موعد صلاة عيد الأضحى 2025 بجميع محافظات الجمهورية.. اعرف التوقيت في مدينتك    استقرار أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 2 يونيو    محافظ القاهرة يتفقد مجزر 15 مايو لمتابعة الاستعدادات لاستقبال الأضاحي    «الإحصاء»: 38.6 ٪ انخفاض العجز في الميزان التجاري خلال شهر مارس 2025    الموجة 26 لإزالة التعديات| هدم 18435 تعدٍ.. ومنع المخالفات الجديدة    أسعار النفط ترتفع بعد تزايد المخاوف من الصراعات الجيوسياسية    المنيا.. قوافل بيطرية مجانية تجوب القرى للحفاظ على الثروة الحيوانية ومنع ذبح الإناث في عيد الأضحى    جولة جديدة من المفاوضات بين الروس والأوكرانيين في إسطنبول    إدارة ترامب تواجه انتقادات قضائية بسبب تضليل في ملف الهجرة علنًا    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    مهندس صفقة شاليط: مواقف إسرائيل وحماس متباعدة ويصعب التوصل لاتفاق    الأمم المتحدة: الاحتلال الإسرائيلي يخنق المدنيين في غزة.. 18% فقط من مساحة القطاع آمنة    كروز أزول يكتسح فانكوفر بخماسية ويتوج بلقب دوري أبطال كونكاكاف    "فيفا حسمها".. خبير لوائح يصدم الزمالك بشأن موعد رحيل زيزو    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    مدير تعليم القليوبية يتابع انتظام لجان الشهادة الإعدادية العامة بغرفة العمليات المركزية    طقس مكة والمشاعر اليوم.. تقلبات مناخية والأرصاد السعودية تحذر من رياح نشطة وأتربة مثارة    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالمحافظات لاستقبال عيد الأضحى    محاكمة عصابة سرقة المواطنين في حدائق القبة.. اليوم    بالفيديو.. مدير مشروع حدائق تلال الفسطاط: المنطقة الثقافية بالحدائق جاهزة للتشغيل    بالفيديو.. أستاذ تاريخ إسلامي: مظاهر عيد الأضحى لم تتغير منذ دخول الإسلام مصر    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    الصحة تحتفل بإنجاز مصر والاعتراف بها أول دولة في منطقة إقليم شرق المتوسط تحقق الهدف الإقليمي للسيطرة على التهاب الكبد الوبائي B    مستشفى الخانكة التخصصي ينقذ رضيعة تعاني من عيب خلقي نادر    مد فترة حجز شقق "سكن لكل المصريين7" لهذه الفئة    لبنى عبد العزيز: «الإذاعة بيتي كإني إتولدت فيه»| فيديو    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل القيادة البولندية الجديدة العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    يتبقى بطل كوبا ليبرتادوريس.. كروز أزول خامس المتأهلين إلى كأس إنتركونتيننتال 2025    فتح باب التقديم الإلكترونى للصف الأول الابتدائى ورياض الأطفال بدمياط    وزير الاستثمار يوصي مصر القابضة للتأمين بمواصلة جذب الاستثمارات المباشرة وتعظيم الموارد    بالفيديو.. عميدة معهد التغذية السابقة تحذر من الإفراط في استخدام السكر الدايت    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    جامعة القناة ترسم البهجة على وجوه أطفال دار أيتام بالإسماعيلية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    مجلس الوزراء : إصدار 198 قرار علاج على نفقة الدولة خلال شهر مايو الماضى    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    خبير لوائح: هناك تقاعس واضح في الفصل بشكوى الزمالك ضد زيزو    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلي عمِّنا .. خيري شلبي
نشر في المساء يوم 06 - 10 - 2014

بين وميض الميلاد ولحظات الموت عشت يا سيدي حياة حافلة بالأتراح ضنينة بالأفراح. فلقد وُلِدتَ بقرية شباس عمير مركز قلين التابع لمحافظة كفر الشيخ . تلك المحافظة التي شهدت ميلاد حورس ابن ايزيس تلك المرأة التي راحت تجمع بإصرار عجيب أشلاء زوجها بعد أن مزقه ست.
هذا الإصرار كان ماثلا أمام عينيك وأنت تحيا في أسرة فقيرة. فلم تستسلم لدوامات اليأس وأمواج الإحباط. فشرعت تعمل رغم سنك الصغيرة في مهن شتَّي. كجامع قطن. وحدَّاد. ونجار. وبائع جائل في المواصلات العامة.
كنت لا تجد غضاضة في ذلك. فالسعي إلي لقمة العيش بعرق الوجه طريق سوية.
تصديتَ للفقر كما تصدي أبناء قريتك للحملة الفرنسية حين قدومها من رشيد. وبدأتَ رحلة الكتابة مستلهماً تاريخ أجدادك الذين شيدوا تلالاً تناثرت علي أرض إقليمك. ونحتوا التماثيل لحورس الصقر. ورمسيس الثاني. وغيرهما. ونحتوا علي لوحات الجرانيت أسماء ملوكهم.
كنت تعي قيمة محافظتك وطهارتها. فقد مرت بها العائلة المقدسة في رحلتها المباركة لتري في ترابها ملح الأرض. وفي أجوائها نور العالم.
وكنت تعرف أن إقليمك أنجب عمالقة عظاماً كسعد زغلول في السياسة. وإبراهيم الدسوقي في التصوف. وعلي إبراهيم في الطب. وعلي مبارك في نهضة التعليم. ويوسف غراب في الأدب. فقررتَ يا سيدي أن تسلك سبلهم في الرفعة والرُّقي. وكانت ذكراهم حافزاً يحثك علي المضي قدماً في طريق صعبة عنوانها القصة والرواية حتي صار اسمك يعانق الآفاق.
