهكذا سافروا إلي المنفي وملابسهم تكفيهم شهراً واحداً. وأكد أنه لو كان في استطاعته أن يصحب معه أكثر من الامتعة والمقتنيات لفعل.. ولكن كل شيء تركه في القاهرة.. خصوصاً تلك المجموعة النادرة من طوابع البريد ويقدر ثمنها بنحو ثلاثة ملايين جنيه استرليني إضافة إلي مجموعة العملات الذهبية التي تركها في قصر القبة.. ولا تقدر قيمتها بثمن لقيمتها التاريخية كذلك تركت ناريمان مجوهراتها.. ويضيف الملك فاروق اتهاماً يتلخص في أنه قيل له أن إحدي أساور زوجته ترتديها صديقة شابة لأحد وزراء الثورة وكذلك هناك طاقم شاي ذهبي.. يمكن اذابته وتسييحه ذهباً ثم سبائك ويعترف فاروق بأن الأسرة المالكة لا تملك "رجل كرسي واحد" ولا لمسة طلاء.. ولا أي من الكنوز والتماثيل البرونزية المهداة من بعض عائلات وملوك أوروبا.. ويتهم رجال الثورة بأنهم جمعوا عشرين لوحة عارية من غرف قصر القبة لأنها محرمة في نظر المتعصبين منهم ولا يدري أين اختفت. واضح أن هذه المذكرات كانت تحتوي علي المزيد من خبايا كنوز القصور المصرية التي اختفت وبالتأكيد ايضا.. هناك كشوف تم إعدادها بواسطة لجان الجرد عقب قيام الثورة والتي تمت في جميع القصور الملكية وغيرها. هذه الكنوز ليست ملكاً لا للملك ولا رئيس الجمهورية بل هي ملك لمصر.. كما قال الملك فاروق نفسه. وبالمناسبة اتساءل أين المقر الرسمي لرئيس الجمهورية.. إن كل رئيس يأتي لمصر يتخذ من أحد المواقع القريبة لبيته.. مقراً لرئاسة الجمهورية.. مثل ذلك الرئيس جمال عبدالناطر عندما اتخذ من منشية البكري مقراً لإدارة البلاد.. وفعل ذلك أنور السادات وجعل من الجيزة مكتبه لرئاسة الجمهورية وكذلك جعل الرئيس السابق حسني مبارك من مصر الجديدة مقراً للرئاسة أما القصور مثل عابدين والقبة وغيرها فكانوا يتركونها لمساعديهم ورجال الرئاسة. والله أعلم من المتسبب في اختفاء هذه المقتنيات. ويجوز أن تكون هناك مسئولية علي وزير الثقافة السابق ففي عهده سرقت لوحات من المتاحف الفنية.. ولم يستدل علي السارق - وفي عهده ايضا أدعي أحد الأشخاص عثوره علي خبيئة ثمينة في أسوان وعندما ذهب الوزير ومعه عدد كبير من الصحفيين ورجال الإعلام في مصر والخارج.. كان هذا الشخص قد اختفي وبحث الوزير عنه وعن الخبيئة.. ولكن كل شيء كان وهماً.