لقد رفعتَ يا سيدي قواعد ثقافتك من تراث أصيل "الفلكلور المصري الخيال الشعبي السّير الملاحم". واطلعتَ ما استطعت علي آداب عالمية ونهلت من سطور كُتَّاب عاصرتهم "طه حسين توفيق الحكيم نجيب محفوظ" وغيرهم.
وكان واقعك المصري شغلك الشاغل بما مرَّ به من انتصارات وانكسارات وطبقات مهمَّشة من حرفيين وفلاحين.
كنا نري يا سيدي في رواياتك مساحات من حقول خضراء. وأشجاراً سامقة. وتُرعاً ممتدة. ومدقات ترابية. وبنايات لبنية. ونوارج. وحمائم. وطيوراً. ونشم عبق نعناع الجناين. ونلمس الصبار. ونقتاد البغال. ونجمع لوزات القطن. ونحصد الزرع. وننثر البذور.
لن ننسي يا سيدي منامات عم أحمد السماك لقد سبرت في هذه الرواية أغوار شخصية بسيطة. وألقيت الأضواء عليها من خلال أحلامها ورؤاها التي هي رؤانا جميعاً. جئت بهذه الشخصية لتؤكد إنسانية الإنسان أياً كان مكانه ومكانته. لقد كان انحيازك لكل المهمشين والبسطاء انحيازاً يكشف عن مساحاتي داجية في أعماق هؤلاء.
كنت تكتب بإرادة لا تنكسر. وعزيمة لا تفتر. وإحساس لا يموت.
كنت تكتب بقلب شاب. ولغة فتيَّة. حتي أنك قلت: إحساس الكبر لا يلائمني كم كانت نظرتك ثاقبة ورؤيتك واثقة وأنت تقول علي لسان إحدي شخوصك: لا تخف إن البلل لن يأتيك من ماء البحر بل من الخوف. والغرق ليس في أعماق البحر بل في أعماقك أنتَ.
ولقد أجدتَ يا سيدي رصد القرية المصرية وأحوالها بدقة مرهفة بصورة جعلت نجيب محفوظ يحجم عن تناول القرية ويقول: كيف أكتب عن القرية المصرية ولدينا خيري شلبي.
لقد كنت جديراً بأن تُقدِم لك السينما المصرية بعض رواياتك. وكان فيلم الشطار عن رواية بنفس العنوان. وكذلك سارق الفرح. وقدم لك التلفزيون مسلسلات الكومي عن ثلاثيتك الخالدة الأمالي. والوتد. ووكالة عطية.
ولأن رواياتك تخاطب الإنسان عامة بصرف النظر عن دينه ولونه ولسانه وجنسه فقد تُرْجِمَتْ معظمها إلي الروسية والصينية والإنجليزية والفرنسية والأوردية والعبرية والإيطالية.
ولقد تُوِجتَ عن جدارة بأوسمة وجوائز لعل أهمها وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولي. وجائزة أفضل رواية عربية عن رائعتك وكالة عطية وجائزة أفضل رواية عن الصهاريج كأفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب. ونلت جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2005م.
ولكونك تستحق أكثر التفتت إليك الدراسات الأكاديمية. فتناولت أعمالك رسائل ماجستير ودكتوراه في مصر والسعودية وألمانيا.
ولقد توليت يا سيدي رئاسة تحرير سلسلة الدراسات الشعبية لتتهيأ لك الفرصة في الحفاظ علي تراثنا من سير وملاحم وبطولات خارقة. وها أنتَ تعلن علي العالم أن الواقعية السحرية ليست من ابتداع الرواية الأمريكية اللاتينية. وإنما أمريكا اللاتينية قد أخذتها وتعلمتها من الملاحم الشعبية العربية عبر الثقافة الأندلسية الكامنة في اللغة الأسبانية .
وإذا كنا يا سيدي قد اختلفنا معك أثناء رئاستك لتحرير مجلة الشعر حول ألوان الشعر وأطياف الشعراء. فإن الخلاف في الرأي لم يفسد للود قضية. هكذا تعلمنا منك.
إن ما حققتَه يا سيدي لا يمكن لأحد أن يهون منه أو يتجاهله. ذلك أن مسيرتك الأدبية والتي امتدت لأكثر من نصف قرن صارت نجما يهتدي به متذوقو الأدب الراقي ودارسوه في وطننا العربي.
أما عن الموت فقد اقتربتَ منه وصاحبته. واخترت المقابر مكاناً تكتب فيه روائع أعمالك. وكأنك بذلك تقيم علاقة حميمة بين ثالوث غير قابل للانفصام "أنتَ والموتُ والإبداع".
ويأتي شعور اقتراب الموت. فتواصل الكتابة وتؤكد: عندما يشعر الإنسان أن الموت قريب يحاول أن يفعل شيئاً مفيداً قبل الرحيل.
وأَشْهَدُ يا سيدي ويشهد معي أترابك وعشاق إبداعك وتلاميذك ومريدوك أن ما أصدرتَه من روايات ومجموعات قصصية وكتابات أسهمت بشكل كبير في إثراء ثقافتنا العربية المعاصرة.
واليوم يا سيدي تمر سنوات ثلاث علي رحيلك. هو قدرك وقدرنا. فلا نملك غير الترحم عليك. والدعاء لك. والحفاظ ما استطعنا - علي ماانجزت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.